بعد محاولة الاغتيال.. كيف يستعد الجمهوريون لمؤتمر ترشيح ترمب؟‎

time reading iconدقائق القراءة - 12
المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا قبل تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة بلحظات- 13 يوليو 2024 - Reuters
المرشح الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا قبل تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة بلحظات- 13 يوليو 2024 - Reuters
واشنطن-رشا جدة

أعلنت حملة الرئيس السابق دونالد ترمب استمرار المؤتمر الوطني الجمهوري، في موعده المقرر سلفاً، الاثنين 15 يوليو، في ميلووكي، بعد نجاة الرئيس السابق من محاولة اغتيال قبل يوم واحد خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا.

وتستعد مدينة ميلووكي في ولاية ويسكونسن، المتأرجحة الحاسمة، لاستضافة الحدث الذي يستمر 4 أيام من 15 إلى 18 يوليو، ويحضره أكثر من 50 ألف شخص. ويُتوقع أن يعلن فيه الرئيس السابق عن نائبه.

وللمرة الثالثة، خلال 8 سنوات، سيتم ترشيح ترمب عن الحزب الجمهوري لمنصب رئيس الولايات المتحدة.

ويعد إعطاء الحزب الجمهوري بطاقة الترشيح لترمب، مجرد إجراء شكلي، إذ حصل بالفعل على الأغلبية العظمى من المندوبين خلال عملية ترشيح الحزب الجمهوري على مستوى الولايات في مارس الماضي، ضمن فعاليات "الثلاثاء الكبير".

ويرى البعض أن الرئيس السابق عزز فرصه في السباق نحو البيت الأبيض، إذ حظي بدعم كبير من شخصيات سياسية وعامة بعد حادث إطلاق النار الذي تعرض له في بنسلفانيا، وأن الطريق أصبح ممهداً تماماً.

ومع ذلك، يقوم مندوبو الحزب من جميع الولايات الخمسين والأقاليم الأميركية الستة باختيار المرشح رسمياً لمنصب الرئيس، خلال المؤتمر.

وكان لاختيار ويسكونسن، الولاية التي يُتوقع منها أن تُحدد من يفوز عام 2024، أهمية سياسية من قِبل الجمهوريين، فقد فاز بها ترمب بفارق ضئيل عام 2016، لكنه خسرها بنفس الفارق الضئيل عام 2020 أمام الرئيس الحالي جو بايدن.

وقبل أيام قليلة، وتحديداً في 8 يوليو، أصدر الحزب الجمهوري برنامجه لعام 2024، والذي يُحدد رؤية ترمب وأجندته في حال انتخابه، وبينما يشمل ذلك الدعوات لإنهاء التصويت المبكر، لم يتضمن الحظر الفيدرالي على الإجهاض، والذي قد يكون محور خلاف في المؤتمر الجمهوري.

ويسكونسن.. ولاية حاسمة

كانت مدينة ميلووكي، التي تضم أكبر عدد من الديمقراطيين في الولاية، ألغت المؤتمر الوطني الديمقراطي عام 2020، الذي كان من المقرر انعقاده فيها، بسبب وباء كورونا، وتم نقل الحدث عبر الإنترنت.

ومع توقّع الجمهوريين أن تصبح ويسكونسن ولاية حاسمة مرة أخرى، قرروا عقد المؤتمر الجمهوري فيها هذا العام، وقد تحدد ويسكونسن من سيفوز عام 2024، بعد أن أوصلت بايدن إلى البيت الأبيض بأقل من نقطة مئوية واحدة في 2020.

وخسر دونالد ترمب الولاية بـ21 ألف صوت فقط عام 2020. وتُظهِر استطلاعات الرأي العام سباقاً آخر متقارباً مع بايدن في ويسكونسن هذا العام.

وفي حديث لـ"الشرق"، أشار أستاذ الشؤون الحكومية في "جامعة كورنيل" ريتشارد بنسل، إلى أنه في وقت سابق من هذا العام، كانت ولاية ويسكونسن تميل نحو الديمقراطيين في السباق الرئاسي، لكن بعد أداء جو بايدن الضعيف في المناظرة الرئاسية مع دونالد ترمب، يبدو أنها تميل نحو الجمهوريين.

وبشأن محاولة اغتيال ترمب، قال بنسل إن "إطلاق النار بالتأكيد سيزيد من الحدة العاطفية للمؤتمر الذي كان يبدو مملاً في السابق، لكن بعد محاولة الاغتيال، قد يعرض منظمو المؤتمر الجمهوري ترمب كشهيد شجاع نجا بصعوبة من الموت".

وأكد الأكاديمي الأميركي، الذي ترتكز أبحاثه على التطور السياسي في الولايات المتحدة والأحزاب والانتخابات، أن عقد مؤتمر الترشيح في ولاية ما من شأنه أن يُعزز الحزب في تلك الولاية بنسبة 1 أو 2% على الأقل، لكنه لفت أيضاً إلى أن "ترمب انتقد بشدة مدينة ميلووكي، التي سيعقد فيها مؤتمر الحزب الجمهوري، وهو ما قد يبطل هذا التأثير".

وكان دونالد ترمب، وصف مدينة ميلووكي ذات الأغلبية الديمقراطية، الشهر الماضي، بأنها "مدينة مروعة"، وسرعان ما انهالت عليه الانتقادات من قِبل الديمقراطيين. لكن المتحدث باسم حملة ترمب ستيفن تشيونج، فسّر تصريح ترمب، في منشور على منصة "إكس"، قائلاً إن "ترمب كان يتحدث عن مدى فظاعة الجريمة والاحتيال الانتخابي هناك".

وكان الرئيس السابق كرر مزاعمه بشأن فوزه بولاية ويسكونسن عام 2020، وأن الاحتيال الديمقراطي والتزوير جعله يخسرها بأقل من نقطة واحدة.

لكن الباحث السياسي في مركز الدراسات السياسية التابع لجامعة فيرجينيا، جون مايلز كولمان، رأى أن الحادث الذي تعرض له ترمب سيغير من المشهد تماماً.

وقال كولمان لـ"الشرق"، إن خطاب ترمب في المؤتمر سيتغير بعد الحادث، وينصب على "مزاعمه وادعاءاته بأنه مُستهدف من أعدائه، ولايمكن لأحد إنكار ذلك. سيزيد الحادث من دعمه بالتأكيد".

من جانبه، وصف أستاذ السياسة العامة في مركز الدراسات العليا في جامعة نيويورك براون هيث حادثة إطلاق النار على ترمب بأنها "فظيعة"، مشيراً إلى أنه "سيكون لها تأثير عميق على المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، إذ من الصعب تخيل أي متحدث لا يتطرق إلى محاولة الاغتيال، والعنف السياسي، وسياسات السيطرة على الأسلحة المعقولة، وسيصبح المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري حدثاً مختلفاً تماماً".

وعن ولاية ويسكونسن، اعتبر هيث أنها ستكون ولاية "ساحة المعركة" عام 2024، وقال إن استطلاعات الرأي تُشير إلى أن السباق متقارب بين ترمب وبايدن، "مع تقدم ترمب قليلاً في الوقت الحالي، بهامش خطأ بسيط".

ويأتي اختيار الجمهوريين لولاية ويسكونسن، في سياق استمرارهم باختيار الولايات المتأرجحة على مدى عقدين من الزمن لإقامة المؤتمر الجمهوري، مثل كارولينا الشمالية، وأوهايو، وفلوريدا، من أجل التأثير على تلك الولايات، لكن براون هيث لا يعتقد أن موقع المؤتمر في الولاية يُحدث فرقاً كبيراً في نوفمبر. وقال إن ترمب كان سيفوز بولاية كارولاينا الشمالية عام 2020 وأوهايو في عام 2016 "سواء عُقد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في تلك الولايات في تلك السنوات أم لا".

أجندة ترمب

وقبل أيام قليلة من عقد المؤتمر الوطني، أصدر الحزب الجمهوري برنامجه الانتخابي لعام 2024، الذي يحدد أجندة ترمب في حال تم انتخابه. ويطرح البرنامج، غير المُلزم، موقف ترمب من الإجهاض وحق كل ولاية أميركية في اتخاذ القرار على حدة، ولا يذكر البرنامج حظراً فيدرالياً على الإجهاض.

كما يضم البرنامج، أيضاً، قضية الهجرة، وتنفيذ أكبر عملية ترحيل على الإطلاق في اليوم الأول لترمب، وإغلاق الحدود، والبرنامج بتخفيضات ضريبية، وفرض رسوم جمركية إضافية على السلع الأجنبية. ويتكون البرنامج من 16 صفحة ونقاط موجزة، يُتوقع أن تتم الموافقة عليه في اليوم الأول من المؤتمر.

واستبعدت أستاذة الشؤون الحكومية والمديرة الأكاديمية لمعهد إدارة الحملات في الجامعة الأميركية بواشنطن، كانديس نيلسون، في حديثها مع "الشرق" أن يحدث خلاف حول بنود البرنامج خلال المؤتمر، وتابعت: "سيتفق الجمهوريين عليه". لكن هيث رجّح أن يحدث خلاف حول الإجهاض والعديد من المواضيع الأخرى، مثل الحرب في أوكرانيا، والضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية.

من جانبه، أشار بنسل إلى أنه سيحدث خلاف حول بند الإجهاض، لأن العديد من الجمهوريين يؤيدون فرض حظر وطني، بينما يُفضل ترمب السماح للولايات باتخاذ القرار بشأن هذه القضية، ومع ذلك "لن يُشكل ذلك جدلاً كبيراً في المؤتمر، لأن أغلبية كبيرة من المندوبين ستؤيد موقف ترمب، خاصة بعد الحادث".

وعن بنود الأجندة، قال هيث إن معظم الناخبين يريدون أن يسمعوا ما هي الأجندة السياسية الحقيقية للحزب الجمهوري، خاصة أن ترمب لم يكن واضحاً تماماً بشأن الأجزاء التي يدعمها من برنامج الحزب ويعطيها الأولوية، خاصة فيما يتعلق بالإجهاض، وأضاف: "أعتقد أن الناخبين سوف يستمعون إلى الطريقة التي يشرح بها القادة الجمهوريون في المؤتمر موقف الحزب من الإجهاض بعبارات واضحة".

وبينما لفت بنسل إلى أن الحزب الجمهوري سيتبنى برنامجاً يحتوي على القليل مما يتواجد في خطب ترمب التقليدية، أشار من جانب آخر إلى أن بقية أجندة المؤتمر ستكون عبارة عن مجموعة من الخطب التقليدية التي تصف "فضائل دونالد ترمب، وشجاعته بعد الحادث، وكيف أن ادعاءاته كانت صحيحة، وأنه مهدد في قضاياه وفي حياته".

ومع ذلك، يبدو أن المؤتمر، الذي يأتي في ظروف استثنائية، يضم حدثاً مثيراً آخر، وهو إعلان اسم نائب الرئيس، الذي يحيط به الغموض.

وقبل المناظرة الرئاسية الأولى، قال ترمب إنه يعرف من سيختاره ليكون نائبه، لكنه عاد لاحقاً وقال إنه لا يزال يقرر، الأمر الذي فتح الباب أمام الكثير من التكهنات. ويُعتبر حاكم داكوتا الشمالية دوج بورجوم، والسيناتور عن ولاية أوهايو جي دي فانس، والسيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، من أكثر الخيارات ترجيحاً لتولي منصب نائب الرئيس الجمهوري.

وقالت نيلسون إن الغرض الرئيسي من المؤتمر هو ترشيح ترمب كمرشح الحزب للرئاسة، ومن المفترض أن يعلن عن مرشحه لمنصب نائب الرئيس في المؤتمر، "ما لم يقرر القيام بذلك في وقت مبكر، حتى يستعد المرشح لوضع خططه".

احتجاجات ضد المؤتمر الوطني

وبالتزامن مع انعقاد فعاليات المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي، يستعد تحالف يضم عدداً من المجموعات والنقابة لتنظيم مسيرة احتجاجية ضد ما أطلقوا عليه "الأجندة العنصرية والرجعية" للحزب الجمهوري، إضافة إلى الدعوة إلى حقوق المرأة، وحماية حقوق المهاجرين والإنجاب، والتضامن مع فلسطين.

وفي حين قوضت المدينة مسار الاحتجاجات لتكون بعيدة عن المؤتمر، صعّد التحالف، الذي أيدته أكثر من 120 مجموعة ونقابة، من نبرته، وقال في بيان إن "المدينة تنتهك الحقوق المنصوص عليها في التعديل الأول من خلال تقييد الأماكن التي يمكن للمتظاهرين التجمّع فيها. وهدد التحالف أن التعنت من قِبل مدينة ميلووكي قد يزيد من احتمالية احتكاك المتظاهرين بالشرطة".

وتاريخياً، كانت المؤتمرات الحزبية تشهد احتجاجات وتصعيدات كبيرة، ففي عام 2000 عندما استضافت فيلادلفيا المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، تم اعتقال ما يقرب من 400 متظاهر.

وشهد المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو عام 1986 احتجاجات واسعة النطاق للتنديد بحرب فيتنام، وأصيب، حينها، متظاهرون ورجال شرطة، وألقي القبض على أكثر من 589 متظاهراً.

من جانبه، قال بنسل إن الاحتجاجات ستستمر رغم حادث إطلاق النار على ترمب، لكن الاهتمام الإعلامي سيتحول الآن إلى مجريات المؤتمر.

وأضاف أنه قبل إطلاق النار، كان المؤتمر حدثاً ثانوياً مملاً، قد لا يحظى بتغطية واسعة، وكانت الاحتجاجات ستصبح المحور الأساسي للتغطية الإعلامية، ولكن محاولة اغتيال ترمب عكست هذا الوضع، ولذلك على الأرجح "سيحظى المؤتمر بالتغطية الأكبر".

واعتبر هيث أن الاحتجاجات والمؤتمرات تسيران في العادة، جنباً إلى جنب، وقال "ليس هناك شك في أنه ستكون هناك احتجاجات سلمية في المؤتمر الجمهوري، كما سيكون هناك في المؤتمر الديمقراطي في وقت لاحق من هذا الصيف".

وبينما أشار هيث إلى أن الاحتجاجات قد تعد جزءاً من الديمقراطية، حيث تدرك مجموعات الاحتجاج الاهتمام الذي سيتم جذبه إلى قضاياهم عندما ينظمون أنفسهم خلال وقت المؤتمر، فإنه لفت إلى أن مستوى التأمين للمؤتمر الجمهوري بعد حادث ترمب سيكون مكثفاً ودقيقاً للغاية.

وتابع: "أعتقد أن المنظمين سيكونون متيقظين للمزاج العام المتغير الذي سينتج بلا شك عن هذا الحادث في عطلة نهاية الأسبوع".

تصنيفات

قصص قد تهمك