بلا تأثير أو استراتيجية.. أصوات من إدارة بايدن تشكو "قلة الحيلة" في حرب غزة

مسؤولون أميركيون لـ"الشرق": توجه واشنطن غير واضح.. وزيارات الشرق الأوسط دون جدوى

time reading iconدقائق القراءة - 6
مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض. 27 يوليو 2021 - REUTERS
مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض. 27 يوليو 2021 - REUTERS
واشنطن -هبة نصر

في وقت تتواصل فيه التسريبات عن اختلاف المقاربات بشأن الحرب على غزة داخل الإدارة الأميركية، بقيت خارج دائرة الضوء فئة من الموظفين والمسؤولين الذين ما انفكوا يعملون منذ سبعة أشهر على الملف "دون وجهة واضحة"، وكأنهم يدورون في حلقة مفرغة.

وقال أحد هؤلاء المسؤولين لـ"الشرق": "نقرأ ما كُتب عن الأميركيين العرب داخل الإدارة، عن هواجسهم، ونسمعها.. عن الأميركيين اليهود، وبعدها نمضي في يومياتنا ونتساءل: هل يلتفت أحد إلينا؟".

وفي رده على سؤال بشأن حجم الفئة التي تعتبر نفسها خارج الحسابات السياسية لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قال هذا المسؤول: "عقدنا نحن المتفرغون لهذا الملف (حرب غزة)، مئات الاجتماعات واستهلكنا مئات الأوراق". مضيفاً: "لو أننا لم نجتمع ولم نكتب لما اختلف شيء في العالم اليوم على أي حال".

وعبّر هؤلاء المسؤولون لـ"الشرق"، عن شعورهم بـ"محدودية تأثير الولايات المتحدة الأميركية" في ملف حرب غزة، فيما قال أحدهم: "لا أحد يستمع إلينا، بمن فيهم السلطة الفلسطينية". 

ويشير هؤلاء المسؤولين إلى التصريحات الأميركية المعارضة لعملية عسكرية برية في غزة مع بداية الحرب، وعن الموقف الأميركي من اجتياح رفح، وكيف بقيت هذه التصريحات مجرد كلام لم ينعكس على أرض واقع.

وسجّل التباين في المقاربتين الأميركية والإسرائيلية بشأن حرب غزة، محطات فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين. 

وينعكس هذا الإحباط بين المسؤولين الأميركيين، في غياب القدرة على التفكير بفعالية، وابتكار الحلول، واستباق الأزمات، بما يمكن أن يحد من حجم الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة. 

"لا استراتيجية أميركية لإنهاء الأزمة" 

وتواجه الإدارة الأميركية تحدياً كبيراً في سعيها لإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وكانت إدارة بايدن قد هددت في أعقاب الهجوم الإسرائيلي الذي قتل عاملين في منظمة "وورلد سنترال كيتشن" بغزة، أنه إذا ما لم تسمح إسرائيل بزيادة حجم المساعدات الإنسانية، فإنها ستغير من سياستها تجاه الحرب، في تلميح إلى إمكانية فرض قيود على المساعدات العسكرية لإسرائيل. 

وبالإضافة إلى أزمة المعابر المغلقة، تواجه عملية إدخال المساعدات عبر المرفأ العائم الذي بنته أميركا قبالة شاطئ غزة، تحديات في عمليات التوزيع.

وتسبّب تعليق إرسال شحنة من القنابل إلى إسرائيل، في سجال سياسي حاد في واشنطن، إذ لا تزال إدارة بايدن تعمل على تبرير هذه الخطوة، من دون إعلان تراجعها عن هذا الموقف.

ويقول هؤلاء الموظفون في الإدارة الأميركية، إنه "لا توجد أي استراتيجية أميركية لإنهاء الأزمة، ولا لليوم الثاني بعد الحرب". 

وأضاف أحدهم مستهجناً: "في كل مرة أسمعهم يقولون للصحافيين إن هناك أملاً بالوصول إلى وقف لإطلاق النار.. نحن لا نقوم بشيء.. لا شيء. حتى إننا أحياناً نتساءل ما هو سبب كل هذه الرحلات إلى الشرق الأوسط".

وزار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الشرق الأوسط، 7 مرات منذ السابع من أكتوبر 2023، بالإضافة إلى زيارات متكررة لمستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومنسق شؤون الشرق الأوسط بريت ماكجورك، والزيارة الشهيرة للرئيس الأميركي جو بايدن في أكتوبر.

وبينما لا يزال البعض في أروقة الإدارة يعملون على الملف، رغم التململ والإحباط من غياب سياسة واضحة، هناك فئة أخرى من المعارضين لمواقف الإدارة اختاروا المغادرة بصخب عبر استقالات علنية، حملت عبارات مثل "بايدن يجعل اليهود واجهة لآلة الحرب الأميركية"، و"الدعم غير المشروط لإسرائيل يشجع على التصعيد المتهور الذي يهدد بحرب أوسع"، و"استقلت لأنني أصبحت غير قادر على العمل على سياسة أكثر إنسانية داخل الحكومة الأميركية".

ومن بين هؤلاء المستقيلين يلي جرينبيرج كول، المساعدة الخاصة لكبير موظفي وزارة الداخلية الأميركية وأول مسؤولة يهودية في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، والمسؤول السابق بالمخابرات العسكرية الأميركية الرائد هاريسون مان، وهالة راريت المتحدثة الناطقة بالعربية باسم وزارة الخارجية الأميركية، وأنيل شيلين من مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية، وجوش بول، مدير مكتب شؤون الكونجرس والشؤون العامة في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الخارجية الأميركية.

غموض ومعلومات مجتزأة

وفي حديثهم عن الغموض المتبادل في الأدوار بين مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، قال هؤلاء المسؤولين: "هناك شعور عام بأن كل طرف يقدم معلومات مجتزأة"، معتبرين أن "الاتجاه العام للسياسة الأميركية ليس واضحاً لكل من يعمل على هذه القضية".

ولعل أبرز مثال على هذا الموقف هي مدينة رفح، التي نزح إليها أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة. إذ يقول العاملون على هذا الملف أنهم هم أنفسهم لا يعرفون الموقف الفعلي للإدارة الأميركية، بشأن ما تريده بوضوح.

ويقول البيت الأبيض رسمياً، إن موقف بايدن "واضح" من الاجتياح الإسرائيلي لرفح، إذ يعارض أي هجوم بري كبير بآلاف الجنود والآليات العسكرية، ويعتبره "خطاً أحمر" سيؤدي إلى وقف الإمدادات العسكرية إلى إسرائيل.

ورغم تحذيرات بايدن، فإن الجيش الإسرائيلي مستمر في مهاجمة مناطق في رفح، ويقصف المدينة باستمرار.

كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصر في تصريحاته المتكررة على مهاجمة رفح، ويقول إنه سينفذ هذا الهجوم، حتى لو لم توافق عليه أميركا.

وفي مقابلة مع شبكة CNBC NEWS هذا الأسبوع، قال نتنياهو إن تل أبيب "لا تخشى وقف المساعدات العسكرية الأميركية"، مشيراً إلى ما حدث مع إدارة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريجان في عام 1981، عندما أوقف شحنات أسلحة إلى إسرائيل، بسبب مهاجمتها  "مفاعل تموز" في العراق، قبل أن يعيدها بعد بضعة أشهر.

تصنيفات

قصص قد تهمك