حذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الجمعة، الحكومة الإسرائيلية من أن تهجير فلسطينيين من حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية ونقل مستوطنين إليه، يُمثل "انتهاكاً لالتزاماتها" بموجب القانون الدولي، وربما يرقى إلى "جريمة حرب".
وطالب المتحدث باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل، في بيان صحافي، إسرائيل بـ"الوقف الفوري لجميع عمليات الإخلاء القسري، و"احترام حرية التعبير والتجمع، لمن يحتجون على عمليات الإخلاء.
وقال البيان، إن "8 أسر من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية تواجه خطر الإخلاء القسري بسبب طعن قانوني"، ما يعرض "أربعاً من هذه العائلات، لخطر وشيك".
وأضاف البيان أن "عمليات الإخلاء، إذا أمر بها ونُفذت، ستنتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي".
وأوضح أن "إجراءات الإخلاء في هذه القضايا وفي قضايا أخرى مماثلة في القدس الشرقية تستند إلى تطبيق قانونين إسرائيليين، هما قانون أملاك الغائبين وقانون الشؤون القانونية والإدارية لعام 1970"، والتي يتم تطبيقها "بطريقة تمييزية بطبيعتها، بناءً على جنسية المالك أو أصله فقط".
وطالب "بمراجعة القانونين "لضمان توافقهما مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وأشار البيان إلى أن "تطبيق هذه القوانين يُسهّل لإسرائيل نقل سكانها إلى القدس الشرقية المحتلة"، مؤكداً أن "نقل أجزاء من السكان المدنيين التابعين لسلطة الاحتلال إلى الأراضي التي تحتلها محظور بموجب القانون الإنساني الدولي، وقد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب".
سلطة احتلال
وشدد البيان على أن "القدس الشرقية لا تزال جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يسري القانون الدولي الإنساني. ويجب على السلطة القائمة بالاحتلال أن تحترم الممتلكات الخاصة في الأراضي المحتلة ولا يمكنها مصادرتها، ويجب أن تحترم القوانين السارية في البلاد إلا في حالات الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك".
وهذا يعني بحسب البيان، أنه "لا يمكن لإسرائيل فرض مجموعة قوانين خاصة بها في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، لطرد الفلسطينيين من منازلهم".
ولفت البيان إلى أن "عمليات الإخلاء القسري تنتهك الحق في السكن اللائق والخصوصية وحقوق الإنسان الأخرى لمن تم إجلاؤهم"، كما تعتبر "عاملاً رئيسياً في خلق بيئة قسرية قد تؤدي إلى الترحيل القسري، وهو أمر تحظره اتفاقية جنيف الرابعة، ويشكل انتهاكاً خطيراً للاتفاقية".
ووفقاً للعديد من قرارات مجلس الأمن، "تعتبر جميع الإجراءات والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، التي غيرت أو زعمت تغيير طابع ووضع القدس الشرقية، بما في ذلك مصادرة الأراضي والممتلكات، لاغية وباطلة، ويجب الرجوع عنها".
وقف فوري
ودعا البيان إسرائيل إلى "الوقف الفوري لجميع عمليات الإخلاء القسري، بما في ذلك عمليات الإخلاء في الشيخ جراح، ووقف أي نشاط من شأنه أن يساهم بشكل أكبر في بيئة قسرية ويؤدي إلى خطر الترحيل القسري".
وحث حكومة إسرائيل على "احترام حرية التعبير والتجمع، بما في ذلك أولئك الذين يحتجون على عمليات الإخلاء، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس في استخدام القوة مع ضمان السلامة والأمن في القدس الشرقية".
تتزامن هذه المطالب مع دعوات أوروبية لوقف سياسة التوسع الاستيطاني، إذ حثت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، الحكومةَ الإسرائيلية على إلغاء قرارها بالمضيّ في بناء 540 وحدة استيطانية في منطقة بمستوطنة جبل أبو غنيم (هار حوما) بالضفة الغربية المحتلة.
وتأتي في وقت مع تزايد المواجهات بين المحتجين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، على خلفية عمليات إخلاء وتهجير، خصوصاً في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة.
استمرار المواجهات
وشهد حي الشيخ جرّاح الليلة الماضية مواجهات واسعة بين الفلسطينيين من جهة والقوات الإسرائيلية والمستوطنين من جهة أخرى، أصيب فيها 20 فلسطينياً. وأعلنت إسرائيل اعتقال 15 فلسطينياً ليل الخميس إلى الجمعة.
ونشر مراسل "هيئة البث الإسرائيلي" مقطعاً مصوراً يظهر مستوطنين مسلحين يطلقون النار على شبان مقدسيين في الشيخ جرّاح، وتظهر في التسجيل سيارة مشتعلة.
وجهت دعوات إلى الفلسطينيين للاعتصام مساء الجمعة، أمام البيوت الفلسطينية التي استولى المستوطنون على بعضها، ويهددون بالاستيلاء على البعض الآخر في حي الشيخ جرّاح.
وكانت المحكمة المركزية في القدس قضت في وقت سابق من العام الجاري بإخلاء أربعة منازل يسكنها فلسطينيون بعقود إيجار، أعطتها لهم السلطات الأردنية عندما كانت تدير القدس الشرقية بين 1948 و1967، تثبت ملكيتهم للعقارات في الحي.
وجاء ذلك دعماً لمطالبة مستوطنين بملكية هذه المنازل، وقالوا إن "عائلات يهودية عاشت هناك وفرّت في حرب عام 1948 عند قيام دولة إسرائيل".