قوبل قرار هيئة الأمم المتحدة، الجمعة، بإدراج إسرائيل على القائمة السوداء للدول والمنظمات التي "تلحق الأذى بالأطفال" في مناطق النزاع، بغضب من تل أبيب وتحذير من أنه يؤثر في علاقتها بالمنظمة الدولية، فيما رحبت به السلطة الفلسطينية، واعتبرته خطوة في الاتجاه الصحيح.
وجاءت القائمة العالمية ضمن تقرير عن الأطفال والصراعات المسلحة من المقرر تقديمه إلى مجلس الأمن الدولي في 14 يونيو، ويُغطي التقرير "أعمال قتل الأطفال، أو تشويههم، أو الاعتداء الجنسي عليهم، أو اختطافهم، أو تجنيدهم، ومنع وصول المساعدات، واستهداف المدارس والمستشفيات".
وتُشير بيانات الهيئات الصحية في غزة إلى أن الحرب الإسرائيلية أودت بحياة 15 ألف و517 طفلاً في القطاع، إلى جانب عشرات الأطفال في الضفة الغربية منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر.
وأعدت التقرير الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا جامبا، وتضم القائمة قسمين، الأول للأطراف التي اتخذت تدابير لحماية الأطفال، والثاني للأطراف التي لم تفعل ذلك، ومن بينها دول وتنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة".
وأودى الهجوم الجوي والبري والبحري الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر بحياة أكثر من 36 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال بحسب أرقام السلطات الصحية الفلسطينية.
انتقادات إسرائيلية
وفي رد فعل على قرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان، إن الأمم المتحدة "أضافت نفسها إلى قائمة التاريخ السوداء، حين انضمت إلى مَن يدعمون القتلة من (حماس)".
فيما وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، القرار بأنه "مخز".
وحذّر وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أن القرار يؤثر في علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة.
وأضاف، عبر منصة "إكس": "أشعر بصدمة واشمئزاز كاملين من هذا القرار المخزي للأمين العام.. الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، ومن ثم لن يؤدي هذا القرار غير الأخلاقي إلّا إلى مكافأة حركة حماس".
واتهم وزير الخارجية الإسرائيلي، تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بأنه "يستند إلى بيانات غير موثوقة ومحرفة"، وبأنه "جزء من صناعة التقارير المحرفة والمتحيزة من منظمات مثل OCHA التي قللت مؤخراً في يوم واحد عدد الضحايا من الأطفال والنساء في حرب غزة إلى النصف دون أي تفسير، وتعتمد على بيانات وزارة الصحة التابعة لحركة حماس".
وبينما أشار كاتس إلى أن "إسرائيل ستكشف هذه التحريفات في هذه التقارير للعالم"، اعتبر أن خطوة جوتيرش ستكون لها عواقب على علاقات إسرائيل بالمنظمة الدولية.
كانت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ذكرت أن "مساع إسرائيل لإقناع جوتيريش بتجنب هذه الخطوة باءت بالفشل، وستظهر تل أبيب في القائمة السوداء التي ستنشر، الأسبوع المقبل، ضمن تقرير من المقرر توزيعه على أعضاء مجلس الأمن، تمهيداً لمناقشته في 26 يونيو".
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل أعربت عن قلقها من أن هذه الخطوة ربما تؤدي إلى فرض حظر على الأسلحة ضدها.
ترحيب فلسطيني
في المقابل، رحّبت السلطة الفلسطينية بالقرار، ونقلت وكالة "رويترز"، عن المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، قوله إن قرار وضع الجيش الإسرائيلي على قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال "خطوة في الاتجاه الصحيح لمحاسبة إسرائيل على جرائمها".
وأضاف أنه "كان يجب وضع دولة الاحتلال الإسرائيلي على هذه القائمة منذ فترة طويلة مع استمرارها في ارتكاب المجازر بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية"، مشدداً على أن "الوقت قد حان لوقف العدوان، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية"، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
فيما قال المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور إنّ "إسرائيل أفلتت من العقاب والمحاسبة على جرائمها ضدّ الأطفال الفلسطينيين لعقود طويلة، ما جعلها تتمادى في استهداف أطفالنا وإلحاق الضرر بهم".
وأضاف أنّ قرار جوتيريش هو "خطوة في الاتّجاه الصحيح نحو إنهاء ثقافة ازدواجية المعايير والإفلات من العقاب".
من جهته، قال لـ"فرانس برس"، لويس شاربونو من منظمة هيومن رايتس ووتش، تعليقاً على قرار إدراج إسرائيل على القائمة هذا العام، إنّ "هذا قرار مبرّر تماماً من قبل الأمين العام، حتى لو كان ينبغي أن يكون قد اتّخذ منذ وقت طويل".
وأضاف "هذا شيء كنّا نطالب به منذ فترة طويلة، مع إدراج حماس وجماعات مسلّحة أخرى على القائمة".
وذكر مصدر دبلوماسي للوكالة أنّ التقرير الجديد سيضمّ أيضاً حركتي حماس والجهاد.
والعام الماضي، كانت الدول المدرجة على القائمة السوداء للدول والمنظمات التي "تلحق الأذى بالأطفال" في مناطق النزاع، تشمل أفغانستان، والكونغو، ومالي، وميانمار وغيرها، بالإضافة إلى تنظيمات متشددة مثل "القاعدة"، و"داعش"، و"حركة الشباب"، و"بوكو حرام".