
اعتبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي المغربي، ناصر بوريطة، الخميس، أن إيران تعمل "من خلال وكلاء" على "زعزعة استقرار شمال إفريقيا وغربها" و"تهدد وحدة التراب المغربي"، مشيراً إلى أن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل "يعدّ عاملاً لتعزيز دينامية السلام في الشرق الأوسط".
وأضاف بوريطة خلال حوار مع قناة لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك)، على هامش اجتماعها السنوي ونشرته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن "العالم يعرف الكثير عن أنشطة إيران النووية، لكن إيران تعمل أيضاً من خلال وكلاء على زعزعة استقرار شمال إفريقيا وغربها".
وشدد على أن "إيران تهدد الوحدة الترابية للمغرب وأمنه"، من خلال دعمها جبهة "البوليساريو عبر تزويدها بالسلاح وتدريب ميليشياتها على مهاجمة المغرب"، وفقاً لتعبيره، منبهاً إلى أن "إيران توسع مجال نفوذها أيضاً من خلال حزب الله".
وبيّن أن المغرب يقظ دوماً في "مواجهة التهديدات التي تمثلها إيران لأمننا وأمن الشعب المغربي"، مشدداً على أن قضية الصحراء "حاسمة بالنسبة للمغرب"، وأن "وحدته الترابية مفتاح استقراره".
وكان المغرب أعلن في مايو 2018 قطع علاقته الدبلوماسية مع إيران، بعد اتهامات لجماعة "حزب الله" اللبنانية بالانخراط في علاقة عسكرية مع جبهة "البوليساريو".
اتفاق السلام مع إسرائيل
وبشأن العلاقات مع إسرائيل، واتفاق السلام الموقع مع المغرب برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قال بوريطة إن "استئناف العلاقات الدبلوماسية يشكل استجابة لنداء مزدوج: نداء الجالية اليهودية المغربية التي ترغب في تعميق علاقتها مع المغرب، ونداء السلام وتطوير الدينامية الأصيلة التي تشكل مجالاً ملائماً لسلام دائم في الشرق الأوسط".
وأضاف أنه بالنسبة للمغرب، فإن الأمر يتعلق بـ"محطة طبيعية وخطوة تمت عن اقتناع، وهي أيضاً استثمار في السلام، ووسيلة لتعميق علاقة قوية بين المغرب والجالية اليهودية".
ولفت إلى أن "الاستقرار الإقليمي مهم للغاية لتعزيز السلام بين إسرائيل وفلسطين. والمغرب اضطلع بدور رائد في عملية السلام في الشرق الأوسط، وهو مستعد اليوم أيضاً للمساهمة فيها"، موضحاً: "نأمل أن تبذل كل الجهود من كل الجهات، بما في ذلك الجانب الإسرائيلي، لتعزيز سلام حقيقي يحافظ على أمن إسرائيل وسلامة شعبها واستقراره، ولكن يسمح للفلسطينيين أيضاً بالمطالبة بحقوقهم".
آفاق العلاقات مع تل أبيب
وبشأن العلاقات الثنائية وآفاقها، قال بوريطة إنه "بعد بيان الإعلان عن استئناف العلاقات، تم التوقيع على اتفاق ثلاثي بعد أيام قليلة بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن "هذه الوثائق ملزمة قانوناً بمضامينها المختلفة: اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء، والتزامات المغرب بتطوير العلاقات مع إسرائيل، والتزام إسرائيل بالانخراط في تعاون عميق مع المملكة المغربية".
وتابع: "منذ ذلك الحين، اتخذنا خطوات ملموسة لترجمة هذا الإعلان إلى واقع، إذ تم افتتاح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب، وهما يعملان بشكل طبيعي بدبلوماسيين، ويشاركان بأحداث في إسرائيل والمغرب".
وأضاف أن 8 وزراء على الأقل أجروا اتصالات مع نظرائهم الإسرائيليين، "ما أدى إلى توقيع سلسلة من اتفاقات التعاون في مختلف المجالات"، كما تم إنشاء 8 مجموعات عمل معنية بالدبلوماسية والأمن والمياه، والفلاحة (الزراعة) والسياحة وغيرها، والتي يتعين تعميق التعاون داخلها، وفقاً للمصدر ذاته.
ولفت إلى أن الرحلات الجوية ستكون مفتوحة، إذ إن "الإكراه الوحيد أمام فتحها في الوقت الراهن هو سياق الجائحة (كورونا)، ولكننا نخطط أيضاً لفتح رحلات جوية مباشرة بين المغرب وإسرائيل لتشجيع التعاون بين الأفراد. كما أنشأنا منصات للمقاولات، ومجلس أعمال مغربياً - إسرائيلياً، وغرفة تجارة مغربية إسرائيلية قبل بضعة أسابيع".
العلاقة مع أميركا
وبشأن علاقة الشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية، أكد بوريطة أنها علاقة "قوية" و"طويلة الأمد للغاية. إنها مرتبطة بتاريخ الولايات المتحدة، فالمغرب هو أول بلد يعترف بالولايات المتحدة".
وأضاف أن "الاتفاق المغربي الأميركي يعدّ أقدم اتفاق سارٍ وقعته الولايات المتحدة. واليوم سنحتفل بمرور 200 سنة على أقدم ملكية أميركية خارج الولايات المتحدة، والتي تقع في طنجة"، مشيراً إلى أن هذه العلاقة "تكيّفت مع عصور مختلفة".
وتابع: "كنّا حلفاء خلال الحرب الباردة، وكنّا حلفاء عندما انقسم الشرق والغرب، ونحن حلفاء في التعامل مع التحديات الناشئة، كما أننا حلفاء في مواجهة التهديدات التي تستهدف أمننا وأمن شعبنا"، مضيفاً أن "الأمر الهام هو الحفاظ على أسس هذه العلاقة والمتمثلة في القيم والمصالح والالتزامات المشتركة من أجل السلام والاستقرار في العالم".