يدخل الحزب الديمقراطي مقامرة تاريخية، إذا اعتزم ترشيح كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن، لخوض سباق الرئاسة بعد إعلان بايدن قرار الانسحاب من السباق الرئاسي الأحد، ليضع الحزب مصيره على محك قدرتها في التغلب على "العنصرية والتمييز الجنسي، وأخطائها السياسية"، وهزيمة المرشح الجمهوري دونالد ترمب.
فعلى مدار تاريخ الديمقراطية في الولايات المتحدة الذي يعود لأكثر من قرنين، لم ينتخب الأميركيون سوى رئيس واحد من أصول إفريقية، ولم ينتخبوا امرأة من ذات العرق، وهو ما يجعل حتى بعض الناخبين من نفس الأصول، يتساءلون عما إذا كانت "هاريس قادرة على تجاوز أصعب سقف في السياسة الأميركية".
ومن المتوقع أن تواجه هاريس تحديات كبيرة أخرى، عند كسبها ثقة الحزب الديمقراطي والتصدي لمهمة مواجهة ترمب في السباق، فلن يكون أمامها سوى 3 أشهر تقريباً للانتهاء من حملتها الانتخابية، وتوحيد الحزب والمانحين خلفها، بالرغم من أن عدداً كبيراً من الديمقراطيين متحمسون لفرصها.
ويخشى كثيرون من سيطرة ترمب والجمهوريين، ليس فقط على البيت الأبيض، وإنما على مجلسي النواب والشيوخ أيضاً.
وترجح لاتوشا براون، خبيرة الشؤون السياسية والمؤسس المشارك لصندوق "بلاك لايفز ماتر فاند"، أن يكون العرق مشكلة تعاني منها هاريس، قائلةً: "هل سيكون عرقها وجنسها مشكلة؟ بالتأكيد".
وتقول براون إن ترشح هاريس "سيأتي على النقيض تماماً من المرشح الجمهوري ترمب ونائبه لمنصب نائب الرئيس السناتور جيه.دي فانس، وهما من أصحاب البشرة البيضاء".
وأضافت: "هذا بالنسبة لي يعكس ماضي أميركا، في حين أنها (هاريس) تعكس حاضر أميركا ومستقبلها".
ورغم الثناء عليها في الأسابيع القليلة الماضية لدفاعها القوي عن بايدن، لا يزال بعض الديمقراطيين يشعرون بالقلق إزاء أداء هاريس الضعيف، في أول عامين لها في المنصب، والأهم من ذلك كله التاريخ الحافل بـ"التمييز العنصري" والجنسي في الولايات المتحدة.
وفي منافسة افتراضية، أظهر استطلاع للرأي أجرته "رويترز/إبسوس" في 15 و16 يوليو، تعادل هاريس وترمب، بحصول كل منهما على تأييد 44% من الناخبين، حيث أجري هذا الاستطلاع بعد محاولة اغتيال ترمب، إذ تقدم على بايدن بواقع 43% مقابل 41% في الاستطلاع نفسه.
ورغم تراجع شعبية هاريس، فإنها أعلى من معدلات تأييد بايدن، كما أظهر استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة "فايف ثيرتي إيت"، حصول هاريس على تأييد 38.6% من الأميركيين، بينما عارضها 50.4%. وفي المقابل، حصل بايدن على تأييد 38.5%، وعارضه 56.2%.
حملة ترمب ضد هاريس
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت، السبت، أن حملة ترمب تعد ما وصفته بـ"خطة هجومية" ضد هاريس، في حال انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، وتتضمن عدد كبير من الإعلانات التي تركز على سجلها في منصبها الحالي بالبيت الأبيض، والسابق في ولاية كاليفورنيا، وفقاً لما نقلته عن مصدرين مطلعين.
وأفادت الصحيفة الأميركية بأن فريق ترمب أعد بالفعل عدة ملفات عن هاريس، كما أن لديه ملفات مماثلة عن ديمقراطيين آخرين، قد يتم ترشيحهم عن الحزب في حال انسحاب بايدن من السباق.
وأشار المصدران إلى أنه حتى الآن يتم التركيز بشكل رئيسي في الاستعدادات على هاريس، بما في ذلك استطلاع للرأي أُجري مؤخراً لاختبار نقاط ضعفها في الانتخابات العامة.
ويستند اهتمام فريق ترمب بنائبة الرئيس إلى افتراضه أنه إذا تجاهل الديمقراطيون أول امرأة من أصول إفريقية تتولى منصب نائب الرئيس، فإن ذلك سيؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل الحزب، ويخاطر بتنفير قاعدتهم من الناخبين المنتمين لذات العرق.
ولم يرد المتحدث باسم حملة ترمب على رسالة بالبريد الإلكتروني طلبت فيها "نيويورك تايمز" الحصول على تعليق، فيما قال بريان فالون، المتحدث باسم حملة هاريس، في بيان: "بعد فشل اتفاق الحدود بين الحزبين، لجأ دونالد ترمب إلى الكذب بشأن سجل نائبة الرئيس، وباعتبارها مدعية عامة ومحامية سابقة، فقد واجهت المحتالين والمجرمين أمثاله طوال مسيرتها المهنية، ولذا فإن أكاذيب الرئيس السابق لن تمنعها من مواصلة ملاحقته في أكبر القضايا بهذا السباق".
وقبل انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلواكي، الأسبوع الماضي، ومع مطالبة عدد متزايد من الديمقراطيين بايدن بالانسحاب من السباق، أعد فريق ترمب لافتات ومقاطع فيديو تهاجم هاريس لعرضها أمام المندوبين في التجمعات الانتخابية ولجمهور التلفزيون في المنازل، وفقاً لأشخاص مطلعين على خطط الحزب.