تتزايد مخاوف البيت الأبيض بشأن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المرتقب أمام الكونجرس، والمقرر في يوليو، إذ يعتقد مسؤولون في واشنطن أن نتنياهو يُمكن أن يستغل الفرصة لانتقاد الرئيس جو بايدن، بسبب عدم تقديمه ما يكفي من الدعم في حرب إسرائيل على غزة.
وبحسب تقرير لصحيفة "بوليتيكو" الأميركية، ربما يخلق خطاب نتنياهو مشهداً معقداً على المستوى الدبلوماسي، ومحفوفاً بالمخاطر على المستوى السياسي، بالنسبة للرئيس الأميركي الذي يسعى لإعادة انتخابه.
وأشارت الصحيفة إلى أن المخاوف تزايدت بين مساعدي البيت الأبيض، في الأيام الأخيرة، بعد أن أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بسلسلة من التصريحات، بما في ذلك الذي أدلى به باللغة الإنجليزية، واتهم فيه الإدارة الأميركية بحجب عدد أكبر من المساعدات العسكرية مما تم الكشف عنه علناً.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي وصفته بأنه كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله: "لم يكن فيديو نتنياهو، الأسبوع الماضي، مفيداً على الإطلاق، كما أنه يمكن أن يجعل الأمر أسوأ بكثير أمام الكونجرس". ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول كبير آخر قوله: "لا أحد يعرف ماذا سيقول في خطابه".
"صفعة على وجه نتنياهو"
ذكر التقرير الذي نُشر السبت، أن مساعدي جو بايدن، يعتقدون بشكل متزايد أن نتنياهو يعمل على إطالة أمد الصراع للبقاء في السلطة، وأنه يُفضل عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، وأن هذه الحرب خلقت معضلة سياسية معقدة لبايدن، الذي انتقده الجمهوريون بسبب عدم دعمه إسرائيل بشكل كاف، لكنه تعرض في الوقت نفسه لانتقادات من بعض أعضاء حزبه بسبب عدم حماية المدنيين الفلسطينيين.
إلّا أن الاتهامات التي وجهها نتنياهو لإدارة بايدن، خلال الأيام القليلة الماضية، وضعت العلاقة بينهما في أدنى مستوياتها على الإطلاق، ما أثار صدمة في الجناح الغربي للبيت الأبيض، وأدّى إلى شعور مساعدي بايدن بالإحباط الشديد، حتى أن الإدارة قررت تأجيل اجتماع أميركي-إسرائيلي رفيع المستوى بشأن إيران بعد نشر مقطع الفيديو الخاص بنتنياهو، وفقاً لمسؤولين أميركيين تحدثوا للصحيفة، وأشاروا إلى أن البيت الأبيض لم يرسل حتى الآن دعوة لنتنياهو للقاء بايدن أثناء زيارته إلى واشنطن لإلقاء خطابه المقرر في 24 يوليو.
ورجح المسؤولون أنه سيتم إرسال هذه الدعوة، لافتين إلى أنه في حال لم يجتمع بايدن ونتنياهو فإن الأمر سيكون بمثابة صفعة كبيرة على وجه الأخير، لكن بايدن لا يميل إلى توجيه مثل هذا التوبيخ العلني إلى حليفه الإسرائيلي.
وأشارت "بوليتيكو" إلى أن الاجتماعات تُعقد الآن على مستويات أقل قليلاً، إذ التقى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنجبي، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، مع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، الخميس، في البيت الأبيض، وشهد اللقاء مناقشة الحرب، والوضع في غزة، وزيارة نتنياهو المرتقبة.
وقال مسؤولان أميركيان إن الفيديو، والغضب الذي تسبب فيه في واشنطن، تم ذكره بشكل موجز خلال المحادثات.
ويعتقد مساعدو البيت الأبيض أن نتنياهو سيستخدم خطابه أمام الكونجرس لمخاطبة جمهوره في الداخل وكذلك الجمهور الأميركي، وفقاً لأحد كبار المسؤولين، كما من المرجح أن يُعرب عن امتنانه للمساعدة التي تُقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، ويؤكد على التحالف طويل الأمد بين البلدين، لكن المساعدين يتوقعون أيضاً أن يطلب الحصول على المزيد من المساعدات دون أي شروط، وهو الطلب الذي يرون أنه سيتلقى ردود فعل باردة من قبل الديمقراطيين.
خطابات لأغراض سياسية
المسؤول الكبير، الذي تحدث إلى الصحيفة، أقرَّ بأن الشيء المجهول الآن هو ما إذا كان نتنياهو سيستغل هذه اللحظة لتوجيه أي انتقادات لبايدن أو استجابته للعمليات الإسرائيلية في غزة، إذ يدرك الجناح الغربي في البيت الأبيض الوضع السياسي الداخلي الحرج لرئيس الوزراء الإسرائيلي، إذ يحاول استرضاء أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه الذين يرغبون في تصعيد الحرب على غزة، كما ربما يكون من المفيد بالنسبة لنتنياهو أن يُنظر إليه في الداخل على أنه يقاوم بايدن.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو استخدم خطاباته أمام الكونجرس سابقاً لأغراضه السياسية، ما أثار غضب البيت الأبيض في عهد (الرئيس الأميركي السابق باراك) أوباما، وكذلك أمام بايدن الذي كان نائباً للرئيس عندما ألقى نتنياهو كلمة في جلسة مشتركة عام 2015، هاجم فيها الاتفاق النووي الإيراني الذي اقترحته الإدارة الأميركية وقتها.
ولم يلق خطاب عام 2015 ترحيباً من قبل الديمقراطيين التقدميين، الذين أصبحوا أكثر انتقاداً لرئيس الوزراء الإسرائيلي منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر، وأعربوا عن انزعاجهم من تجاهله المخاوف الإنسانية في غزة وتمكين حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب.
ونقلت "بوليتيكو" عن النائب الديمقراطي أندريه كارسون، قوله: "لم أحضر في المرة السابقة لأسباب واضحة، وأعتقد أن الأميركيين أصبحوا يشعرون بقلق عميق بشأن ما يتم فعله بأموال دافعي الضرائب في تلك المنطقة".
وأشار بعض التقدميين، بما في ذلك السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارين، إلى أنهم لن يحضروا الجلسة التي سيُلقي فيها نتنياهو خطابه.
وقبل عام، سعى نتنياهو لعقد اجتماع في البيت الأبيض مع بايدن في أعقاب رد الفعل العنيف في الداخل بسبب مقترحه لإصلاح النظام القضائي الإسرائيلي، لكن الرئيس الأميركي، الذي أعرب عن معارضته لهذه التغييرات، رفض عقد اللقاء، واجتمع معه على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بدلاً من ذلك، وبعد مرور 3 أسابيع تقريباً على الاجتماع شنت حركة "حماس" هجوم 7 أكتوبر الذي غيَّر الديناميكية بين الجانبين بشكل لا رَجعة فيه.