قال عضو بارز في ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، إن الحكومة الإسرائيلية تشارك في جهود سرية لتغيير طريقة حكم المنطقة بشكل نهائي، لتعزيز سيطرة إسرائيل عليها دون اتهامها بضمها رسمياً، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
وقال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، في مناسبة خاصة خلال وقت سابق من الشهر الجاري، إن الهدف يتمثل في منع أن تصبح الضفة الغربية جزءاً من دولة فلسطينية، وفقاً لتسجيل صوتي حصلت عليه الصحيفة الأميركية.
وأضاف سموتريتش للمستوطنين: "أقول لكم، الأمر مثير بشكل هائل. هذه التغييرات ستغير الحمض النووي لأي نظام".
وعلى الرغم من أن معارضة سموتريتش للتنازل عن السيطرة على الضفة الغربية لا تُعد سراً، يتمثل الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية في أن يظل وضع الضفة الغربية قابلاً للتفاوض بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقضت المحكمة العليا في إسرائيل بأن سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية تُعد "احتلالاً عسكرياً مؤقتاً يشرف عليه قادة بالحيش، وليس ضماً مدنياً دائماً يديره موظفون حكوميون إسرائيليون".
وقالت "نيويورك تايمز" إن الخطاب الذي أدلى به سموتريتش في 9 يونيو الجاري أمام تجمع بالضفة الغربية قد يصعب الحفاظ على هذا الوضع، إذ تحدث عن برنامج مصمم بعناية لنقل إدارة الضفة الغربية من الجيش إلى موظفين مدنيين يعملون لدى سموتريتش عبر وزرة الدفاع.
وبالفعل، تم تقديم أجزاء من الخطة بشكل تدريجي على مدى الأشهر الـ18 الماضية، ونُقلت بعض السلطات إلى مدنيين، حسبما ذكرت الصحيفة.
نظام مدني منفصل
وقال سموتريتش في التسجيل الصوتي: "لقد أنشأنا نظاماً مدنياً منفصلاً"، مضيفاً أن الحكومة سمحت لوزارة الدفاع بالاستمرار في المشاركة في عملية الإدارة؛ لتجنب التدقيق الدولي، بحيث يبدو أن الجيش هو الحاكم الرئيسي في الضفة الغربية.
وتابع: "سيكون من الأسهل قبول ذلك في السياقين الدولي والقانوني، حتى لا يقولوا إننا نعمل على ضم (الضفة الغربية) هنا".
وأوضحت "نيويورك تايمز" أن مراسليها استمعوا إلى تسجل للخطاب تبلغ مدته نصف ساعة تقريباً، وأنها حصلت على التسجيل من أحد الحاضرين، وهو باحث في منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاحتلال.
وأكد إيتان فولد، المتحدث باسم سموتريتش، للصحيفة أن وزير المالية ألقى الخطاب، وقال إن الحدث الذي شارك فيه لم يكن سرياً.
وقال سموتريتش، وهو مشرع يميني متطرف، في خطابه إن نتنياهو كان على علم بتفاصيل الخطة، والتي تم التطرق إليها في اتفاق ائتلافي بين حزبيهما، والذي يسمح لرئيس الوزراء بالبقاء في السلطة. وأضاف: "نتنياهو معنا تماماً".
وأفادت "نيويورك تايمز" بأن هذه التغييرات قد تُلغى إذا انهارت الحكومة وتم تشكيل ائتلاف جديد، لكن الإجراءات التي تتخذها الحكومة في الضفة الغربية غالباً ما ظلت سارية في ظل الحكومات المتعاقبة في الماضي.
تأثير الداخل
وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين، لم يكن خطاب سموتريتش مفاجئاً بقدر تحدثه علناً عن خطط إسرائيل بشأن الضفة الغربية. وقال إبراهيم دلالشة، مدير مركز أفق الحرية للدراسات والأبحاث في رام الله بالضفة الغربية للصحيفة: "من المثير للاهتمام أن تسمع سموتريتش وهو يؤكد بصوته الكثير مما كنا نشك به في أجندته".
ولفت دلالشة إلى أن هذا النهج "ليس جديداً"، مُوضحاً أن الفلسطينيين يقولون منذ سنوات إن القادة الإسرائيليين يحاولون ضم كل شيء في الضفة الغربية باستثناء الاسم، ويبنون المستوطنات في مواقع استراتيجية، في محاولة لمنع فلسطين من فرض سيطرة متصلة على المنطقة.
وأضاف: "الأمر مستمر منذ عام 1967، قبل فترة طويلة من ظهور سموتريتش على الساحة".
وعلى مدى عقود، تصف المحكمة العليا الإسرائيلية حكم إسرائيل للضفة الغربية بأنه "احتلال عسكري" يشرف عليه قائد كبير بما يتوافق مع القوانين الدولية التي تنطبق على الأراضي المحتلة، وفقاً للصحيفة.
وقالت "نيويورك تايمز" إن الائتلاف الحاكم الحالي يرفض مصطلح "احتلال"، لكنه ينفي علناً ضم الضفة الغربية بشكل دائم، وقول إن المنطقة وُضعت تحت السيطرة السيادية للسلطات المدنية الإسرائيلية.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان تعليقاً على خطاب سموتريتش إن "الوضع النهائي لهذه الأراضي سيحدده الطرفان في المفاوضات المباشرة. هذه السياسة لم تتغير".
لكن خطاب سموتريتش يوحي بغير ذلك، إذ أشار إلى تغيير واحد ينتهي بموجبه إشراف ضباط الجيش على معظم عمليات توسيع المستوطنات الإسرائيلية، ومصادرة الأراضي، وبناء الطرق في الضفة الغربية.
وقال سموتريتش إن هذه الأدوار يشرف عليها الآن شخص "مدني بوزارة الدفاع” لا يعمل مع قادة عسكريين، ولكن يعمل في مديرية جديدة يشرف عليها بنفسه.