بايدن وتعديل دستور الولايات المتحدة.. مسار طويل وإجراءات معقدة

خطة الرئيس الأميركي تتضمن نزع حصانة الرؤساء السابقين وإلغاء تعيين القضاة مدى الحياة

time reading iconدقائق القراءة - 9
منظر عام لمبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن. 1 يونيو 2024 - رويترز
منظر عام لمبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن. 1 يونيو 2024 - رويترز
دبي-مشعل النفيعي

ينتظر الرئيس الأميركي جو بايدن مساراً طويلاً ومعقداً في مسعاه لإجراء تعديل على دستور الولايات المتحدة من شأنه أن يحظر منْح حصانة شاملة للرؤساء السابقين، ويلغي تعيين القضاة مدى الحياة.

وتأتي مطالب بايدن بإجراء التعديل الدستوري This No One Is Above the Law Amendment "لا أحد فوق القانون"، بعدما أصدرت المحكمة العليا حكماً يقضي بحصانة الرئيس السابق والمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة دونالد ترمب من الملاحقة القضائية عن الأفعال "الرسمية" التي ارتكبها خلال ولايته.

وشدد بايدن الذي تنتهي ولايته في يناير المقبل، في بيان على أن "سلطة الرئيس محدودة، وليست مطلقة، ولا حصانة من الجرائم التي ارتكبها خلال ممارسته لمهامه".

وأشار إلى أن التعديل الدستوري الذي يطالب به "يوضح أنه لا يوجد رئيس فوق القانون أو محصّن من الملاحقة القضائية حال ارتكاب جرائم في أثناء توليه منصبه".

ويقول أستاذ القانون الدستوري والخبير القانوني في مؤسسة "هيرتاج" روبرت ناتلسون، إن الآباء المؤسسين حددوا 4 أسباب للتعديلات، أولها تمكين الشعب الأميركي من معالجة الخلل الحكومي وسوء المعاملة، وثانيها تصحيح أوجه القصور في صياغة الدستور الأصلي من خلال التعديلات، وفق "إندبندنت".

ويضيف: "أما ثالثها فهو الاستجابة للتطورات الجديدة، ورابعها حل الاختلافات في تفسير النص الأصلي للدستور، مثلما ألغى التعديل الـ11 الصادر عام 1795 قراراً للمحكمة العليا بسبب تفسيرها الذي غيّر من فهم الدستور، وأعاد التعديل المعنى الأصلي.

ومنذ أن تأسست الولايات المتحدة عام 1776، قدّم الكونجرس، بناء على المادة الخامسة من الدستور الأميركي الخاصة بالتعديل الدستوري، 33 مقترح تعديل، في حين تم تعديل الدستور 27 مرة فقط منذ صياغته عام 1787، منها 10 تعديلات تمت المصادقة عليها بعد 4 سنوات فقط والمعروفة باسم "وثيقة الحقوق" The Bill of Rights.

ولإقرار أي تعديل دستوري يجب أن تكون الفكرة المقترحة "ذات تأثير كبير على جميع الأميركيين أو تضمن حقوق المواطنين"، لذا عملية المصادقة عليه ليست بالمهمة السهلة إذ "تستغرق وقتاً طويلاً، وعملاً شاقاً"، وفقاً لما نصت عليها المادة الخامسة من الدستور التي لا تشير بدقة إلى آلية التصديق.

وسعى الأباء المؤسسون للولايات المتحدة إلى جعْل عملية إجراء تعديل على الدستور "صعبة"، ولكن "ليست مستحيلة"، بحسب صحيفة "بوليتيكو" التي أشارت إلى أن هذه العملية باتت "أكثر تعقيداً" في الوقت الحالي في ظل تفاقم الانقسام الحزبي داخل الولايات المتحدة.

وتُعد عملية تعديل الدستور الأميركي من الأصعب في العالم، وهذا ما يفسر أنه من بين نحو 11 ألف مقترح تعديل دستوري خلال 233 عاماً، تم تبنّي 27 تعديلاً فقط، كما أن أكثر من نصفها تم خلال الثلث الأول من تاريخ تأسيس الولايات المتحدة.

المادة الخامسة من الدستور الأميركي

وتنص المادة الخامسة من دستور الولايات المتحدة على أنه "يقترح الكونجرس إدخال تعديلات على هذا الدستور إذا رأى ثلثا الأعضاء في كل من المجلسين ضرورة لذلك، وله أن يدعو بناء على طلب المجالس التشريعية في ثلثي عدد الولايات إلى عقْد مؤتمر لاقتراح التعديلات التي تصبح قانونية في جميع مقاصدها وأهدافها باعتبارها جزء من هذا الدستور في أي من الحالتين ما أن تتم الموافقة عليها بواسطة المجالس التشريعية لثلاثة أرباع الولايات المختلفة، أو بواسطة المؤتمرات في ثلاثة أرباع الولايات وفق ما يقترحه الكونجرس بالنسبة لأي من هاتين الطريقتين بشرط ألا يكون لأي تعديل قد يوضع قبل عام 1808 أي تأثير على البندين الأول والرابع من الفقرة التاسعة من المادة الأولى، وألا تحرم أية ولاية، دون موافقتها، من حقها في المساواة في التصويت في مجلس الشيوخ".

ووفقاً للمادة الخامسة، هناك طريقتان لتقديم مقترح تعديل الدستور وهما:

  1. يطرح مجلسا النواب والشيوخ مقترحاً لتعديل دستوري من أجل التصويت عليه، وموافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين، ثم بعد ذلك يتم التصديق عليه من قِبَل الهيئات التشريعية (البرلمانات) لثلاثة أرباع الولايات، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي استخدمت في تاريخ الولايات المتحدة.

    ويتعين على 38 برلماناً من أصل 50 في الولايات المختلفة التصديق على التعديل، وذلك بعد موافقة 67 عضواً في مجلس الشيوخ المكون من 100 عضو، و288 عضواً في مجلس النواب من أصل 435، بحسب "بوليتيكو".

  2. يدعو الكونجرس إلى عقد مؤتمر دستوري بناء على طلب ثلثي الهيئات التشريعية للولايات (34 من أصل 50 ولاية) من أجل التصويت بشكل مباشر على التعديل، وهي طريقة لم تُستخدم من قبل.

5 خطوات نحو إقرار التعديل الدستوري:

موافقة الكونجرس

تبدأ إجراءات عملية تعديل الدستور بموافقة الكونجرس على لغة التعديل المقترحة، وذلك بأغلبية ثلثي أصوات مجلسي الشيوخ والنواب.

إخطار الولايات

يتولى أمين المحفوظات الذي يُعيّنه الرئيس الأميركي، ويرأس إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية (NARA)، بعد ذلك مسؤولية إدارة عملية التصديق على التعديل.

ويتم إرسال الوثيقة الأصلية للمقترح مباشرة إلى مكتب السجل الفيدرالي التابع لإدارة الأرشيف والوثائق الوطنية، من أجل المعالجة والنشر.

ويُقدّم مكتب السجل الفيدرالي المعني بفحص التعديلات الدستورية ومستندات التصديق الدستوري لكفاية الشرعية القانونية وتوقيع المصادقة، بعد ذلك ملاحظاته على التعديل، وينشره على شكل قانون مقدم من الكونجرس بشكل فردي.

ثم يُقدّم أمين المحفوظات التعديل المقترح إلى الولايات الـ50 للنظر فيه، وذلك عن طريق إرسال خطاب إخطار إلى كل حكام الولايات مع المعلومات التي أعدَّها مكتب السجل الفيدرالي.

مصادقة ثلاثة أرباع الولايات

يُقدّم حكام الولايات بذلك التعديل المقترح رسمياً إلى الهيئات التشريعية (البرلمانات) في ولاياتهم، أو تدعو الولاية إلى عقْد مؤتمر دستوري، وذلك بناء على ما يحدده الكونجرس الذي يجوز له إقرار مدة زمنية معينة لهذه الإجراءات.

ويجب على الهيئات التشريعية في الولايات المختلفة التصديق على لغة التعديل المقترحة إما بـ"الموافقة أو الرفض" في كلا الغرفتين، دون إجراء تعديلات على المقترح.

لكن غالباً ما تدعو برلمانات الولايات الكونجرس إلى إجراء تعديلات على المقترح، وفي حين قد تؤدي هذه الدعوات إلى بعض الضغوط السياسية، إلا أن الكونجرس ليس ملزماً دستورياً بالاستجابة، إذ لا ينص الدستور الأميركي على مادة تلزمه بتعديل المقترح بناء على طلب عدد معين من الولايات.

إرسال الوثائق إلى مكتب السجل الفيدرالي

بعد مصادقة برلمان الولاية على التعديل الدستوري المقترح، والذي لا يلزم توقيع حاكم الولايات عليه، تُرسل نسخة إلى أمين المحفوظات الذي بدوره ينقلها على الفور إلى مكتب السجل الفيدرالي الذي يفحص وثائق التصديق للتأكد منها.

وفي حال تبين أن الوثائق سليمة، يُقر مدير المكتب باستلامها ويحتفظ بها، بحسب موقع إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية، الذي ذكر أن مكتب السجل يحتفظ بهذه الوثائق حتى يتم اعتماد التعديل أو فشله.

ويصبح التعديل المقترح جزءاً من الدستور بمجرد التصديق عليه من قِبَل ثلاثة أرباع الولايات (38 من أصل 50 ولاية)، بحسب "بوليتيكو".

إعلان التعديل الدستوري

وبعد أن يستلم مكتب السجل الفيدرالي الوثائق المصدقة من قِبَل ثلاثة أرباع الولايات، يصوغ إعلاناً رسمياً يُقر فيه بأن التعديل أصبح جزءاً من الدستور الأميركي.

وفي التاريخ الحديث، أصبحت مسألة تصديق أمين المحفوظات على قانونية الوثائق التي أرسلتها الولايات، تتطلب إقامة احتفالية يحضرها كبار المسؤولين الأميركيين منهم الرئيس الذي ليس له دور دستوري في إجراءات التعديل.

ولم يحدد الدستور الأميركي مدة زمنية معينة من أجل التصديق على التعديل الدستوري، إلا أن المحكمة العليا تشدد على ضرورة أن "تتم عملية التصديق خلال فترة زمنية معقولة بعد تقديم المقترح".

تصنيفات

قصص قد تهمك