مخاوف "التجسس الصيني" تعرقل طرح شارات عسكرية جديدة في بريطانيا

مسؤولون في الجيش البريطاني يؤجلون طرح أجزاء من أزياء الجنود مصنعة في الصين خشية وضع أجهزة تتبع

time reading iconدقائق القراءة - 5
ملك بريطانيا تشارلز الثالث خلال عرض للحرس الملكي في قلعة وندسور غرب لندن. 10 يونيو 2024 - AFP
ملك بريطانيا تشارلز الثالث خلال عرض للحرس الملكي في قلعة وندسور غرب لندن. 10 يونيو 2024 - AFP
دبي -الشرق

أجّل الجيش البريطاني طرح شارات عسكرية مُعاد تصميمها بعد تقلد الملك تشارلز الثالث العرش، لمخاوف من إمكانية صنع الشارة الجديدة في الصين، ما يسمح للأخيرة بإدخال أجهزة تتبع وتجسس، وفق ما أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز".

ويعمل الجيش البريطاني، الذي يحمل شعاراً ملكياً على قبعاته، على استبدال شارات تحمل شعار تاج سانت إدواردز، الذي كانت تفضله الملكة إليزابيث الراحلة، إلى تاج تيودور الذي اختاره الملك.

لكن العملية معقدة، لأن شركة Wyedean Weaving، التي يقع مقرها في يوركشاير (شرق إنجلترا) والتي تعاقدت على تصنيع الشارات، تستمد بعض قدراتها التصنيعية من مصانع صينية.

وفي هذا الصدد، قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع البريطانية: "هناك مخاوف من إمكانية تضمين أجهزة التتبع أو أجهزة تحديد المواقع العالمي (GPS) في شارات القبعة المعدنية. النتيجة هي تأخير إصدار الشارات بحلتها الجديدة، لأن المملكة المتحدة لا تملك القدرة على تصنيعها بسرعة أو بكلفة زهيدة".

وقال توبياس إلوود، الرئيس السابق للجنة الدفاع في مجلس العموم البريطاني (البرلمان)، إن هذه القضية "أربكت اللجنة المشتركة بين الأحزاب مؤخراً، عندما قررت سك سلسلة من عملات الشرف لمنحها لكبار الشخصيات الزائرة".

وأضاف إلوود، أن "أعضاء اللجنة خاضوا نقاشاً ساخناً بشأن ما إذا كان عليهم شراء العملات البريطانية وصنع العملات المعدنية في المملكة المتحدة، أو صنعها بسعر أرخص في الصين بخُمس السعر. قررت اللجنة في النهاية شراءها من شركة بريطانية بسبب مخاوف أمنية".

قماش ومعدن

وشارات الجيش البريطاني، عادة ما تكون مصنوعة من القماش المطرز للضباط، ومن المعدن لجميع الرتب الأخرى، إذ تحدد فوج الجندي ويرتديها بفخر أفراد الخدمة على القبعات وأغطية الرأس العسكرية الأخرى.

وتحمل العديد من ألقاب الفوج أيضاً تاجاً أو الأحرف الأولى من اسم الملك، والتي يجب تغييرها بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية في عام 2022، كما هو الحال مع الملوك السابقين.

وفازت Wyedean بعقد بقيمة 2.9 مليون جنيه إسترليني لمدة 3 سنوات في عام 2022 من شركة خدمات الدفاع Leidos المدرجة في الولايات المتحدة لتزويد الجيش البريطاني بالشارات، وتملك Leidos، عقداً مباشر مع وزارة الدفاع البريطانية.

وقالت سوزانا والبانك، مديرة الأنظمة في شركة Wyedean، إن الشركة المملوكة للعائلة كانت تنتظر الموافقة النهائية للمضي قدماً في إصدار الشارات.

وأضافت: "الصين جزء من سلاسل التوريد لدينا، ونحن هناك منذ 15 عاماً، ولدينا علاقات طويلة الأمد، ولم يكن هناك أي قلق إطلاقاً"، موضحة أن الشارات الجديدة سيتم صنعها في عدة أماكن، بما في ذلك الصين وأنه سيتم فحص جودتها في المملكة المتحدة. 

ومنذ تأسيسها في عام 1964، قامت شركة Wyedean بتصنيع المعدات اللازمة للقوات المسلحة البريطانية وكذلك لقوات الأمن في العديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك كندا.

وإلى جانب شركة Firmin & Sons ومقرها برمنجهام، صنعت الشركة مجموعة صغيرة من الشارات للقوات التي عرضت خلال تتويج الملك تشارلز العام الماضي.

شريك تجاري أم عدو عنيد؟

ودفعت مخاوف التجسس المتزايدة، بريطانيا إلى حظر تركيب معدات جديدة من صنع شركة الاتصالات الصينية "هواوي" في شبكات الجيل الخامس البريطانية اعتباراً من عام 2021، وفي إبريل الماضي، اتُهم رجلان بريطانيان، أحدهما مساعد برلماني سابق، بالتجسس لصالح الصين. 

ولا تقدم لوائح المشتريات العامة في بريطانيا، سوى القليل من التوجيهات المحددة بشأن كيفية الموازنة بين مخاطر وفوائد الحصول على السلع من الصين، إذ يصل حجم التجارة الثنائية بين الصين وبريطانيا إلى 90 مليار جنيه إسترليني سنوياً، بحسب "فاينانشيال تايمز".

وتؤكد المبادئ التوجيهية لعام 2015، أن الشرط الأساسي لجميع المشتريات العامة، يجب أن يكون "القيمة مقابل المال"، ولكن يجب أيضاً أن يكون هناك وعي بـ "المخاطر التي تهدد الأمن القومي". 

وقال أحد المسؤولين الأمنيين الغربيين، إن المخاوف الأمنية تعني أن شارات القبعات يجب أن تُصنع في بريطانيا، لكن آخر قال إن الشارات الصينية الصنع "لا تشكل خطراً يذكر"، فيما قال مسؤول ثالث إن المشكلة أظهرت أن "إدارة العلاقات مع الصين ستصبح أكثر غرابة قبل أن تصبح أكثر وضوحاً".

وتلخص هذه القضية ارتباكاً أوسع بين الدول الغربية، بشأن ما إذا كان ينبغي التعامل مع الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كشريك تجاري صديق أو عدو عنيد.

واندلعت ضجة كبيرة في أستراليا قبل عامين، عندما تبين أن القوات المسلحة للبلاد تنفق ملايين الدولارات سنوياً على الملابس والأحذية العسكرية صينية الصنع.

تصنيفات

قصص قد تهمك