مسعود بيزشكيان.. إصلاحي عارض "قمع الاحتجاجات" على رأس السلطة في إيران

الرئيس المنتخب يؤيد الانفتاح على العالم ويؤمن بالاقتصاد الحر وتعهد بضمان الحريات

time reading iconدقائق القراءة - 8
مسعود بيزشكيان خلال حدث انتخابي في طهران. 3 يوليو 2024 - reuters
مسعود بيزشكيان خلال حدث انتخابي في طهران. 3 يوليو 2024 - reuters
دبي -الشرق

فاز مسعود بيزشكيان، الذي تعهد بانفتاح بلاده على العالم، وضمان الحريات، على منافسه المحافظ المتشدد سعيد جليلي، بانتخابات الرئاسة في إيران، حسبما أعلنت الداخلية الإيرانية، السبت، إذ أعادت وفاة الرئيس المحافظ الراحل إبراهيم رئيسي إثر تحطم مروحيته في مايو الماضي، التيار الإصلاحي إلى سدة السلطة، في أعقاب سيطرة كاملة للمحافظين دامت لسنوات.

وبحسب البيانات الرسمية، فقد حصد بيزشكيان 16 مليوناً و384 ألفاً و403 أصوات، فيما نال جليلي 13 مليوناً و538 ألفاً و179 صوتاً، وذلك بعد فرز 30 مليوناً و530 ألفاً و157 صوتاً. في وقت بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 49.8%، وهو ما يزيد على مثيلتها في الجولة الأولى من سباق الرئاسة الإيرانية.

فوز بيزشكيان، وزير الصحة السابق في حكومة الرئيس الإيراني محمد خاتمي، كرر سيناريو انتخابات عام 1997، والتي أتت بأول رئيس إصلاحي خارج التوقعات، هو خاتمي نفسه.

بيزشكيان نال دعم شخصيات معتدلة وإصلاحية أخرى خلال حملته الانتخابية، جاء في مقدمتهم وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، الذي توصل إلى الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران في عام 2015 مع القوى العالمية، والذي شهد رفع العقوبات مقابل تقليص البرنامج النووي بشكل كبير.

من هو بيزشكيان؟

ولد بيزشكيان في 29 سبتمبر 1954 في مهاباد، شمال غربي إيران، لأب أذربيجاني وأم كردية. وهو يتحدث اللغة الأذرية ويركز منذ فترة طويلة على شؤون الأقليات العرقية الكبيرة في إيران.

ومثل كثيرين، شارك بيزشكيان في الحرب الإيرانية- العراقية، وأرسل فرقاً طبية إلى جبهة القتال. وأصبح جراح قلب وشغل منصب رئيس جامعة "تبريز للعلوم الطبية"، ومع ذلك، فقد شكلت المأساة الشخصية حياته، بعد حادث سيارة في عام 1994 أودى بحياة زوجته فاطمة مجيدي وابنته. 

ودخل بيزشكيان السياسة أولاً كنائب لوزير الصحة في البلاد، ثم وزيراً للصحة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي.

وفي لقاء سابق، قال بيزشكيان، بصفته وزيراً للصحة: "عندما كنت طالباً، كنت أصفع رئيس الجامعة. وعندما أصبحت وزيراً، سأصفع بيل كلينتون على وجهه".

وأدى هذا التصريح إلى إثارة الجدل بين أعضاء البرلمان. كما واجه المساءلة بسبب مشكلات تتعلق بالتعيينات وسياسات الأدوية والتعريفات الطبية والرحلات الخارجية.

ولاحقاً، وجد نفسه منخرطاً في الصراع بين المتشددين والإصلاحيين، إذ تم انتخابه في عام 2006، نائباً عن مدينة تبريز. 

وشغل فيما بعد منصب نائب رئيس البرلمان ودعم القضايا الإصلاحية والمعتدلة، رغم أن المحللين وصفوه في كثير من الأحيان بأنه "مستقل" أكثر من كونه متحالفاً مع الكتل الانتخابية، وقد تبنى بيزشكيان هذه التسمية المستقلة أيضاً في حملة الانتخابية.

الترشح للانتخابات ومحاولة عزله من البرلمان

في عام 2011، تقدم مسعود بيزشكيان للترشح في انتخابات الرئاسة، سحب ترشيحه لاحقاً، لكن في عام 2021، وجد نفسه وغيره من المرشحين البارزين ممنوعين من الترشح من قبل السلطات، ما سمح لرئيسي بفوز سهل.

وفي هذه الحملة، اتخذ يزشكيان شعار حملته "من أجل إيران"، وأقر بالتحدي الذي ينتظره، خاصة بعد انخفاض نسبة المشاركة في الجولة الأولى من التصويت.

وقال بيزشكيان خلال مناظرته المتلفزة الأخيرة مع جليلي، الثلاثاء الماضي: "مع كل الخلافات الصاخبة بيني وبينه (جليلي)، صوت 40 % فقط من الناخبين المؤهلين، 60% لا يقبلوننا، لذا فإن الناس لديهم مشكلات معنا".

وأثناء تقديم ترشحه، قال: "هناك انطباع حول إيران على المستوى الوطني والدولي بأن الشعب مستاء من صناديق الاقتراع. هدفي من المشاركة في الانتخابات هو زيادة إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع".

ووفق موقع iranwire، لم يسبق لبيزشكيان أن تورّط في قضايا فساد، ونظراً لحداثته، فإن تصويته السلبي بين الناخبين "منخفض أيضاً". ومع ذلك، تنقسم الآراء داخل المجتمع الطبي؛ ويختلف معه بعض الأطباء الإصلاحيين، بينما يؤيده بعض الأطباء المحافظين.

يشار إلى أنه في عام 2003، حاول البرلمان عزله دون جدوى، مشيراً إلى عدم الكفاءة في تعييناته، والاستخدام غير المناسب للقروض، وقضايا أخرى.

أبرز التعهدات

وأعرب بيزشكيان، خلال المناظرتين اللتين جمعتهما بمنافسه جليلي، وناقشا قضايا عدة، بينها الاتفاق النووي والأمور الاقتصادية عن اعتقاده بأن الاتفاق النووي كان في مصلحة إيران".

وأضاف: "لو لم يكن كذلك، لما انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2018"، معتبراً أن العقوبات المفروضة على طهران، تمثل تحدياً وعقبة في نمط حياة الشعب الإيراني.

أيها الشعب الإيراني، إن وجهة نظري في السياسة الخارجية تختلف عن وجهة نظر منافسنا. أؤمن بالمفاوضات لرفع العقوبات"

مسعود بيزشكيان

وأضاف: "سياستي الخارجية مبنية على رؤية حقيقية. أنا أؤمن بالانضمام إلى مجموعة العمل المالي وتطبيع العلاقات المصرفية والمالية مع العالم، ولدي منظور وطني للسياسة الخارجية".

وأكد بيزشكيان ضرورة تحرير سعر العملة المحلية لتوحيد سعرها في نقابل العملات الأجنبية بين السوقين السوداء والمدعوم من الدولة، مضيفاً: "علينا توفير العملة الصعبة للسلع الأساسية والدواء والغذاء، فيما تقوم السوق الحرة بتنظيم نفسها ولا داعي لتدخل الحكومة. ما يجب أن نتدخل فيه ولا نترك الناس يواجهون مشاكل هو دعم الدواء والسلع الأساسية".

مواقف سابقة

  • احتجاجات 2009

بعد الانتخابات الرئاسية في عام 2009 والاحتجاجات التي تلتها، أدى خطاب بيزشكيان، الذي انتقد فيه سلوك السلطات تجاه المتظاهرين، إلى تعطيل جلسة البرلمان لبضع دقائق.

وقال بيزشكيان في كلمته: "لا تقتلوا الناس كالحيوان البري"، في إشارة إلى حملات القمع التي جوبهت بها الاحتجاجات، كما قال: "عندما تستطيع، لا تتدخل بشكل حاد، لا تضرب، لا تضرب".

ولم يشغل بيزشكيان، أي منصب في حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وفي مقابلة لاحقة، ذكر أنه خلال السنوات الأربع لحكومة أحمدي نجاد، كان المسؤولون يحصلون على ما يكفي من العمل لمدة يومين فقط في الأسبوع لشراء منزل وحديقة وإعالة أقاربهم"، وفق iranwire.

وأشار بيزشكيان، إلى ذلك، كأحد أسباب ترشحه للانتخابات البرلمانية الثامنة، قائلاً: "هذه الظروف أثرت علي لأنني كنت أعتقد أننا لم نخلق لكسب المال وإنفاقه بهذه الطريقة".

  • فرض الحجاب 

واشتهر بيزشكيان، بانتقاداته الموجهة إلى الحكومة، بشأن مسألة فرض الحجاب. وبعد وفاة مهسا أميني عام 2022 على يد قوات الأمن الإيرانية، إذ قال في إحدى المقابلات: "نريد أن يكون أطفالنا محتشمين، لكن إذا كان سلوكنا يجعلهم يكرهون ديننا، فعلينا على الأقل الامتناع عن الاستمرار في هذا الأسلوب".

وخلال جلسات البرلمان كان دائماً ما يرد على زملائه الذين كانوا يهتفون بالموت لبعض الدول بالقول: "نحن بحاجة إلى التسامح مع الآخرين والعمل والتعاون مع العالم". وكان أيضاً من مؤيدي الاتفاق النووي الإيراني.

ومع ذلك، فإن بيزشكيان، على الرغم من إدانته لإدارة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، باعتبارها "غير قادرة على حل مشكلات إيران"، لم يتجاوز الحدود في الشكوى العلنية من المرشد الإيراني علي خامنئي.

كما دافع عن المبادئ الأساسية للنظام، والمتمثلة في أن الولايات المتحدة هي السبب الجذري للتوتر في المنطقة، وأشاد بالتعاون مع روسيا حيث يخضع كلا البلدين للعقوبات.

تصنيفات

قصص قد تهمك