مع تصدر اليمين المتطرف.. مقامرة ماكرون الانتخابية تثير الفوضى في معسكره

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب لقاء مع نظيره الألماني فرانك والتر شتانماير في ليموج بفرنسا. 10 يونيو 2024 - AFP
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب لقاء مع نظيره الألماني فرانك والتر شتانماير في ليموج بفرنسا. 10 يونيو 2024 - AFP
دبي -الشرق

تسبب قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإعلان عن انتخابات برلمانية مبكرة، دون استعداد حزبه وتجاهله الجمهور الفرنسي، في حالة من الذعر بين الأشخاص الذين يعول عليهم للفوز بتلك "المقامرة الانتخابية"، بينما تراجعت نسب تأييد معسكر الرئيس الفرنسي في نوايا التصويت بعدما نال 18% من الأصوات، فيما حققت رئيسة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، مارين لوبان، تقدماً بنيلها نسبة 31%، حسب ما أفادت "بلومبرغ".

وكان المشرعون والمسؤولون من حزب النهضة الذي ينتمي إليه الرئيس البالغ من العمر 46 عاماً، لا يزالون يحاولون التوصل إلى خطة بشأن هذه الخطوة قبل أن يعلن عنها ماكرون، وهو ما دفع البعض إلى الرد بغضب، فيما حاول آخرون فهم المنطق السياسي الذي انطلق منه الرئيس الفرنسي، بينما كان الكثيرون متشائمين بشأن حظوظهم.

وعارض القرار رئيس الوزراء جابرييل أتال، ورئيسة الجمعية الوطنية، يائيل براون بيفيه، إذ قرر ماكرون الإعلان عن انتخابات مبكرة في محاولة لاستعادة زمام المبادرة السياسية بعد هزيمة حزبه على يد التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة لوبان في الانتخابات الأوروبية التي أجريت، الأحد الماضي.

وقال كريستوف ماريون، وهو نائب عن حزب النهضة، "كانت هناك صدمة وغضب في صفوفنا عندما أعلن ماكرون عن قراره. شعرنا وكأنه يرسلنا لخوض معركة خاسرة".

استراتيجية عالية المخاطر

لكن العديد من المشرعين والمسؤولين، يقولون إن "الاستراتيجية عالية المخاطر"، من المرجح أن تفاقم من خسائر حزبه وتقوض أي احتمالات متبقية للتقدم بأجندته الاقتصادية، في حين أن هناك احتمال بأنه، عبر هذه الخطوة، سيسلم لوبان السلطة.

وسبب إعلان ماكرون، حالة من القلق في أسواق السندات الأوروبية، الثلاثاء، مدفوعاً بتقرير يفيد بأن الرئيس ناقش استقالته من منصبه، إذا سارت الانتخابات بشكل سيئ.

وأصر ماكرون في مقابلة مع صحيفة "لوفيجارو"، على أن النتيجة لن تؤثر على منصبه كرئيس، لكن علاوة المخاطر على السندات الألمانية لا تزال عند أوسع نطاق لها منذ الأيام الأولى لجائحة كورونا في مارس 2020.

ووفقاً لاستطلاع نوايا التصويت، الذي أجري، الأربعاء، فإن حزب لوبان قد يفوز بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية بنسبة 31%، بينما سيأتي حزب ماكرون في المركز الثالث بنسبة 18%.

وأشار الاستطلاع، إلى أن 72% يعتقدون أن ماكرون "يشكل عائقاً أمام فريقه في الحملة الانتخابية"، بحسب "بلومبرغ".

وأظهر الاستطلاع الذي أجرته شركة "إيلابي" لتلفزيون BFM TV و"لا تريبيون ديمانش"، أن تحالف الأحزاب اليسارية سيحصل على 28% من الأصوات.

وأجرت المؤسسة مقابلات مع 1502 شخص عبر الإنترنت، الثلاثاء والأربعاء، قبل خطاب ماكرون الذي قال فيه إنه "لن يستقيل إذا خسر حزبه الانتخابات".

وبحسب الاستطلاع، فإن 39% يفضلون أن يصبح جوردان بارديلا، الوريث السياسي للوبان، رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، بينما يؤيد 36% رئيس الوزراء الحالي جابرييل أتال.

استنزاف سياسي

ولكن على الرغم من ذلك، فإن هذه الأرقام تستنزف معنويات المشرعين الذين يحتاجهم ماكرون لمساعدته في تحويل مسار حملته. فهم يشعرون بالفعل بأنهم تعرضوا للإهمال، وأن حزبهم غير مستعد للحملة الانتخابية، مع بقاء أقل من ثلاثة أسابيع حتى الجولة الأولى من الاقتراع.

وقال متحدث باسم ماكرون، إن جميع استطلاعات الرأي، التي أجريت منذ الأحد الماضي، تظهر أن الفرنسيين يؤيدون القرار إلى حد كبير، وأن الرئيس ينظر إليه على أنه "عمل من أعمال الثقة".

وكان من المقرر أن يعقد ماكرون مؤتمراً صحفياً لإطلاق حملته الانتخابية، بعد ظهر الثلاثاء، لكن تم تأجيله، إذ سيكون ماكرون خارج البلاد أغلب أيام هذا الأسبوع.

وسيسافر ماكرون إلى إيطاليا لحضور قمة زعماء مجموعة السبع التي تبدأ الخميس، ومن المقرر أن يحضر محادثات حول مستقبل أوكرانيا في سويسرا، وعشاءً مع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين. فيما ستعقد الانتخابات التشريعية على جولتين في 30 يونيو و7 يوليو.

واختار بعض المشرعين من حزب ماكرون عدم الترشح مرة أخرى. فبعد 7سنوات في السلطة، هناك شعور متزايد بين أقرب المقربين من ماكرون بأنهم قد يقتربون من النهاية.

"خلافات داخلية"

وقال ماكرون، الأحد، إن تهديد حزب لوبان يتطلب اتخاذ إجراءات جذرية "لتحويل المد"، مضيفاً: "لا أستطيع أن أتظاهر بأن شيئاً لم يحدث، إن صعود القوميين والدجالين يشكل خطراً ليس فقط على أمتنا، بل وأيضاً على أوروبا، وعلى مكانة فرنسا في أوروبا والعالم".

وقال أحد المشرعين من حزب الرئيس الفرنسي، إنهم "منزعجون من احتمال فقدان العشرات من زملائهم لوظائفهم، ويخشون التحدث خوفاً من وصفهم بالخائنين أو الجبناء".

وقال مسؤول كبير عمل في وزارات مختلفة تحت قيادة ماكرون، إن قرار الرئيس "يُعرض بعض الأولويات الدولية لفرنسا للخطر، مثل الجهود المبذولة لمعالجة مسألة تغير المناخ". وقال دبلوماسي إن فرنسا تدفع الاتحاد الأوروبي لإبرام أكبر عدد ممكن من الاتفاقيات هذا الشهر.

وفي مجموعات التواصل الخاصة، كان الموظفون المدنيون، يحاولون معرفة الآثار الدستورية في حال تولي مرشح من التجمع الوطني منصب رئيس الوزراء، وما إذا كان ماكرون سيظل يمثل فرنسا بمفرده في قمم الاتحاد الأوروبي.

والتقى رئيس الوزراء الفرنسي جابرييل أتال، الثلاثاء، بمشرعين من حزبه في محاولة لحشدهم، وبحسب شخص مطلع على المناقشات، فقد أقر بأن قرار الرئيس كان "وحشياً" بالنسبة للمشرعين وموظفيهم الذين سيتعين عليهم مواجهة هذه الحملة. وحثهم على عدم الاعتقاد بأن النتيجة محسومة سلفاً.

ومع ذلك، يشكك كبار الشخصيات في حركة ماكرون علناً في قرار الرئيس. وقالت براون بيفيه، التي عينها ماكرون لرئاسة الهيئة التشريعية، لقناة "فرانس 2"، الاثنين، إنها تعتقد أن "مساراً آخر" كان ليكون أفضل.

وتم تعيين أتال رئيساً للوزراء في يناير الماضي، بينما سعى ماكرون إلى تجديد حكومته، إذ تم اختياره جزئياً لمواجهة جاذبية زعيم حزب لوبان، جوردان بارديلا، الذي ساعد في توسيع جاذبية اليمين المتطرف بين الشباب. ومع ذلك، سقط حزب ماكرون في هزيمة مذلة.

وقال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، لقناة BFM التلفزيونية: "إما أن تكون هناك أغلبية واضحة، أو نخاطر بأزمة حوكمة"، مؤكداً أن "ما هو على المحك في غضون أسابيع قليلة هو مستقبل الأمة الفرنسية".

وكان بإمكان ماكرون السماح بفترة تصل إلى 40 يوماً بين حل البرلمان والجولة الأولى من التصويت، لكنه اختار بدلاً من ذلك القيام بذلك في 20 يوماً فقط، ما زاد من الضغط على معارضيه، ولكن أيضاً على الفرنسيين. 

تصنيفات

قصص قد تهمك