"بين الثقة والقلق".. تهديدات روسيا النووية تفقد أثرها لدى الغرب

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتلقى تحية حرس الشرف بعد حفل وضع إكليل من الزهور عند قبر الجندي المجهول بجوار جدار الكرملين في موسكو. 23 فبراير 2024 - Reuters
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتلقى تحية حرس الشرف بعد حفل وضع إكليل من الزهور عند قبر الجندي المجهول بجوار جدار الكرملين في موسكو. 23 فبراير 2024 - Reuters
دبي -الشرق

تلوّح روسيا مرة أخرى بأسلحتها النووية بعد إعطاء الولايات المتحدة وبعض حلفائها الغربيين "الضوء الأخضر" لأوكرانيا لشن ضربات محدودة في الداخل الروسي بأسلحة أميركية الصنع، مما يشير إلى تجاوز دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) "العتبة المسموحة" للمناورة، إذ سهّل فشل الكرملين في تنفيذ تهديداته النووية، على التحالف الغربي، اتخاذ تلك الخطوة، وفق "فاينانشيال تايمز".

والأسبوع الماضي، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دول الناتو مما وصفها بـ"العواقب الوخيمة" بشأن السماح لأوكرانيا باستخدام الذخائر الغربية لضرب الأراضي الروسية، وقال: "في أوروبا، وخاصة الدول الصغيرة، يجب أن يكونوا مدركين بما يقومون به، يجب أن يتذكروا أنهم دول ذات أراض صغيرة مع كثافة سكانية عالية، ويجب أن يأخذوا ذلك في الاعتبار، قبل الحديث عن ضرب الأراضي الروسية في العمق".

بدوره وجّه نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف، تهديدات أكثر صرامة، وقال "يمكن أن تقلل الدول الغربية من قدرة روسيا على استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، وسيكون هذا "خطأً فادحاً". 

واتخذت موسكو مؤخراً إجراءات للتأكيد على تهديداتها السابقة، حيث أجرت القوات الروسية تدريبات نووية بالقرب من الحدود مع أوكرانيا. ولم تردع هذه التحركات العديد من دول الناتو، بما في ذلك الولايات المتحدة، من اتخاذ الخطوة الأخيرة على سلم التصعيد من خلال الموافقة على استخدام أسلحتها داخل الحدود الروسية.

واعتبرت "فاينانشيال تايمز"، أن هذه الخطوة الأخيرة من جانب دول الناتو والولايات المتحدة، تعكس "مزيجاً من الثقة والتوتر".

تحول جذري ومخاطرة

وعلى الجانب الإيجابي، أصبحت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون الآن أقل قلقاً بشأن التهديد المتمثل في اكتساب روسيا أسلحة نووية، عما كانت عليه قبل 18 شهراً. وعلى الجانب السلبي، فإنهم يشعرون أيضاً بعدم الارتياح بشكل متزايد بشأن الوضع في ساحة المعركة.

ويعكس السماح لأوكرانيا بالرد على مواقع مدفعية القوات الروسية وقواعدها الصاروخية (حتى لو كانت داخل الأراضي الروسية) المخاوف من أن الأوكرانيين يخسرون الحرب تدريجياً. ونتيجة لذلك، يشعر داعمو كييف الغربيون بأنهم مضطرون إلى تحمل مستوى أكبر من المخاطرة لإبقاء أوكرانيا في المعركة. 

ويمثل استعداد الغرب لتحمل هذا المستوى من المخاطرة تحولاً جذرياً في التفكير منذ الغزو الروسي واسع النطاق في فبراير 2022. في ذلك الوقت، كانت دول الناتو متوترة بشأن تزويد أوكرانيا بأي أسلحة هجومية".

واعتبرت الصحيفة البريطانية، أن توفير الأسلحة الهجومية لكييف، بما فيها الصواريخ بعيدة المدى، والدبابات، والطائرات المقاتلة، كان دائماً مصحوباً بنقاش طويل، ومؤلم في بعض الأحيان، في الغرب، في ظل التهديدات النووية الروسية. 

"ولكن في كل مرة تتجاوز فيها دول حلف شمال الأطلسي العتبة، يفشل الكرملين في تنفيذ تهديداته النووية. وقد سهّل ذلك على التحالف الغربي اتخاذ الخطوة التالية"، وفق "فاينانشيال تايمز". 

وقالت الصحيفة، إن القول بأن الولايات المتحدة وحلفائها لم يعودوا يشعرون بالقلق إزاء الموقف النووي الروسي لا يعني أنهم يرفضون التهديد بالكامل. "في الواقع، هناك بعض المسؤولين الغربيين الذين ما زالوا يشعرون بالقلق الشديد بشأن احتمال التصعيد الذي ينطوي عليه السماح باستخدام الأسلحة، التي يقدمها الغرب، لضرب الأراضي الروسية".

هجوم مضاد وحرب بالوكالة

ويكمن قلق المسؤولين الغربيين، في أن روسيا ستعتبر هذه الخطوة الأخيرة بمثابة تصعيد لحرب بالوكالة من قبل الغرب، ويمكن أن تقوم بما تعتبره رد فعل متماثل، يتضمن ضربات مضادة على أراضي الناتو.

وقد يؤدي ذلك إلى اقتراب روسيا وحلف شمال الأطلسي من الصراع المباشر الذي سعى القادة الغربيون دائماً إلى تجنبه. ويعتقد الناتو أن العقيدة العسكرية الروسية تفترض أن موسكو لا يمكنها أن تنتصر في حرب تقليدية مع الغرب، وبالتالي تتصور الاستخدام المبكر للأسلحة النووية.

وعلى الرغم من حديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن نشر قوات فرنسية في الأراضي الأوكرانية، فإن التحالف الغربي لا يزال يحاول الحفاظ على خطه الأحمر الواضح ضد التدخل المباشر في صراع مع روسيا، وفق "فاينانشيال تايمز".

وحتى الآن، فرضت الولايات المتحدة، قيوداً كبيرة على المدى الذي يمكن أن تصل إليه أوكرانيا في الرد على القوات الروسية بأسلحة قدمتها لها الولايات المتحدة. وتتلخص السياسة الجديدة في أن أوكرانيا حرة في ضرب القوات الروسية التي تطلق النار على أوكرانيا عبر الحدود مباشرة. لكن الضربات على أهداف في عمق الأراضي الروسية لا تزال غير مطروحة على الطاولة.

وعلى الرغم من المخاوف بشأن رد روسيا المحتمل على هذه الخطوة الأخيرة، لا يزال صناع القرار في الولايات المتحدة يعتقدون أن الظروف التي يمكن أن تؤدي إلى رد فعل نووي روسي بعيدة إلى حد ما، وفق "فاينانشيال تايمز".

وكان أقرب ما وصل إليه العالم إلى أزمة نووية حقيقية بشأن أوكرانيا، حتى الآن، في أكتوبر 2022، عندما عانت روسيا من سلسلة من الانتكاسات الكارثية في الحرب، بما في ذلك خسارة خيرسون. 

تصنيفات

قصص قد تهمك