أكدت حملة جو بايدن، الجمعة، أنه لن ينسحب من السباق الرئاسي أمام دونالد ترمب، فيما يواجه الرئيس الأميركي ضغوطاً متزايدة من قادة ومشرعين ديمقراطيين للانسحاب من انتخابات نوفمبر 2024، لإفساح المجال أمام مرشح جديد، ومحاولة تجنب "خسائر فادحة" للحزب، وفق وسائل إعلام أميركية.
وانضم 10 مشرعين ديمقراطيين، الجمعة، إلى مجموعة متزايدة من المشرعين، الذين يطالبون الرئيس بالانسحاب كمرشح عن الحزب الديمقراطي، ما يرفع عدد للديمقراطيين في الكونجرس الذين يريدون شخصاً آخر للترشح للرئاسة إلى أكثر من 30، وفق شبكة NBC News.
وأشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أنه بعد فترة من العزل في منزله الشاطئي بولاية ديلاوير، جراء إصابته بعدوى فيروس "كوفيد-19"، ازداد تقلّص دائرة المقربين من بايدن التي كانت صغيرة بالفعل، قبل ارتباكه في المناظرة الرئاسية مع منافسه الجمهوري دونالد ترمب.
وذكرت أن الرئيس، الذي أكد مراراً أنه قادر على "هزيمة" ترمب، يبقى مع عائلته، ويعتمد على عدد قليل من المساعدين منذ فترة طويلة، بينما يدرس ما إذا كان سيُذعن للضغوط المتزايدة، فيما قال بايدن في بيان، الجمعة، إنه يعتزم العودة إلى الحملة الانتخابية الأسبوع المقبل، ودعا إلى وحدة الحزب في محاولته لهزيمة ترمب، مضيفاً: "المخاطر كبيرة والخيار واضح، معاً، سوف ننتصر".
"تراجع" دعم بايدن
وفي وقت سابق الجمعة، أقرت جين أومالي ديليون، مديرة حملة جو بايدن، بـ"تراجع" دعم الرئيس، لكنها أصرت على أنه سيبقى "بالتأكيد" في السباق، وأن الحملة تدرس "عدة مسارات" لهزيمة ترمب.
وأضافت في مقابلة مع شبكة MSNBC التلفزيونية: "لدينا الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به لطمأنة الشعب الأميركي بأنه (بايدن) نعم كبير في السن، لكنه قادر على الفوز"؛ لكنها قالت إن الناخبين الذين يساورهم قلق بشأن أهلية بايدن للقيادة لم يغيروا موقفهم للتصويت لصالح ترمب، مضيفة: "لديهم تساؤلات، لكنهم سيبقون مع جو بايدن".
في الوقت نفسه، افتتحت ذراع وضع القواعد باللجنة الوطنية الديمقراطية اجتماعها، الجمعة، للمضي قدماً في خطط تصويت افتراضي عبر نداء الأسماء قبل 7 أغسطس لترشيح المرشح الرئاسي، قبل مؤتمر الحزب في وقت لاحق من الشهر نفسه في شيكاغو.
وقال السيناتور كريس كونز من ولاية ديلاوير، وهو أقرب أصدقاء بايدن في الكونجرس، والرئيس المشارك لحملته الرئاسية لوكالة "أسوشيتد برس"، إن "الرئيس بايدن يستحق الاحترام لإجراء مناقشات أسرية هامة مع أعضاء المؤتمر، والزملاء في مجلسي النواب، والشيوخ، والقيادة الديمقراطية، وعدم مواجهة التسريبات، والبيانات الصحفية".
وتوقعت الوكالة أن الأيام القليلة المقبلة ستكون "حاسمة" بالنسبة للرئيس وحزبه، بعد أن اختتم ترمب مؤتمراً وطنياً جمهورياً حماسياً في ميلووكي، بينما يدرس الديمقراطيون، الذين يسابقون الزمن، احتمالاً استثنائيا لانسحاب بايدن لصالح مرشح رئاسي جديد قبل مؤتمرهم.
هاريس ستكون "رئيسة جيدة"
ولفتت الوكالة إلى أنه وسط هذه الاضطرابات، يعتقد معظم الديمقراطيين أن نائبة الرئيس كامالا هاريس ستكون رئيسة جيدة، وفي الكونجرس، بدأ مشرعون ديمقراطيون، إجراء محادثات خاصة بشأن الاصطفاف خلف هاريس كبديل، وقال أحد المشرعين إن مستشاري بايدن غير قادرين على التوصل إلى توصية بالإجماع، بشأن ما يجب أن يفعله.
ويفكر المزيد بالكونجرس في الانضمام إلى الآخرين الذين دعوا بايدن إلى الانسحاب، في حين يفضل البعض عملية مفتوحة لاختيار مرشح رئاسي جديد.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "نورك" لأبحاث الشؤون العامة التابع لوكالة "أسوشيتد برس"، أن نحو 6 من بين كل 10 ديمقراطيين يعتقدون أن هاريس ستقوم بعمل جيد في المرتبة الأولى، بينما لا يعتقد نحو 2 من كل 10 ديمقراطيين أنها ستفعل ذلك، فيما قال 2 من كل 10 إنهما لا يمتلكان القدر الكافي من المعرفة للإجابة.
ضغوط على بايدن
ويمارس الديمقراطيون على أعلى المستويات ضغوطاً كبيرة على بايدن، لإعادة التفكير في ترشحه للانتخابات، إذ أعرب الرئيس السابق باراك أوباما عن مخاوفه لحلفائه، وأبلغت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي بايدن بشكل خاص أن الحزب ربما يفقد القدرة على السيطرة على مجلس النواب، إذا لم ينسحب من سباق عام 2024.
والجمعة، دعا النواب جاريد هوفمان، ومارك فيزي، وتشوي جارسيا، ومارك بوكان، الذين يمثلون مجموعة واسعة من التجمع الحزبي معاً، بايدن، إلى الانسحاب، وكتبوا في بيانهم المشترك: "يجب أن نهزم دونالد ترمب، لإنقاذ ديمقراطيتنا".
وأضافوا: "يجب أن نواجه حقيقة أن المخاوف العامة واسعة النطاق بشأن عمرك، ولياقتك البدنية تعرض للخطر ما ينبغي أن تكون حملة رابحة.. ربما لا تكون هذه التصورات منصفة، لكنها تعززت في أعقاب مناظرة الشهر الماضي، ومن غير المرجح الآن أن تتغير".
وانضمت أيضاً النائبة الديمقراطية من كاليفورنيا زوي لوفجرين، وهي حليفة مقربة من بيلوسي إلى مجموعة المنتقدين، الجمعة، ووجهت رسالة إلى بايدن، محذرة من أن ترمب "لا يزال يمثل تهديداً خطيراً للنظام الدستوري وسيادة القانون كما كان في 6 يناير 2021 عندما حرض على التمرد".
مطالب بـ"تمرير الشعلة"
ودعا السيناتور عن ولاية نيو مكسيكو مارتن هاينريش، الجمعة، بايدن إلى مغادرة السباق، ما يجعله ثالث ديمقراطي في مجلس الشيوخ يفعل ذلك.
وقال هاينريش، الذي يسعى لإعادة انتخابه هذا العام: "بتمرير الشعلة، سيؤمن (بايدن) إرثه كواحد من أعظم قادة أمتنا، ويسمح لنا بالتوحد خلف مرشح يمكنه هزيمة دونالد ترمب على أفضل وجه، وحماية مستقبل ديمقراطيتنا".
وبشكل منفصل، كتب النائب شون كاستن من إلينوي في مقال افتتاحي نشرته صحيفة شيكاغو تريبيون، أنه "بكل أسى، وبعد كثير من التفكير الشخصي" كان يدعو أيضاً بايدن إلى "تمرير الشعلة إلى جيل جديد".
بايدن يرفض الانسحاب
في المقابل، قال مسؤولو حملة بايدن، إن الرئيس كان أكثر التزاماً بالبقاء في السباق على الرغم من الدعوات التي تطالبه بالرحيل، ولم يجرِ كبار المساعدين في الجناح الغربي للبيت الأبيض (يضم المكاتب الإدارية) أي مناقشات، أو محادثات داخلية مع الرئيس بشأن انسحابه، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
وقال البيت الأبيض إن نتيجة اختبار بايدن (81 عاماً) جاءت إيجابية لـ"كوفيد-19"، أثناء سفره إلى لاس فيجاس في وقت سابق من هذا الأسبوع، ويعاني من "أعراض خفيفة" بما في ذلك "الشعور بتوعك عام" من العدوى.
ورفض الرئيس نفسه، في مقابلة إذاعية سجلت قبل ظهور نتيجة اختباره الإيجابية مباشرة، فكرة أن الأوان قد فات بالنسبة له للتعافي سياسياً، وقال إن الكثير من الناس لا يركزون على انتخابات نوفمبر حتى سبتمبر.
وأضاف في مقتطف من المقابلة نُشر، الخميس: "كل الحديث عن من يقود وأين، وكيف، هو نوع من كما تعلمون، كل شيء حتى الآن بيني وبين ترمب كان متساوياً في الأساس".
قلق ديمقراطي
مع ذلك، فإن ديمقراطيين مؤثرين، بما في ذلك زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، والزعيم الديمقراطي في مجلس النواب حكيم جيفريز، "يرسلون إشارات للقلق".
وقال جيفريز في مقابلة مع إذاعة WNYC، الجمعة: "هناك بالطبع عمل يتعين القيام به، وهذا هو الحال في الواقع لأننا دولة منقسمة بالتساوي"، مضيفاً: "بطاقة الترشيح الموجودة الآن هي البطاقة التي يمكننا الفوز بها.. إنه القرار الذي يجب أن يتخذه".
وفي أوساط الديمقراطيين على مستوى البلاد، يقول ما يقرب من الثلثين إن بايدن يجب أن ينسحب ويسمح لحزبه بترشيح مرشح مختلف، وفقاً لاستطلاع أجراه مركز "نورك"، وهذا يقوّض إلى حد كبير ادعاء بايدن بعد المناظرة بأن "الديمقراطيين العاديين" ما زالوا معه.
وقال النائب الديمقراطي من ولاية أوهايو جريج لاندسمان، وهو أحد أهم أهداف الجمهوريين في عام 2024، في بيان نشره على موقع التواصل "إكس" إن "هناك الكثير على المحك" في عام 2024 بالنسبة لبايدن للاستمرار كمرشح ديمقراطي.
وحضت النائبة المخضرمة من ولاية مينيسوتا بيتي ماكولوم، بايدن على الانسحاب، معربة عن دعمها لهاريس لتحل محله في السباق، وحاكم ولاية مينيسوتا تيم فالز، وهو عضو سابق في مجلس النواب، ليكون مرشحاً لمنصب نائب الرئيس.
وسرعان ما تبعت ماكولوم، النائبة الديمقراطية من ولاية فلوريدا كاثي كاستور، الرئيسة السابقة للجنة المختارة بمجلس النواب المعنية بأزمة المناخ.
وتعني الدفعة الجديدة من الانشقاقات أن أكثر من 10% من الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ (30 من أصل 264)، يطالبون بايدن بالخروج من السباق، بحسب NBC News.