دعا رئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب، أحزاب الوسط ويمين الوسط إلى توحيد قواها لتشكيل حكومة جديدة في فرنسا، مع اكتساب المناورات السياسية زخماً في أعقاب الانتخابات المبكرة، التي تركت برلمان البلاد في حالة انقسام شديدة.
وقال إدوارد فيليب، رئيس حزب Horizons، وهو حزب يميني متحالف مع مجموعة ماكرون "معاً"، في مقابلة مع قناة TF1 التلفزيونية في وقت متأخر الثلاثاء: "أعتقد أننا نستطيع أن نجمع كتلة"، وأضاف: "يمكن أن يكون لها أغلبية نسبية".
وتأتي تعليقات فيليب في الوقت الذي يمهد فيه الانقسام المعقد في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، الطريق لإبرام صفقات غير مسبوقة لتشكيل ائتلاف حاكم.
وفي حين أن التحالف اليساري "الجبهة الشعبية الجديدة"، التي تضم الاشتراكيين والخضر وحزب "فرنسا الأبية"، لديه الآن عدد من النواب أكبر من تحالف ماكرون، إلا أنه بعيد عن الأغلبية المطلقة.
وفي معرض دفاعه عن الاتفاق، أشار فيليب إلى أن مجموعة ماكرون والجمهوريين المحافظين لديهما مجتمعين حوالي 220 مقعداً، وأن الاتفاق بينهما من شأنه أن يخلق أكبر مجموعة في البرلمان، ليتم التغلب على الجبهة الشعبية الجديدة، التي تملك 182 مقعداً.
وقال إدوارد فيليب: "لا أعتقد أننا سنتفق على ائتلاف"، مشيراً إلى أنه قد يكون "اتفاقاً فنياً" على "إدارة البلاد لمدة عام على الأقل".
فرنسا تترقب خطوة ماكرون التالية
وبعد أن تسببت دعوة ماكرون إلى انتخابات تشريعية مبكرة في ارتباك سياسي، يتعين على الرئيس الفرنسي الآن اختيار رئيس وزراء، وهو القرار الذي سيتم مراقبته عن كثب.
ويحتاج ماكرون إلى إيجاد مرشح يمكنه النجاة من تصويت حجب الثقة في مجلس النواب المنقسم.
وشهد ماكرون، الذي فقد حزبه الوسطي (النهضة) أغلبيته المطلقة في عام 2022، انكماش قاعدته السياسية بشكل أكبر، إذ يواجه منافسة من "التجمع الوطني" اليميني المتطرف لمارين لوبان، واليسار.
ومع عدم وجود موعد نهائي محدد لتعيين رئيس وزراء جديد، فقد تستغرق العملية بعض الوقت. في الوقت الحالي، لا يزال رئيس الوزراء جابرييل أتال في مكانه، ويدير أعمال الحكومة.
وحثت "الجبهة الشعبية" الجديدة ماكرون على عدم إبقاء أتال في منصب رئيس الوزراء لفترة طويلة، ودعته إلى تسمية شخص ما بسرعة من داخل مجموعتها، فيما تكافح من أجل التوصل إلى مرشح توافقي.
والاثنين، قال زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلينشون، في مقابلة على قناة LCI: "أشعر بالقدرة، وسأحافظ على نفس الاتجاه"، في إشارة إلى سعيه لتشكيل حكومة من "الجبهة الشعبية الجديدة".
وقال أوليفييه فوري، رئيس الحزب الاشتراكي، الثلاثاء، إنه يتوقع أن يتجمع التحالف اليساري حول مرشح لمنصب رئيس الوزراء في غضون أيام. وأضاف أن الأحزاب التي تشكل التحالف ستحتاج إلى التوصل إلى إجماع بدلاً من فرض أي شخص.
وأضافوري، معلناً ترشحه: "أنا مستعد لتولي هذا الدور".
وفي وقت سابق، الثلاثاء، مد حزبه يد السلام لبعض المشرعين من حركة ماكرون، وخاصة أعضائها ذوي الميول اليسارية.
وقالت جوهانا رولاند، المفاوضة الرئيسية للاشتراكيين ورئيسة بلدية نانت في غرب فرنسا، لقناة "فرانس 2": "نحن واضحو الرؤية ولكننا لسنا طائفيين، لذا فإن أولئك الذين يريدون مقابلتنا على هذه الأسس، أفكر بشكل خاص في ماكرون اليساري، سنكون منفتحين".
تحديات اقتصادية لفرنسا
وسلطت هذه الانتخابات الضوء على العجز المالي في فرنسا، خاصة مع اقتراح كل مجموعة سياسية رئيسية مليارات اليوروهات في خطط جديدة للإنفاق، بما في ذلك الأحزاب التي تدعم ماكرون.
وقد ترجم هذا إلى العائد الإضافي الذي يطالب به المستثمرون للاحتفاظ بالسندات الفرنسية، بدلاً من الأوراق المالية الألمانية.
ورغم أن فرنسا تجنبت "أسوء سيناريو" كان سيقودها إلى حالة انسداد، لو حصل "التجمع الوطني" اليميني المتطرف أو ائتلاف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري على الأغلبية المطلقة، إلا أنه من المرجح أن تكافح أي حكومة فرنسية جديدة لدفع المزيد من الإصلاحات الاقتصادية، أو إيجاد أرضية مشتركة بشأن السياسة المالية.
وقال إدوارد فيليب: "إن فرنسا اليوم من الصعب جداً حكمها، وفي الحقيقة، أياً كانت الكتل التي تصل إلى السلطة، سواء بـ182 مقعداً أو 220 مقعداً، فسيكون من الصعب جداً تلبية توقعات الفرنسيين، ووضع الإصلاحات اللازمة للبلاد".