قد يشكل حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، وهو يهودي، نقطة قوة في جهود الحزب الديمقراطي للفوز في سباق انتخابات الرئاسة الأميركية، إلا أن مؤيدي وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بالإضافة إلى التجمعات المسلمة قد يصبحوا "عقبة" في طريقه نحو الترشح نائباً للديمقراطية كامالا هاريس.
وفي مدرسة ويساهيكون الثانوية بضواحي فيلادلفيا، صعد حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو، إلى المنصة وسط هتاف أنصاره من الديمقراطيين، وشكلت هذه اللحظة، فرصة ليظهر في الحملة الانتخابية، واختباراً في الوقت نفسه، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وبينما كان يعلن بحماس دعمه للحملة الرئاسية لنائبة الرئيس، كان الناخبون المؤيدون لفلسطين الذين لاحقوا السياسيين الديمقراطيين في الربيع الماضي "غائبين تماماً". تاركين المجال لأنصاره من مقاطعة مونتجومري مسقط رأسه، والتي يجب أن يفوز بها الحزب الديمقراطي بهامش كبير في نوفمبر لضمان الفوز بولاية بنسلفانيا.
ولكن مع استعداد هاريس للإعلان عمن سيرافقها في هذه الانتخابات عبر منصب نائب الرئيس، فإن هذه الاحتجاجات تشكل جزءاً مهماً من الحسابات المحيطة بشابيرو، الذي يُعتقد أنه مرشح بارز لمنصب نائب الرئيس، حسب الصحيفة.
عقبة محتملة
الضغوط التي يمارسها النشطاء اليساريون والمؤيدون لفلسطين، قد تمثل "عقبة" أمام ترشيحه، وفقاً للصحيفة. إلى جانب أسئلة مهمة يجب أن تنظر لها هاريس لاتخاذ أحد أهم الخيارات في طريقها نحو البيت الأبيض: هل يجب أن تغتنم الفرصة للوقوف في وجه الجناح اليساري الراديكالي للتقرب لمركز الحزب والمستقلين؟ أم تتجنب الدخول في قضية حرب إسرائيل على غزة التي قسمت الحزب وأزعجته؟
النائب الديمقراطي جيك أوكينكلوس، وهو يهودي ومعجب بشابيرو من ماساتشوستس، قال: "تحتاج هاريس إلى الفوز في بنسلفانيا، وإظهار مواقف معتدلة وطمأنة ناخبي (نيكي) هيلي (الجمهورية) بأنها ستقف في وجه اليسار". وأضاف: "كلما زاد عدد التعليقات السلبية (من قبل المؤيدين الجمهوريين) على منصة إكس، كلما كان مفيداً أكثر لهاريس".
واتخذ شابيرو البالغ من العمر 51 عاماً، موقفاً بشأن الحرب لا يختلف كثيراً عن موقف هاريس والديمقراطيين، وهو "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وأدان المظاهر العلنية لمعاداة السامية وسط الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. كما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "أحد أسوأ القادة على الإطلاق".
في المقابل، يرى النشطاء الداعمون للفلسطينيين، شخصاً مختلفاً "متشدد في دعمه" لإسرائيل. ويشيرون إلى تلميح شابيرو في أبريل الماضي، بأن الناس لن يتسامحوا مع "الأشخاص الذين يرتدون ملابس KKK (كو كلوكس كلان)"، وبالتالي لا ينبغي أن يتسامح مع معاداة السامية في الحرم الجامعي أيضاً، كمقارنة بين المتظاهرين المؤيدين لفلسطين و KKK، وهي جماعة عنصرية متطرفة برزت بعد الحرب الأهلية بالولايات المتحدة، وتؤمن بتفوق العرق الأبيض.
معارضة غير منظمة
شابيرو كان أعلن تأييده لإقالة رئيسة جامعة بنسلفانيا، إليزابيث ماجيل، وسط اتهامات بأنها تسامحت مع مناخ العداء للطلاب اليهود في الجامعة. كما قام مؤخراً بتحديث مدونة قواعد السلوك لموظفي الدولة لمنعهم من الانخراط في سلوك "فاضح أو مخز"، وهي الخطوة التي تم تفسيرها على أنها تستهدف النشطاء المؤيدين لفلسطين.
وأطلق معارضو الحاكم الديمقراطي، موقعاً عبر الإنترنت بعنوان "لا للإبادة الجماعية يا جوش"، وروجوا لعريضة تطالب بعدم ترشيحه نائباً لهاريس حال فوزها، ونشروا مقالات مناهضة لشابيرو عبر منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى حملات عدة لإثارة المعارضة من قبل النشطاء الذين ركزوا على طرد بايدن من السباق.
المسؤولون عن هذه الحملات قالوا لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن الموقع تمكن من جمع أكثر من 850 توقيعاً، مؤكدين أن "رسالتهم لفتت انتباه المراسلين والسياسيين من جميع أنحاء البلاد". في المقابل، أشارت الصحيفة إلى أن "شابيرو قد حصل سلفاً على 3 ملايين و31 ألفاً و137 صوتاً، في فوزه بمنصب حاكم بنسلفانيا عام 2022".
ولكن من غير الواضح ما إذا كان هذا الانتقاد سيضر أو يساعد شابيرو، وفي حين تدرس هاريس خياراتها لتهدئة الوسط السياسي أو أطراف ائتلافها.
فرصة حملة هاريس
بايج كوجنتي، عمدة مدينة سكرانتون في بنسلفانيا، قالت إن الضجة التي يثيرها اليسار ينبغي ببساطة تجاهلها، مضيفة أن "هناك دائماً بعض الفصائل في أقصى اليسار وأقصى اليمين التي تقول إن لا أحد جيد بما فيه الكفاية".
والواقع أن حملة هاريس لديها الفرصة لتوسيع جاذبيتها بضم شابيرو إلى فريقها، كما يقول أنصاره. كما أن الجناح التقدمي في الحزب أصبح أقل حدة في انتقاداته بشأن غزة، معتقدين أن نائبة الرئيس تقترب منهم بشأن بإسرائيل وفلسطين بدعواتها الصريحة لوقف إطلاق النار في غزة، واعترافها بـ"مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد" في المنطقة، وتعهدها بـ"عدم الصمت" إزاء معاناة الفلسطينيين.
ومع عودة الناخبين التقدميين إلى الديمقراطيين، فإن شابيرو، الذي رفض إجراء مقابلة، من شأنه أن يكمل التحالف الذي ساعد الديمقراطيين على استعادة البيت الأبيض في عام 2020، مما يطمئن الناخبين اليهود والمؤيدين لإسرائيل بأن إدارة هاريس لن تتجه نحو اليسار.
النائب الديمقراطي في نيويورك، ريتشي توريس، كتب عبر منصات التواصل الاجتماعي، الجمعة، أن "كل مرشح محتمل لمنصب نائب الرئيس مؤيد لإسرائيل. والسبب وراء معاملته (شابيرو) بشكل مختلف عن البقية؟ معاداة السامية".
ولكن بالنسبة للحركة المؤيدة لفلسطين، هناك الكثير من المرشحين الآخرين لهذا المنصب، إذ قال رابيول شودري، عضو مجلس إدارة العلاقات الأميركية الإسلامية في فيلادلفيا، والرئيس المشارك لمنظمة "التخلي عن بايدن"، التي تحركها القضية الفلسطينية، إن شابيرو "سيضر بفرص هاريس في ميشيجان، حيث انقلب الكثير من المسلمين والعرب الأميركيين على بايدن".
يثير منتقدو شابيرو شبح الاحتجاجات الجماعية في المؤتمر الديمقراطي بشيكاغو. كما يستشهد البعض بقضايا أخرى، بما في ذلك دعمه السابق لإرسال الأطفال إلى المدارس الخاصة، والادعاءات بأنه غطى على تهم التحرش الجنسي ضد أحد مساعديه. والرسالة من منتقديه، حسب الصحيفة، بسيطة "شابيرو لا يستحق كل هذا العناء".
وقال وليد شهيد، المتحدث باسم المجموعة التقدمية Uncommitted للصحيفة: "لقد أصبح في مأزق عندما تكون الخيارات الأخرى المتاحة أقل إثارة للجدل".
ودافع مانويل بوندر، المتحدث باسم شابيرو، عن سجل المرشح المحتمل مع هاريس، قائلاً إنه في حين لا تستطيع حكومة الولاية التعليق على مسائل الموظفين، فإن إدارة شابيرو "تأخذ مزاعم التمييز والتحرش على محمل الجد.. هناك إجراءات قوية قائمة للتحقيق الشامل في تقارير التمييز والتحرش".
وانضم بعض اليهود اليساريين إلى جهود مناهضة شابيرو.
وقالت سارة أبرامسون، وهي عضو بارز في IfNotNow (مجموعة يهودية معارضة لاحتلال قطاع غزة) بفيلادلفيا، إن "IfNotNow واليسار متحمسون لرؤية ابتعاد عن سياسات إدارة بايدن تجاه إسرائيل"، وأشادت بإمكانية هاريس تحقيق ذلك، وقالت إن "اختيار شابيرو نائباً للرئيس من شأنه أن يقلل من هذه الفرص".