الصين تهدد برسوم جمركية على صادرات الاتحاد الأوروبي الزراعية

التهديدات المتزامنة مع انتخابات البرلمان الأوروبي تأتي رداً على قيود منتظرة بشأن سيارات بكين الكهربائية

time reading iconدقائق القراءة - 6
العلم الصيني بجانب علم الاتحاد الأوروبي في مقر مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل. 29 يونيو 2015 - AFP
العلم الصيني بجانب علم الاتحاد الأوروبي في مقر مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل. 29 يونيو 2015 - AFP
دبي -الشرق

حذرت الصين من أن فرض أي رسوم جمركية على صادراتها من قبل الاتحاد الأوروبي سيواجه بردود فعل سريعة من جانبها، ما سيؤدي إلى ضرب الزراعة الأوروبية ككل، وذلك في وقت تستعد فيه الكتلة لفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية المستوردة من بكين، لمواجهة ما تعتبرها ممارسات تجارية غير عادلة، بحسب مجلة "بوليتيكو".

ومن المقرر أن تبلغ المفوضية الأوروبية، الشركات المصنعة للمركبات الكهربائية في الصين في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، بفرض رسوم جمركية مؤقتة  اعتباراً من 4 يوليو المقبل، لكن الحكومة الصينية تفكر في إجراء تحقيقات لمكافحة الإغراق بشأن واردات لحوم الخنزير ومنتجات الألبان، حيث بلغت قيمة تلك الواردات في عام 2023 نحو 5 مليارات يورو، ما يعادل ربع صادرات الاتحاد الأوروبي من الأغذية الزراعية إلى العملاق الآسيوي و2% من إجمالي الصادرات، وفق ما أوردته صحيفة "جلوبال تايمز".

في هذا السياق، قال مفوض الزراعة المنتهية ولايته، يانوش فويشيكوفسكي، أثناء قيادته بعثة ترويج تجارية إلى بكين في أبريل الماضي، إنه "لا يريد أن يقع القطاع في شرك الخلافات التجارية".

من جهتها، قالت كسينيا سيموفيتش، كبيرة مستشاري السياسات التجارية في CopaCogeca، وهي أكبر جماعة ضغط للمزارعين في أوروبا، لـ "بوليتيكو"، إن "المفوضية بحاجة إلى أن تتأكد من أننا لا نتحمل فاتورة هذا النزاع"، مضيفة: "نحن لا نحب أن نعلق في مرمى النيران".  

بدوره، وصف مدير مكتب اللحوم في بلجيكا، يوريس كوينين، وهو جهة تنسيقية للتصدير، السوق الصينية بأنها "بالغة الأهمية بالنسبة لقطاع لحوم الخنزير الأوروبي"، مرجعاً ذلك إلى "حجم السوق الصينية التي لا يمكن تجاهلها، حيث أن  1.4 مليار مستهلك صيني يأكلون لحم الخنزير بكميات تفوق ما تستهلكه بقية آسيا وإفريقيا مجتمعتين".  

وأضاف: "السبب الثاني (...) هو أننا يمكننا أن نبيع في الصين منتجات بسعر الكيلو، تعد على المستوى العملي نفايات في السوق الداخلية، والتي نطلق عليها الأحشاء، حيث لا يأكل المستهلك الغربي الأنف والأذنين والذيل، أما في الصين فيمكن بيع هذه المنتجات، التي تشكل خُمس وزن الذبيحة، بقيمة تفوق لحوم الفخذ والخاصرة.  

في هذا الإطار، اشتكى كوينين من أن البروتين البرازيلي والأميركي الأقل سعراً "يقلل من حجم الصادرات الأوروبية، إذ لا يستطيع منتجو الاتحاد الأوروبي إعادة توجيه هذه الكميات بسهولة إلى الأسواق الناشئة في فيتنام والفلبين".

وتبلغ الرسوم الجمركية حالياً 12%، وسيشكل رفعها إلى 20% وقوع المُصدرين في ورطة، لكن رغم ذلك، لا يغادر الاتحاد الأوروبي سوى عُشر لحم الخنزير الأوروبي، ويذهب أقل من نصفه إلى الصين.  

ففي عام 2020، تجاوزت صادرات لحوم الخنزير المتجهة إلى الصين 7 مليارات يورو، بعد أن أجبر وباء حمى الخنازير الإفريقية ASF، البلاد على إعدام ربع قطعانها، ولكنه انخفض إلى 3 مليارات يورو العام الماضي، بعد التعافي من وباء فيروس كورونا، وتناول الناس كميات أقل من اللحوم خلال فترة أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة.

وسواء تم فرض تعريفات جمركية أم لم يتم، فإن الأسعار غير التنافسية للخنزير الأوروبي تعني أن هذا الرقم سيتراجع مرة أخرى خلال العام الجاري، وفقاً لتقديرات المفوضية.  

تهديدات متزامنة مع انتخابات البرلمان الأوروبي

وبالنظر إلى أن السياسيين لا يزالون يجفلون من ذكرى موجة احتجاجات المزارعين التي اندلعت خلال العام الجاري، فقد اتسمت بكين بالذكاء في تهديدها الزراعة الأوروبية بالتزامن مع الانتخابات الأوروبية.

وقال جاكوب جونتر، كبير محللي الاقتصاد بمعهد "ميركاتور للدراسات المتعلقة بالصين" MERICS، إن بكين من خلال التهديد برفع الرسوم الجمركية على لحم الخنزير، تحاول الاستفادة من خطوة قد تتخذها على أية حال بسبب زيادة العرض المحلي.

وأضاف أن هذه الخطوة "قد تكون طريقة جيدة بالنسبة لهم لتحقيق الاستقرار في أسعار لحم الخنزير على الصعيد المحلي".  

وتابع: "الفلاحين يشاركون دائماً في التصويت، وهم حساسون للغاية تجاه أي اضطرابات في أسعار السلع التي يبيعونها، مهما بلغت ضآلتها. ولكن مع تراجع حجم التجارة، فإن الانبطاح أمام بكين لن يحدث فرقاً كبيراً كما كان يحدث منذ بضع سنوات خلت".     

وتابع: "إذا تجاوزنا ذلك، فسيصبح الأمر أكثر وردية، فالفئة الأكبر من شحنات الأغذية الزراعية التي تستوردها الصين من الاتحاد الأوروبي تتمثل في الحبوب المصنعة، مثل الدقيق والنشا، والحبوب غير المصنعة، مثل القمح والذرة، وتأتي في المرتبة الرابعة من حيث الحجم".

وبلغت قيمة صادرات الحبوب المصنعة وغير المصنعة معاً أكثر من 4 مليارات يورو في العام الماضي، أي ما يعادل رُبع قيمة الصادرات.  

ومع ذلك، تتطلع الصين إلى تحقيق اكتفائها الذاتي شبه المكتمل من الحبوب، مع دخول أول "قانون أمن غذائي" حيز التنفيذ في البلاد الأسبوع الماضي، إذ تضع هذه الاستراتيجية الصين في المرتبة الأولى من خلال الاستيراد بشكل معتدل واستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لزيادة الإنتاج.  

تصنيفات

قصص قد تهمك