تساءل المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب، الأربعاء، ما إذا كانت منافسته الديمقراطية كامالا هاريس "هندية" أم "سوداء" في مقابلة مثيرة للجدل في أكبر تجمع سنوي للصحافيين السود في البلاد، وهو ما اعتبرت نائبة الرئيس أنه أسلوب يدعو إلى "الانقسام"، ويشير إلى "عدم احترام"، قائلة إن "بلادنا تستحق أفضل من هذا".
وجاء تصريح الرئيس السابق في مقابلة بالمؤتمر السنوي للرابطة الوطنية للصحافيين السود في شيكاغو. وبدأت المقابلة في أجواء توتر حين سردت راشيل سكوت، مراسلة شبكة ABC News سلسلة التعليقات العنصرية التي أدلى بها ترمب، وتساءلت عن سبب دعم الناخبين السود له.
وقال ترمب عن منافسته في السباق الرئاسي: "هل هي هندية أم سوداء؟"، ما أثار موجة من الاستهجان من جمهور بلغ عدده نحو ألف شخص.
وأشار إلى أنه لم يكن يعلم أن هاريس سوداء حتى وقت قريب، قائلاً: "كانت هندية منذ البداية، وفجأة تحولت وأصبحت سوداء، وتريد أن تُعرّف بهذا العرق الآن".
وذكر ترمب أن هاريس، أول امرأة من أصول إفريقية تسعى للترشح للرئاسة، كانت في الماضي تروّج فقط لأصولها الهندية، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
ولطالما قالت هاريس التي تنحدر من أصول هندية وجامايكية إنها سوداء وآسيوية. وهي أول أميركية سوداء وآسيوية تشغل منصب نائب الرئيس الأميركي.
وخلال المقابلة، دخل الملياردير الجمهوري في مواجهة مع مراسلة ABC News راشيل سكوت، واتهَمها بتقديم "مقدمة غير لائقة جداً" بأسئلة صعبة بشأن انتقاداته السابقة لأشخاص وصحافيين ذوي أصول إفريقية، وهجومه على المدعين العامين من أصل إفريقي، والعشاء الذي أقامه في ناديه بفلوريدا مع متطرف أبيض.
وقال ترمب: "أعتقد أنه من المخزي أنني جئت هنا بروح جيدة. أحب السكان السود في هذا البلد، لقد قمت بالكثير من أجلهم".
وكرر ترمب مزاعمه بأن المهاجرين غير الشرعيين "يأخذون وظائف السود"، معتبراً أنه كان "أفضل رئيس للسود منذ عهد (الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة) أبراهام لينكولن"، مما تسبب في ردود فعل متباينة من الجمهور، حيث كان هناك مزيج من صيحات الاستهجان والتصفيق.
أحداث الكابيتول
وسألت سكوت ترمب عن تعهده بالعفو عن المدانين في أحداث الشغب التي حدثت في مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير 2021، وسألته بشكل محدد عما إذا كان سيعفو عن أولئك الذين اعتدوا على ضباط الشرطة.
وأجاب ترمب قائلاً: "بالتأكيد سأفعل"، وأضاف: "إذا كانوا أبرياء، فسأعفو عنهم".
وأشارت سكوت إلى أنهم أدينوا وبالتالي ليسوا أبرياء، فرد ترامب: "حسنا، لقد أدينوا بواسطة نظام قاسي جداً جداً".
وفي نقطة معينة، أثناء دفاعه عن أنصاره الذين دخلوا الكابيتول في 6 يناير، قال ترمب: "لا شيء مثالي في الحياة".
وقارن ترمب بين تمرد 2021 والاحتجاجات في مينيابوليس ومدن أخرى في 2020 بعد وفاة الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد على يد ضباط شرطة مينيابوليس، وكذلك الاحتجاجات الأخيرة في الكابيتول الأسبوع الماضي من قبل المتظاهرين المعارضين للحرب في غزة.
وزعم ترمب أنه لم يعتقل أي شخص في تلك الاحتجاجات الأخرى وأن أنصاره فقط كانوا مستهدفين. وبينما كان ترامب يجري هذا المقارنة، صرخ رجل قائلاً: "سيدي، ألا تشعر بالخجل؟".
هاريس: "عدم احترام"
في المقابل، ردت نائبة الرئيس كامالا هاريس بحذّر على الرئيس السابق بعد أن شكك في شرعية هويتها كامرأة سوداء، قائلة، الأربعاء، إنه قدم "نفس العرض القديم" من "الانقسام وعدم الاحترام".
وأضافت هاريس خلال مؤتمر منظمة "سيجما جاما رو"، وهي إحدى أبرز جمعيات النساء السود في البلاد: "يستحق الشعب الأميركي الأفضل. يستحق الشعب الأميركي قائداً يقول الحقيقة، قائداً لا يرد بالعداء والغضب عند مواجهة الحقائق. نستحق قائداً يفهم أن اختلافاتنا لا تفرقنا- إنها مصدر أساسي لقوتنا".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير في إفادة صحافية رداً على تصريحات ترمب إن "ما قاله للتو مثير للاشمئزاز... إنه مهين".
ومنذ إطلاق حملتها الانتخابية للبيت الأبيض في وقت سابق من الشهر الجاري، واجهت هاريس وابلاً من الهجمات التمييزية والعنصرية على الإنترنت وشككت بعض الحسابات اليمينية المتطرفة في هويتها العرقية.
وحض زعماء الحزب الجمهوري المشرعين على الامتناع عن الهجمات الشخصية والتركيز على مواقفها السياسية.
وخلال فترة دراستها الجامعية، التحقت هاريس بجامعة "هوارد"، التي تُعد واحدة من أبرز الجامعات التاريخية لذوي الأصول الإفريقية في البلاد، وانضمت أيضاً إلى الجمعية النسائية التاريخية لذوي الأصول الإفريقية "ألفا كابا ألفا".
وبصفتها عضو في مجلس الشيوخ الأميركي، كانت هاريس عضواً في الكتلة، التي تمثل ذوي الأصول الإفريقية في الكونجرس، ودعمت تشريعات زملائها التي تهدف إلى تعزيز حقوق التصويت وإصلاح الشرطة.
ترمب: "بلدنا سينتهي"
وخلال تجمع انتخابي في هاريسبرج بولاية بنسلفانيا في وقت لاحق، الأربعاء، لم يكرر ترمب انتقاده لعرق هاريس، على الرغم من أنه وصفها بأنها "كاذبة"، وقال إنها تحاول تغيير صورتها. كما تلعثم مراراً في نطق اسمها الأول.
وقال ترمب: "إذا أصبحت (هاريس) رئيسكم ، فإن بلدنا سينتهي".
وقبل اعتلائه المنصة، عرض فريق ترمب ما بدا أنه عناوين إخبارية تعود لسنوات ماضية تصف هاريس بأنها "أول سيناتور أميركي من أصل هندي" على الشاشة الكبيرة في الساحة.
وأثارت دعوة ترمب للتحدث في المؤتمر السنوي للرابطة الوطنية للصحافيين السود جدلاً داخلياً كبيراً بين أعضاء الرابطة، وانتقل هذا الجدل إلى الإنترنت. وعادة ما تدعو منظمات الصحفيين من ذوي الأصول الأفريقية المرشحين الرئاسيين للتحدث في اجتماعاتها الصيفية في سنوات الانتخابات.
لكن قبول ترمب لدعوة الجمعية دفع عضوا بارزاً واحداً على الأقل في الرابطة إلى التنحي عن منصب الرئيس المشارك للمؤتمر. وأعرب آخرون عن مخاوفهم من أن ترمب سيُمنح منبراً لتقديم ادعاءات كاذبة أو إعطاء الانطباع بأنه يحظى بتأييد المجموعة.
وبينما يخوض حملته الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض للمرة الثالثة، سعى ترمب إلى الظهور خارج معاقله التقليدية للدعم، وروجت حملته لجهوده في محاولة لكسب تأييد الأميركيين من أصول أفريقية، الذين كانوا الكتلة التصويتية الأكثر التزاماً للديمقراطيين.
حملة هاريس تحذر
وكانت حملة كامالا هاريس حذرت قبل ظهور ترمب من أنه "سيكذب بشأن سجله"، وأصدرت جاسمين هاريس، مديرة شؤون الإعلام المتعلق بذوي الأصول الإفريقية في الحملة، بياناً انتقدت فيه ترمب بسبب "تاريخه في التقليل من قيمة أعضاء الرابطة الوطنية للصحافيين السود والشخصيات المكرمة، التي تعتبر دعائم لصحافة السود".
وقالت هاريس: "لا يقتصر الأمر على أن دونالد ترمب لديه تاريخ في التقليل من قيمة أعضاء الرابطة الوطنية للصحافيين السود، بل لديه أيضاً تاريخ في مهاجمة الإعلام والعمل ضد الدور الحيوي الذي تلعبه الصحافة في ديمقراطيتنا".
وأضافت هاريس، التي ليست لها صلة قرابة بنائبة الرئيس، أن "الناخبين السود يرون أكاذيب ترمب وتلاعبه الفارغ كما هي، وسيحاسبونه في صناديق الاقتراع في نوفمبر".
وهاجم ترمب مراراً معارضيه ومنتقديه على أساس عرقي. وصعد إلى الواجهة في السياسة الجمهورية من خلال "نشر نظريات زائفة"، تفيد بأن الرئيس السابق باراك أوباما، أول رئيس من أصل إفريقي للولايات المتحدة، لم يُولَد في البلاد.
وكانت "نظرية الميلاد" كما أصبحت معروفة، مجرد بداية لتاريخ ترمب في التشكيك في مؤهلات ومصداقية السياسيين ذوي الأصول الإفريقية.
وخلال الانتخابات التمهيدية للجمهوريين هذا العام، أشار ترمب إلى السفيرة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هيلي، ابنة المهاجرين الهنود، باسم "نيمرادا"، كسخرية من أصلها العرقي.