أظهرت النتائج الأولية للانتخابات العامة في جنوب إفريقيا، الخميس، اتجاه حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، إلى خسارة الأغلبية البرلمانية التي ظل يتمتع بها منذ 30 عاماً، فيما سيكون التحول السياسي الأكثر دراماتيكية منذ نهاية الفصل العنصري.
ووفقاً لما أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإنه مع فرز 16% من الأصوات على المستوى الوطني، حصل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على 42.5%، وهو أسوأ مما توقعته العديد من استطلاعات الرأي، رغم أن المحللين حذروا من أن هذه النسبة قد تزيد مع فرز المزيد من الأصوات.
وكان أداء حزب التحالف الديمقراطي المعارض الرئيسي، أفضل من المتوقع بنسبة 25.6%، فيما نال حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" بزعامة جوليوس ماليما 8.5% من الأصوات.
ويحدد نموذج النتائج المتوقعة، الذي وضعه مجلس البحوث العلمية والصناعية في جنوب إفريقيا، الحصة المحتملة لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي في التصويت النهائي بنسبة 41.7%، والحزب الديمقراطي بنسبة 21.3%، وجبهة الجبهة الخارجية بنسبة 9%.
وستمثل النتيجة انخفاضاً حاداً لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي فاز بنسبة 57.5% في انتخابات عام 2019، عندما قام الرئيس سيريل رامافوسا بحملته الانتخابية على وعد بالقضاء على الفساد المنتشر وإصلاح الحزب الحاكم.
"سيناريو يوم القيامة"
وإذا انخفضت نسبة تأييد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى ما دون 45% بشكل كبير، فقد يجد الحزب صعوبة في تشكيل ائتلاف حكومي مع أحزاب صغيرة، وقد يحتاج حتى إلى طلب الدعم من الجبهة الخارجية وهي النتيجة التي أطلق عليها بعض المحللين "سيناريو يوم القيامة".
ومع ذلك، يقول المحللون إن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي أن يتمكن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي من تشكيل ائتلاف مع الأحزاب الصغيرة الأقل قدرة على المطالبة بتغييرات كبيرة في السياسة مقابل دعمها.
ويبدو أن حزب "أومكونتو وي سيزوي" الذي يتزعمه الرئيس السابق جاكوب زوما، الحزب الراديكالي الذي تم تشكيله قبل ستة أشهر فقط، حقق أداءً طيباً في إقليمه كوازولو ناتال، ما من شأنه أن يلحق بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي هزيمة ثقيلة في ثاني أكبر إقليم من حيث عدد السكان في جنوب إفريقيا.
وقال المحلل السياسي فرانس كرونجي لـ "فاينانشيال تايمز"، إنه حتى في الأسابيع القليلة الماضية، حقق حزب المؤتمر الوطني الإفريقي مكاسب، لكن هذا توقف بعد أن وقع رئيس البلاد على مشروع قانون جديد مثير للجدل للتأمين الصحي، ما أضر به بين الطبقة المتوسطة الطامحة.
وفي الوقت نفسه، منعت المحكمة الدستورية، زوما، من الترشح للبرلمان بناءً على إدانته الجنائية، مما سمح للرئيس السابق بالقيام بحملته باعتباره ضحية لاضطهاد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم.
ومع ذلك، أصبح انقطاع التيار الكهربائي مزمناً خلال فترة ولايته، في حين ارتفعت البطالة إلى نحو ثلث السكان في سن العمل، فيما نما الاقتصاد في المتوسط بأقل من 1% سنوياً.
"نقطة تحوّل" تنذر بنهاية هيمنة الحزب الحاكم
وحذر محللون سياسيون، من أن فرز الأصوات قد يتغير، وأن أصوات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي تميل إلى الارتفاع مع استمرار فرز الأصوات، لأن فرز النتائج من معاقله في المناطق الريفية وبعض البلدات يستغرق وقتاً أطول.
لكن كرونجي، قال إن "عصر هيمنة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يبدو أنه قد انتهى".
وأضاف: "من المدهش أن نرى ذلك، لأنها الهزيمة السياسية غير الضرورية. لو ركزوا على رفع النمو إلى ما يزيد عن 2% وخلق فرص عمل على مدى العقد الماضي، بدلاً من دفع التدابير الشعبوية، لكانوا قد احتفظوا بأغلبيتهم".
بدوره، حذر المحلل السياسي في المعهد الانتخابي للديمقراطية المستدامة، إبراهيم فقير، من أنه رغم أنه من السابق لأوانه الاعتماد كثيراً على النتائج المبكرة، إلا أن الانتخابات تمثل "نقطة تحول".
وقال: "الشيء الوحيد الذي يمكننا قوله على الأقل هو أن عصر عدم اليقين الجوهري قد وصل بالتأكيد. النظام الذي بدا وكأنه مجزأ مع دخول جنوب إفريقيا عصراً جديداً من سياسات التحالف، وقد تجلى ذلك من خلال مشاركة أكثر من 50 حزباً في الانتخابات الوطنية، فضلاً عن ما يقرب من عشرة مرشحين مستقلين سُمح لهم بالترشح للمرة الأولى".
لكن فقير حذر أيضاً من أنه مع دخول جنوب إفريقيا مرحلة جديدة من السياسة، هناك خطر يتمثل في أن مؤسساتها قد تكون ناقصة، فيما لفت إلى أن النظام الانتخابي الجديد، الذي يتطلب ثلاث عمليات اقتراع منفصلة، تم الانتهاء منه قبل عام فقط، ما لا يمنح اللجنة الانتخابية الوقت الكافي للتحضير.