وفاة وليام كالي الضابط المدان بالقتل الجماعي في مذبحة "مي لاي" بفيتنام

time reading iconدقائق القراءة - 8
وليام كالي في الصورة أثناء محاكمته العسكرية في فورت بينينج، جورجيا، في 23 أبريل 1971. - AP
وليام كالي في الصورة أثناء محاكمته العسكرية في فورت بينينج، جورجيا، في 23 أبريل 1971. - AP
دبي-الشرق

توفي وليام كالي جونيور، المدان الوحيد بقتل مئات المدنيين الفيتناميين العزل وغير المقاومين في المذبحة التي عُرفت باسم مذبحة "مي لاي" خلال حرب فيتنام، في إحدى دور الرعاية بجينزفيل، بولاية فلوريدا، يوم 28 أبريل، حسبما أظهرت سجلات إدارة الضمان الاجتماعي، الاثنين.

ولم يتم الكشف عن سبب وفاته للعامة، كما لم تستجب أفراد عائلة كالي في الحال لطلبات من صحيفة "نيويورك تايمز" للإدلاء بمزيد من المعلومات.

وبعد نحو 56 عاماً من قتل ما يصل إلى 500 امرأة وطفل ورجل على يد الأميركيين الذين شنوا هجوماً على قرية صغيرة باستخدام الأسلحة الآلية والقنابل اليدوية والحراب، واغتصبوا الفتيات والنساء، وقتلوا الماشية، وحرقوا البيوت والأكواخ، لا تزال مذبحة "مي لاي" يتردد صداها كواحدة من "أسوأ اعتداءات الحروب وحشية وإثارة للانقسام".  

وفي صبيحة 16 مارس من عام 1968، كان الملازم الثاني كالي، قائد الفصيلة الذي يبلغ من العمر 24 عاماً، والذي لم يمر على وصوله إلى فيتنام أكثر من 3 أشهر، يقود حوالي 100 رجل من سرية تشارلي إلى قرية مي لاي 4، وهي "قرية صغيرة داخلية في منتصف الطريق تقريباً إلى الساحل الشرقي جنوبي فيتنام".

تفاصيل القصة

وانتقل الأميركيون بموجب أوامر غامضة تشير إلى أن أي شخص يتم العثور عليه في القرية، حتى من النساء والأطفال "قد يكون من الأعداء الفيتكونج"، وبينما لم يجدوا أي مقاومة، اندفع الجنود الأميركيون لإطلاق النار، وخلال الساعات القليلة التالية تكشفت الفظائع. 

وفي هذا السياق، ذكر شهود عيان أن الأميركيين ألقوا القبض على الضحايا من أكواخهم، وقادوهم إلى وسط القرية، حيث قاموا بإطلاق النار عليهم، حسبما أوردت "نيويورك تايمز".  

وأضافوا:" أنه تم قتل القرويين الذين رفضوا الخروج من أكواخهم بالقنابل اليدوية، كما تم إطلاق النار على آخرين، أثناء خروجهم من مخابئهم، وتعرض الأطفال للطعن بالحراب وإطلاق النار، كما تم اغتصاب عدد غير معروف من الإناث، وإطلاق النار عليهن" كما التقط مصور فوتوغرافي عسكري صوراً للعمليات.

وعلى الرغم من أن الرؤساء المباشرين للملازم كالي، كانوا يعرفون ما حدث بشكل عام، إلا أنه تم التستر على المذبحة في التقارير العسكرية التي وصفتها بأنها "مهمة بحث وتدمير ناجحة"، ولم يستغرق الأمر سوى عام ونصف، حتى مضت التحقيقات قدماً، ووصلت القصة إلى العالم المصدوم.

ترقية الملازم

وفي هذه الأثناء، تمت ترقية الملازم كالي إلى رتبة ملازم أول، وهو "رجل قصير وممتلئ الجسم يحتقره الجنود وزملاؤه الضباط باعتباره قائداً غير آمن، ولا يستطيع قراءة خريطة أو بوصلة، ويبدو أنه يفتقد إلى الحس السليم في الميدان" ، وحصل على النجمة البرونزية مع مجموعة من أوراق البلوط وقلب أرجواني، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".

وفي 6 سبتمبر 1969، اتُهم كالي بالقتل الجماعي للمدنيين في مي لاي، وكان واحداً ضمن 25 شخصاً اتهموا في القضية، بينهما جنرالان متهمان بسوء السلوك، وتم تبرئة الجميع، ومنهم النقيب إرنست مدينا، قائد السرية، ما عدا الملازم كالي. 

وبدأت محاكمة كالي، في فورت بينينج، بولاية جورجيا في نوفمبر 1970، واتهم بقتل 102من العزل بشكل شخصي، كما رفض العديد من الجنود الإدلاء بشهاداتهم. 

ووفق "نيويورك تايمز" فإنه لم يتم تحديد عدد الضحايا في "مي لاي" بدقة، إذ لم يحص الجيش الجثث، فيما أحصت التقديرات الرسمية الأميركية 347 ضحية، وضم نصب تذكاري فيتنامي في الموقع 504 أسماء تتراوح أعمارهم بين عام و82 عاماً.

ولم يعرب الملازم كالي خلال الأيام الثلاثة التي أدلى فيها بشهادته عن أي شعور بالندم أو تأنيب الضمير، وأصر على أنه لم يفعل شيئاً سوى "اتباع الأوامر التي أصدرها له النقيب بقتل جميع المدنيين، ونقل عنه قوله إن "الجميع في القرية أعداء"، ولكن النقيب أنكر ذلك، وأصر على أن أوامره كانت تنطبق فقط على "جنود العدو".  

وفي مارس 1971، أدين الملازم كالي بقتل "ما لا يقل عن 22 فيتنامياً عمداً"، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.

وشعر الأميركيون الذين انقسموا منذ فترة طويلة بشأن حرب فيتنام بالغضب الشديد، ووصفوا كالي بأنه "كبش الفداء لسلسة طويلة من القادة الذين مروا بجرائمهم دون عقاب". وألقى كثيرون باللائمة على الحرب نفسها، أو قالوا إن الملازم كان يؤدي واجبه.  

وعج البيت الأبيض والكونجرس بالاحتجاجات على الحكم. ووصفه حاكم ولاية جورجيا آنذاك، جيمي كارتر، بأنه "ضربة لمعنويات القوات".  

وبعد أيام من صدور الحكم، أخرج الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون الملازم كالي من السجن، وسمح له بالبقاء في شقته التي كان يقيم فيها كأعزب في فورت بينينج، في انتظار الاستئناف. 

تخفيض مدة السجن 

وعبر سلسلة من المناورات القانونية، خفض القائد العام للموقع العسكري مدة السجن مدى الحياة إلى 20 عاماً، قبل أن يخفضها وزير الجيش هوارد كالاواي إلى 10 أعوام، مؤكداً أن الملازم كالي سيحصل على إطلاق سراح مشروط بعد قضاء ثُلث المدة فقط.  

وفي عام 1974، أسقط القاضي الفيدرالي في جورجيا، روبرت إليوت، الإدانة، وقال إن كالي "لم يحصل على حقه في محاكمة عادلة بسبب الدعاية الضارة".  

واستأنف الجيش على حكم المحكمة الفيدرالية، وتم احتجاز كالي في ثكنات فورت ليفنورث، بولاية كانساس لمدة 3 أشهر قبل أن يُطلق سراحه بكفالة ولم يعد بعدها إلى الحبس.  

وفي عام 1975، نقضت محكمة الاستئناف في نيو أورلينز حكم القاضي إليوت، وأعادت الإدانة.

وفي عام 1976، رفضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة إعادة النظر في القضية، وأبقت على الإدانة، مغلقة بذلك فصلاً مريراً في التاريخ الوطني الأميركي.

في ذلك الوقت كان كالي مؤهلاً للإفراج المشروط، وتم تقليص الحكم بالسجن مدى الحياة إلى الإقامة الجبرية لمدة تزيد قليلاً عن 3 سنوات، والحبس في الثكنات والتي انتهت في عام 1974. 

وتحولت مذبحة "مي لاي" إلى مادة خصبة للكتب والأفلام السينمائية والأفلام الوثائقية، وقدم كالي نسخته في "الملازم كالي: قصته الخاصة" (1971، مع جون ساك). 

وعلى مدى عقود، لم يقل كالي شيئاً عما حدث في ذلك اليوم في مي لاي، ولكن في عام 2009 أعرب الملازم السابق عن أسفه في خطابه أمام منتدى نادي كيوانيس في كولومبوس، قائلاً: "لا يمر يوم دون أن أشعر بوخز الضمير جراء ما حدث في ذلك اليوم في مي لاي".  

وأضاف: "أشعر بتأنيب الضمير تجاه الفيتناميين الذين قتلوا وعائلاتهم، وتجاه الجنود الأميركيين الذين تورطوا في هذه المذبحة وعائلاتهم. إنني آسف جداً". 

تصنيفات

قصص قد تهمك