الناتو يتهم الصين "للمرة الأولى" بدعم آلة الحرب الروسية.. وبكين: خطاب عدائي

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأمريكي جو بايدن يتحدث خلال اجتماع في قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في واشنطن. 10 يوليو 2024 - Reuters
الرئيس الأمريكي جو بايدن يتحدث خلال اجتماع في قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في واشنطن. 10 يوليو 2024 - Reuters
دبي -الشرق

بعد عقود من النظر إلى الصين كتهديد بعيد، اتهم قادة دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" بكين بأنها أصبحت "من أهم داعمي روسيا في حربها ضد أوكرانيا"، وطالبها بوقف شحنات "مكونات الأسلحة" وغيرها من التكنولوجيات الحيوية للجيش الروسي، مهدداً بأن لهذا الدعم "ثمن"، فيما اعتبرت الحكومة الصينية البيان "خطاباً عدائياً".

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن البيان الختامي لقمة الناتو الذي وافق عليه زعماء الحلف البالغ عددهم 32، يعد خروجاً كبيراً عن تقاليد "الناتو"، الذي لم يبدأ الإشارة إلى الصين كمصدر قلق سوى في عام 2019، ولكن فقط من خلال استخدام لغة لطيفة، ومن دون أي اتهامات مباشرة.

والآن، ولأول مرة، انضم الحلف إلى الاتهامات الأميركية للصين، بأنها "تقدم دعماً عسكرياً لروسيا".

لكن البيان الختامي، الذي سيتم إعلانه في نهاية قمة "الناتو" مساء الخميس، يحتوي على تهديد ضمني بأن دعم الصين المتزايد لروسيا "سيكون له ثمن". 

وجاء في مسودة البيان، أن الصين "لا يمكنها أن تسمح بشن أكبر حرب في أوروبا في التاريخ الحديث دون أن يؤثر ذلك سلباً على مصالحها وسمعتها"، زاعماً بشكل خاص أن الصين تقدم "دعماً واسع النطاق للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية".

ولم يحدد إعلان حلف شمال الأطلسي ما هو هذا "الثمن"، على الرغم من أن الخطوة الأولى الطبيعية والمرتقبة، هي فرض عقوبات اقتصادية تمنع الصين من الوصول إلى بعض الأسواق العالمية.

وحتى قبل عام مضى، كان الزعماء الأوروبيون مترددين في تحدي بكين، وخاصة دول مثل ألمانيا، التي تنظر إلى الدولة الآسيوية باعتبارها سوقاً مهمة للسيارات والسلع الفاخرة.

الصين: بيان مليء بالخطابات العدائية والأكاذيب

وفي رده على خطوة الناتو، قال متحدث باسم البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي، إن البيان المقرر إعلانه في ختام قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن، مليء "بالخطاب العدائي"، وإن المحتوى المتعلق بالصين "يتضمن استفزازات وأكاذيب".

وأضاف المتحدث، وفقاً لبيان أصدرته البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي، الخميس: "كما نعلم جميعاً، فإن الصين ليست هي سبب الأزمة في أوكرانيا".

وذكر المتحدث: "إعلان قمة الناتو في واشنطن مليء بعقلية الحرب الباردة والخطاب العدائي، والمحتوى المتعلق بالصين مليء بالاستفزازات والأكاذيب والتحريض والتشهير".

وشدد على أن "الموقف الأساسي للصين بشأن القضية الأوكرانية هو تعزيز محادثات السلام والتسوية السياسية، وهو الأمر الذي حظي باعتراف وتقدير واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي".

وطرحت بكين ورقة من 12 نقطة قبل أكثر من عام، تحدد المبادئ العامة لإنهاء الحرب، لكنها لم تدخل في التفاصيل. 

ومن جانبها، انتقدت الصين مراراً وتكراراً موقف حلف شمال الأطلسي في الحرب الأوكرانية، وحذّرت من توسعه في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وأقام زعماء اليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وأستراليا، الذين حضروا اجتماع الناتو، علاقات أقوى مع التحالف الأمني الغربي، ​​وسط انتقادات متزايدة لدور الصين في بحر الصين الجنوبي.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الأربعاء: "نحن نعارض بشدة أن يتصرف الناتو بما يتجاوز وصفه بأنه تحالف دفاعي إقليمي، ويدخل نفسه في منطقة آسيا والمحيط الهادئ للتحريض على المواجهة والتنافس، وتهديد الاستقرار في هذه المنطقة".

معلومات استخباراتية أميركية

وذكرت "نيويورك تايمز" أن إدارة بايدن قدّمت معلومات استخباراتية إلى دول الناتو، في محاولة لكسب المتشككين الذين جادلوا بأن الصين ليست لاعباً مركزياً في الحرب.

وقد نجح ذلك، ولكن فقط بعد أن نشرت الولايات المتحدة أسماء الشركات والمصنعين الواجهة في الصين، الذين كانوا ينقلون التكنولوجيا إلى روسيا.

وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، الأربعاء، في إشارة إلى الصين: "يوضّح الإعلان أن حلفاء الناتو يفهمون الآن بشكل جماعي هذا التحدي، ويدعون جمهورية الصين الشعبية إلى وقف هذا النشاط". 

وأضاف: "إذا استمر هذا الدعم من الصين، فسوف يؤدي إلى تدهور علاقاتها في جميع أنحاء أوروبا، وستواصل الولايات المتحدة فرض عقوبات على الكيانات الصينية المشاركة في هذا النشاط، بالتنسيق مع حلفائنا الأوروبيين".

وكان العديد من القادة الأوروبيين قد عارضوا الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أوائل عام 2022، قبل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، بشأن "شراكة بلا حدود" التي وقّعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينج، ولكن شكوكاً كانت لديهم بشأن تقديم الصين دعماً عسكرياً لروسيا.

وحتى بايدن قال إن لديه شكوكاً في قدرة الصين وروسيا، اللتين لديهما تاريخ طويل من العداء، على العمل معاً. 

وفي مارس 2023، خلال رحلة إلى كندا، قال بايدن: "أعتقد أننا نبالغ إلى حد كبير" في الشراكة. وأضاف: "لقد سمعت الآن طوال الأشهر الثلاثة الماضية أن الصين ستقدم أسلحة كبيرة لروسيا، سمعت الكثير من الحديث عن ذلك.. ولكن لم يفعلوا بعد. هذا لا يعني أنهم لن يفعلوا، لكنهم لم يفعلوا ذلك بعد".

ولكن وجهة النظر الأميركية تغيّرت بعد ذلك بشكل جذري، رغم تأكيدات الصين أنها لا تزود روسيا بأي أسلحة.

"أنشطة سيبرانية ومعلومات مضللة"

وتتهم الدول الغربية بكين بتوفير رقائق الكمبيوتر، والبرمجيات المتقدمة، والمكونات اللازمة لروسيا لإعادة بناء قاعدتها الصناعية الدفاعية، وتجديدها.

ويلقي البيان الختامي المرتقب للناتو، باللوم على الصين في "الأنشطة السيبرانية، بما في ذلك المعلومات المضللة" التي تستهدف الولايات المتحدة وأوروبا. 

وحذّرت الولايات المتحدة والعديد من حلفائها هذا الأسبوع من مجموعة قرصنة مرتبطة بوزارة أمن الدولة الصينية، زاعمين أنها تركز على سرقة الأسرار الحكومية والتجارية المحمية جيداً. 

وأمضى مسؤولون في البيت الأبيض معظم السنوات القليلة الماضية في التركيز على مجموعة مختلفة اتهموها بزرع برامج ضارة في البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة، والتي يمكن تفعيلها لقطع خطوط الأنابيب وشبكات الكهرباء، في أي مواجهة بين البلدين بشأن تايوان.

ونفت الصين أنها تستعد لهجمات إلكترونية، أو أن تكون عاملاً رئيسياً في الحرب في أوكرانيا. 

واتهم المسؤولون الصينيون، علناً وسراً، واشنطن بالنفاق العميق، مشيرين إلى عشرات المليارات من الدولارات من الذخيرة وأنظمة الصواريخ والدبابات وقريباً طائرات "إف-16" التي تمنحها الولايات المتحدة لأوكرانيا.

وتهدد هذه الاتهامات بشأن دور الصين في أوكرانيا، بتبديد الخطوات الإيجابية بين بكين وواشنطن بعد لقاء بايدن مع شي، في نوفمبر الماضي بكاليفورنيا. 

في ذلك الوقت، حذر بايدن الرئيس الصيني سراً من التدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، لكن الأدلة لم تكن متاحة بعد على أن الصين "أصبحت قوة رئيسية، إلى جانب إيران وكوريا الشمالية، في دعم المجهود الحربي الروسي"، وفق "نيويورك تايمز".

تصنيفات

قصص قد تهمك