ماكرون يُبقي على رئيس الوزراء وباريس أمام مفاوضات "صعبة" لتشكيل الحكومة

time reading iconدقائق القراءة - 8
جلسة سابقة لأعضاء الجمعية الوطنية في العاصمة باريس. 3 أبريل 2024 - REUTERS
جلسة سابقة لأعضاء الجمعية الوطنية في العاصمة باريس. 3 أبريل 2024 - REUTERS
دبي-الشرق

طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، من رئيس الوزراء جابرييل أتال البقاء في منصبه خلال الوقت الراهن قبل مفاوضات ستكون "صعبة" لتشكيل حكومة جديدة بعد صعود مفاجئ لليسار في الانتخابات التشريعية ما أسفر عن برلمان بلا أغلبية مطلقة.

وصعد تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري ليكون قوة مهيمنة في الجمعية الوطنية (البرلمان) بعد الانتخابات التي جرت، الأحد، ما أحبط مساعي زعيمة حزب "التجمع الوطني" مارين لوبان لتولي اليمين المتطرف السلطة.

وأظهرت بيانات وزارة الداخلية الفرنسية، أن اليسار حصل على 182 مقعداً، وتحالف ماكرون الوسطي على 168، وحزب "التجمع الوطني" بزعامة لوبان وحلفاءه على 143 مقعداً.

ومع عدم حصول أي من الفصائل السياسية على أغلبية فعالة، تنذر النتيجة بفترة من التقلبات السياسية قبيل دورة الألعاب الأولمبية في باريس، وتثير حالة من الضبابية بين المستثمرين بشأن من سيدير ​​ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وتشمل الاحتمالات تشكيل "الجبهة الشعبية الجديدة" حكومة أقلية أو ائتلافاً صعب المراس من الأحزاب التي لا تقف على أرضية مشتركة تقريباً.

وقدم جابرييل أتال، المنتمي لتيار الوسط والحليف المقرب للرئيس، استقالته لكن ماكرون رفضها، إذ قال مكتب الرئيس الفرنسي في بيان: "طلب الرئيس من جابرييل أتال البقاء في منصب رئيس الوزراء في الوقت الراهن لضمان استقرار البلاد".

وأوضح بنجامين موريل، المحاضر في القانون العام بجامعة باريس بانثيون، أن "استقالة الحكومة بعد الانتخابات التشريعية هي عرف"، فيما أعرب رئيس الوزراء عن استعداده للبقاء في المنصب "طالما أن الواجب يقتضي ذلك" بمعنى حتى يتم اختيار خليفة له، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.

وبالتالي، لا يوجد جدول زمني رسمي يتطلب من ماكرون أن يدعو الحكومة الحالية للاستقالة أو تعيين حكومة جديدة، وفقاً للصحيفة التي قالت إنه مع ذلك، لا يستطيع الرئيس الفرنسي أن يتجاهل تماماً المشهد السياسي الجديد الذي نشأ نتيجة للانتخابات.

ونظرياً، يتمتع الرئيس بسلطة تعيين من يرغب في منصب رئيس الوزراء، لكن مع ذلك، لا يمكنه تجاوز رأي أغلبية أعضاء الجمعية، لأن الحكومة التي تتعارض مع إرادة البرلمان يمكن أن يتم حجب الثقة عنها، بحسب صحيفة "لوموند".

إلا أن مسؤولاً في قصر الإليزيه ذكر، أن ماكرون "سينتظر الهيكل الجديد للجمعية الوطنية لاتخاذ القرارات اللازمة"، مؤكداً على دور الرئيس في تعيين رئيس الوزراء.

مفاوضات صعبة

من جهته، قال زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفييه فور، الاثنين، إن اليسار سيحدد مرشحه لرئاسة الوزراء خلال الأسبوع الجاري، مضيفاً أن أحزاب "الجبهة الشعبية الجديدة" ستختار مرشحها "إما بالإجماع أو التصويت"، واصفاً المسألة بـ"الصعبة".

وأفاد مصدر في الحزب الشيوعي الفرنسي، أحد الأحزاب الأصغر المكونة لتحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" لوكالة "رويترز"، بأن "زعماء أحزاب التحالف اجتمعوا الليلة الماضية (الأحد)، ومن المقرر أن يجتمعوا مرة أخرى في وقت لاحق الاثنين، لبحث من سيحل محل أتال، والاستراتيجية التي يجب أن يتبناها التحالف".

والبرلمان بلا أغلبية مطلقة سيجعل من الصعب على أي أحد تمرير أي أجندة محلية، ومن المرجح أن يضعف دور فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، بحسب وكالة "رويترز".

ولا تزال المفاوضات جارية بين رؤساء الأحزاب التي ستحدد إمكانية تشكيل "حكومة ائتلافية بأغلبية مطلقة" قوامها 289 مقعداً، أو إذا فشل السيناريو الأول تشكيل "حكومة أقلية" قادرة على النجاة من تصويت بحجب الثقة، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز".

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى وجود خيار آخر يتمثل في تشكيل "حكومة تكنوقراط" يقودها رئيس وزراء مستقل، ليتمكن من الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة في العام المقبل. 

وبدأ السياسيون من جميع الأطياف في تحديد مطالبهم، فيما سيظل حزب "التجمع الوطني" منعزلاً في الجمعية الوطنية، لكنه سيمثل تهديداً لأي حكومة إذا قرر الانضمام إلى أي تصويت على حجب الثقة، وفقاً لـ"فاينانشال تايمز".

حكومة أقلية

وسيسعى زعماء ائتلاف "الجبهة الشعبية الجديدة" باعتباره الفائز "المفاجئ" في الانتخابات المبكرة، إلى تشكيل حكومة لتنفيذ أجندتهم التقدمية التي تتضمن خططاً لفرض ضرائب باهظة، وإنفاق كبير.

ويتكون الائتلاف اليساري من عدة أحزاب بينها حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي، والحزب الاشتراكي، وحزب الخضر الوسطيين.

وتوقعت "فايننشال تايمز"، أن تكون هناك مشاحنات داخلية قبل محاولة الوصول إلى رئاسة الوزراء التي تعتبر مسألةً "شديدة الحساسية"، وأشارت إلى تقدم زعيم حزب "فرنسا الأبية" جون لوك ميلانشون لشغل المنصب على الرغم من اعتراض شركائه على ذلك. 

وتشير توقعات "إبسوس" إلى حصول حزب "فرنسا الأبية" على 72 مقعداً، ما يجعله القوة الأكبر في ائتلاف "الجبهة الشعبية الجديدة"، لكن الأحزاب الأخرى في الائتلاف مجتمعة تمتلك عدد مقاعد أكبر في البرلمان. 

ورأت "فايننشال تايمز"، أن الحفاظ على وحدة الائتلاف ستلعب دوراً حاسماً، لأن الوسطيين سيسعون بزعامة ماكرون إلى جذب عناصر يسار الوسط في ائتلاف "الجبهة الشعبية الجديدة" إلى جانبهم، فيما أعلنت زعيمة حزب الخضر مارين تونديلير أن حزبها يهدف إلى حكم البلاد. 

تشكيل ائتلاف كبير

وتعرض تحالف "معاً" بزعامة ماكرون لهزيمة كبيرة بعد أن خسر قرابة ثلث مقاعده والتي كان يبلغ عددها 250 مقعداً. ومع ذلك، يعتقد أعضاء الائتلاف أنهم ما زالوا قادرين على التوصل إلى اتفاق في البرلمان. 

ولدى ماكرون رغبة في إخراج حزب "فرنسا الأبية" من ائتلاف "الجبهة الشعبية الجديدة"، وتشكيل تحالف مع الاشتراكيين، والخضر، والشيوعيين. 

وتوقع وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين، أن "يبقي ماكرون على جابرييل أتال في رئاسة الوزراء بشكل مؤقت، خاصة خلال دورة الألعاب الأولمبية التي تبدأ في 26 يوليو الجاري، قبل محاولة تشكيل ائتلاف يساري وسطي".

لكن حزب الرئيس الفرنسي قد يجد صعوبة قبول مطالب اليسار الوسطي، بحسب "فايننشال تايمز" التي لفتت إلى إمكانية أن تطلب الأحزاب إلغاء رفع سن التقاعد، الأمر الذي لا يحظى بقبول شعبي كبير، أو إلغاء قانون الهجرة الذي تم إقراره العام الماضي، كما من المرجح أيضاً أن يطالب اليسار بزيادات ضريبية استبعدها الوسطيون. 

وفي حالة عدم تشكيل ائتلاف، قد يعين ماكرون حكومة يرأسها موظف حكومي رفيع المستوى أو شخصية مستقلة لإدارة البلاد على الأقل حتى يونيو 2025، عندما يصبح من الممكن الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة. 

 وأوضحت "فايننشال تايمز"، أن أول مهمة لهذه الحكومة ستكون إقرار الميزانية في الخريف المقبل، كما أن هناك مخاطر بأن يتم حجب الثقة عنها. 

واعتبرت الصحيفة أن مسألة سقوط هذه الحكومة قد يشكل "اختباراً غير مسبوق" للجمهورية الخامسة التي تأسست عام 1958.

تصنيفات

قصص قد تهمك