تراجعت إسرائيل، الثلاثاء، عن قرار وقف تغطية وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية المباشرة للحرب على قطاع غزة، بعد تعرضها لانتقادات أممية ودولية في أعقاب هذه الخطوة.
وجاء قرار قطع التغطية بعدما اتهمت وزارة الاتصالات الإسرائيلية "أسوشيتد برس" بانتهاك قانون جديد يحظر تزويد قناة "الجزيرة" القطرية بمشاهد من القطاع.
وقالت الوزارة إن مفتشيها "صادروا المعدات" تنفيذاً لأوامر وافقت عليها الحكومة "بموجب القانون".
وأكدت الوكالة الأميركية أن مسؤولين إسرائيليين صادروا الكاميرا ومعدات البث الخاصة بها في موقع في بلدة سديروت الإسرائيلية المطلة على شمال قطاع غزة.
غير أن وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو قرعي أعلن، الثلاثاء، التراجع عن القرار عقب طلب البيت الأبيض من إسرائيل بهذا الخصوص. وقال في بيان: "أصدرت الأمر بإلغاء العملية وإعادة المعدات لوكالة AP".
وكانت وكالة الأنباء أدانت بـ"أشد العبارات تصرفات الحكومة الإسرائيلية بإيقاف بثنا المباشر طويل الأمد". ونددت بـ"الاستخدام التعسفي" لقانون البث التدفقي الأجنبي الجديد في إسرائيل.
وأضافت في بيانها: "نحث السلطات الإسرائيلية على إعادة معداتنا وتمكيننا من استئناف البث المباشر على الفور، حتى نتمكن من الاستمرار في تقديم هذه الصحافة المرئية المهمة لآلاف من وسائل الإعلام حول العالم".
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن قناة "الجزيرة" كانت من بين آلاف العملاء الذين يحصلون منها على خدمة البث المباشر.
لبيد: الحكومة أصيبت بالجنون"
وعلّق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد على قرار قطع البث في تصريحات على منصة "إكس"، قائلاً إن الحكومة "أصيبت بالجنون".
وكتب "هذه ليست الجزيرة، إنها وسيلة إعلام أميركية حازت 53 من جوائز بوليتزر" التي تمنحها سنوياً جامعة كولومبيا الأميركية.
وطلب البيت الأبيض من إسرائيل التراجع عن قرارها. وقال متحدث باسم البيت الأبيض: "نتواصل بشكل مباشر مع الحكومة الإسرائيلية للتعبير عن مخاوفنا بشأن هذا الإجراء ولمطالبتها بالتراجع عنه".
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار قد صرحت للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية: "من الواضح أن ذلك يثير القلق، ونريد النظر فيه".
هجوم على حرية الصحافة
ووصفت الأمم المتحدة قرار إسرائيل بـ"الصادم". وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش للصحافيين: "بصراحة، إنه أمر صادم جداً. ينبغي أن يكون الصحافيون قادرين على أداء عملهم بحريّة. ينبغي السماح لوكالة أسوشيتد برس... بالقيام بعملها بحرية وبدون مضايقات".
وقُطع بث قناة "الجزيرة" القطرية في إسرائيل في وقت سابق هذا الشهر إثر تصويت حكومة بنيامين نتانياهو لصالح إغلاقها على خلفية تغطيتها للحرب في غزة.
وأُغلقت مكاتب الجزيرة في القدس المحتلة، وصُودرت معداتها وسُحبت تصاريح فريقها.
كما عبَّرت رابطة الصحافة الأجنبية في إسرائيل عن "قلقها" إثر مصادرة معدات "أسوشيتد برس".
وقالت في بيان إن "قرار إسرائيل اليوم منحدر زلق"، محذَّرة من أنه قد يؤدي إلى منع تغطية وكالات أنباء دولية أخرى لغزة. كما أدانت سجل إسرائيل "الكئيب" المتعلق بحرية الصحافة خلال الحرب في غزة.
وفي مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، احتلت إسرائيل المرتبة 101 من بين 180 دولة. ونددت المنظمة، الثلاثاء، بقرار إسرائيل قطع تغطية "أسوشيتد برس" لقطاع غزة، ووصفته بأنه "رقابة شنيعة".
مصادرة كاميرا ومعدات
وقالت "أسوشيتد برس" إن مسؤولين من وزارة الاتصالات الإسرائيلية وصلوا إلى موقع الوكالة في بلدة سديروت في جنوب إسرائيل، بعد ظهر الثلاثاء، وصادروا المعدات.
وأضافت أن المسؤولين سلموها وثيقة موقّعة من الوزير قرعي، ورد فيها أن الوكالة تنتهك قانون البث الجديد في البلاد. وأكدت الوزارة الوقائع في بيان.
وبحسب الوثيقة، فإن مصوري الوكالة يصورون قطاع غزة بانتظام من شرفة منزل في سديروت، ويتم "التركيز على أنشطة جنود الجيش الإسرائيلي ومواقعهم".
وورد فيها أيضاً: "على الرغم من أن مفتشي وزارة الاتصالات حذروهم من أنهم يخالفون القانون وأن عليهم منع الجزيرة من الحصول على محتواهم وعدم نقل البث إلى الجزيرة، إلا أنهم استمروا في ذلك".
وأشارت الوثيقة إلى أن "مفتشي وزارة الاتصالات مارسوا عملهم في سديروت كما فعلوا الأسبوع الماضي في الناصرة، وفقاً للأوامر التي صادقت عليها الحكومة وتبعاً للقانون، وصادروا المعدات" في إشارة إلى معدات قناة "الجزيرة".
وصادر مسؤولون إسرائيليون، الأسبوع الماضي، معدات البث من استوديو الجزيرة في مدينة الناصرة شمال إسرائيل.
وأكدت "أسوشيتد برس" أنها كانت قبل مصادرة معداتها تبث مشهداً عاماً لشمال قطاع غزة، مشيرة إلى أن اللقطات الحية أظهرت دخاناً يتصاعد فوق قطاع غزة بشكل عام.
وأضافت: "تلتزم وكالة أسوشيتد برس بقواعد الرقابة العسكرية الإسرائيلية، التي تحظر بث تفاصيل مثل تحركات القوات بما يُعرّض الجنود للخطر".