وجه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال تشارلز براون انتقاداً نادراً لاستراتيجية الحرب الإسرائيلية، محذراً من أن فشل القوات الإسرائيلية في الاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها من حركة "حماس" في شمال غزة قد يكون له آثار طويلة المدى، وفق "بوليتيكو".
وقال براون، الذي قضى سنوات من الخدمة العسكرية في الشرق الأوسط، خلال مؤتمر صحافي: "ليس عليك فقط الدخول فعلياً والقضاء على أي خصم تواجهه، بل عليك الدخول والسيطرة على المنطقة ثم عليك تحقيق الاستقرار فيها".
وشدد براون، الذي نادراً ما يُوبّخ القوات الإسرائيلية، على أن التكتيك الإسرائيلي المتمثل في طرد مقاتلي "حماس" من منطقة واحدة ثم المغادرة يجعل تحقيق الاستقرار الدائم أكثر صعوبة. وبدلاً من ذلك، أشار إلى أنهم يتنازلون عن الأرض لعودة "حماس" وتقويض الجهود الإنسانية لمساعدة السكان في غزة.
ولفتت "بوليتيكو" إلى أنه في الأسابيع التي تلت هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر، شن الجيش الإسرائيلي توغلاً برياً في شمال غزة للقضاء على مقاتلي الحركة. وبعد أسابيع من القتال العنيف، قالت إسرائيل إنها انتصرت في المعركة في شمال القطاع، وسحبت جميع قواتها باستثناء عدد قليل منها.
وعاد مقاتلو "حماس" منذ ذلك الحين إلى مناطق شمال غزة، مما أجبر إسرائيل على محاولة استعادة الأراضي التي استولت عليها بالفعل. وقد أثار تجدد الاشتباكات التساؤلات بشأن المدة التي سيستمر فيها القتال في غزة، وما إذا كان هدف الحكومة الإسرائيلية المتمثل في القضاء على "حماس" قابلاً للتحقيق، وفق المجلة الأميركية.
سحب القوات وترك الأرض
وأوردت التقارير، خلال الأسبوع الماضي، تفاصيل عن اشتباكات عنيفة في شوارع جباليا المكتظة بالسكان، وتجدد الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف في المدينة مع اشتداد المعارك.
وقال براون، مستفيداً من الدروس التي تعلمتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، إن "سحب إسرائيل لقواتها يسمح لخصمك بإعادة التموضع في المناطق إذا لم تكن هناك"، وأضاف أن الاضطرار إلى العودة إلى المناطق نفسها عدة مرات يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لإسرائيل فيما يتعلق بالقدرة على تحقيق أهدافها المتمثلة في تدمير "حماس" وهزيمتها عسكرياً.
وأشار براون، في تصريحاته، إلى التحديات المتعددة التي تواجه هزيمة "حماس"، وقال: "حماس ليست مجرد منظمة، إنها إيديولوجية، لذا عليك أن تفكر بمنظور شمال لتوفير الأمن ليس لإسرائيل فحسب، بل للمنطقة أيضاً".
وقالت الحكومة الإسرائيلية إنها تعتزم تفكيك "حماس"، وقتل أو اعتقال قيادتها، وإنقاذ ما يقرب من 130 إسرائيلياً ما زالوا محتجزين لدى الحركة.
وبعد مرور 8 أشهر على الحرب، لم تحقق إسرائيل أياً من هذه الأهداف. وتتزايد التوترات داخل الحكومة الإسرائيلية، مع دعوات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى وضع خطة علنية للحرب وتداعياتها.
ووجه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه، الاثنين، انتقادات حادة إلى حكومة نتنياهو اليمينية برفضه فكرة الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد لغزة بعد الحرب.
وقال جالانت إن استقرار غزة "لن يتحقق إلا بمشاركة جهات فاعلة دولية"، معبراً عن رفضه "إقامة حكم عسكري إسرائيلي في غزة".