محمد يونس.. مكافح للفقر يحمل آمال بنجلاديش في الانتقال السياسي

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس الحكومة الانتقالية في بنجلاديش محمد يونس يسير في مطار شارل ديجول بالعاصمة الفرنسية باريس. 7 أغسطس 2024 - REUTERS
رئيس الحكومة الانتقالية في بنجلاديش محمد يونس يسير في مطار شارل ديجول بالعاصمة الفرنسية باريس. 7 أغسطس 2024 - REUTERS
دبي-الشرق

تعلق بنجلاديش آمالها على رئيس الحكومة الانتقالية الجديد محمد يونس، الذي يعد واحداً من أشهر مثقفيها، لإعادة الاستقرار إليها بعدما مزقتها الانقلابات، والاضطرابات السياسية، والتي أدت أحدثها إلى سقوط رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بعد 15 عاماً في الحكم.

وعُيّن محمد يونس، الذي ساعده عمله في مكافحة الفقر على الفوز بجائزة نوبل للسلام، رئيساً للحكومة الانتقالية، الثلاثاء، بعد استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، الاثنين الماضي.

ويعد يونس الذي ظل لسنوات بعيداً عن السياسة، أحد أشهر الوجوه في بنجلاديش، ويتمتع بنفوذ كبير لدى النخب الغربية، واعتبرت وكالة "بلومبرغ"، أن استعادة الحياة الطبيعية في البلاد، لن يكون بالأمر الهين بالنسبة لرئيس الحكومة الانتقالية الجديد.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أودت الصدامات بين المحتجين، وأفراد الأمن بحياة أكثر من 300 شخص، في واحدة من أسوأ موجات العنف التي ضربت الدولة الجنوب آسيوية عبر تاريخها.

وبينما انتشلت الشيخة حسينة الملايين من براثن الفقر من خلال التركيز على تصدير الملابس، إلا أن عجلة النمو الاقتصادي في البلاد توقفت مؤخراً، ما دفع بصندوق النقد الدولي إلى التدخل بأموال خطة الإنقاذ.

ويمثل تعيين يونس، بدعم من الجيش لقيادة بنجلاديش مؤقتاً "تحولاً كبيراً" في الأحداث، بالنسبة للخبير الاقتصادي، بحسب "بلومبرغ".

وأمضى يونس خلال العامين الماضيين، جل وقته داخل قاعات محاكم العاصمة دكا، لمواجهة قرابة 200 تهمة بحقه، وحق أشخاص مقربين منه، بينها ادعاءات بـ"غسيل الأموال"، و"الكسب غير المشروع".

ويعتبر محمد يونس، ومؤيدوه، أن حكومة الشيخة حسينة كانت تقف خلف هذه الضغوط القانونية، بحسب "بلومبرغ" التي رجحت أن تكون رئيسة الوزراء قد رأت فيه، تهديداً لسلطتها، برغم أنها نفت هذه الاتهامات.

ويشتهر يونس (84 عاماً) بتأسيسه "بنك جرامين" المتخصص في توفير قروض تجارية صغيرة، للشعب الأكثر فقراً في العالم، ورغم شهرته وتأثيره على الرأي العام، إلا أنه لم يطأ أرض السياسة إلى حد كبير.

وعانت الحكومة البنجلاديشية، عام 2007، من الانقسامات، واستولى الجيش على السلطة، في حين فكّر يونس الذي لم يسبق له الترشح لمنصب الرئاسة، بإنشاء حزب جديد لملء الفراغ السياسي في البلاد، لكنه ألغى الفكرة في نهاية المطاف، وذلك في غضون أسابيع قليلة، وأعرب في مقابلة سابقة مع "بلومبرغ"، عن "عدم شعوره بالارتياح أبداً تجاه السياسة".

وترى الوكالة، أن محمد يونس يضفي قوة هائلة على هذا الدور، كما كان خياراً مطروحاً بشكل كبير لدى عدة حكومات غربية، حيث أنشأ خلال السنوات الماضية صداقات مع أفراد من العائلات المالكة في أوروبا، ومع كبار رجال الأعمال، مثل ريتشارد برانسون، وعائلة كلينتون، الذين ساعدوه على توسيع مبادراته الخاصة بالقروض الصغيرة، بحسب "بلومبرغ".

كما أثنى أصدقاؤه عليه قائلين، إنه يملك "رؤية نادرة"، و"التزام حقيقي" تجاه بنجلاديش من أجل "النهوض بالفقراء"، وذكر بول بولمان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Unilever Plc، والصديق الحميم ليونس، لـ "بلومبرغ"، أنه "صوت الأشخاص المُهمَلين"، واصفاً إياه بأنه "زعيم أخلاقي".

وساعدت هذه السمعة يونس في كسب قلوب الكثيرين داخل بنجلاديش، بما في ذلك الجيش، الذي دعم في وقت سابق أول دخول له إلى عالم السياسة.

محمد يونس وجائزة نوبل

وخلال العقد الماضي، ركّز يونس على توسيع العشرات من مشاريعه الاجتماعية، بينها تلك التي تقدم الرعاية الصحية المجانية، والتدريب المهني، وخدمات الهاتف للبنجلاديشيين الفقراء، لكنه لم يتضح حينها بعد ما إذا كان سيتجه إلى السياسة بمزيد من العزيمة، أو أنه سيكتفي بملء الفراغ قبل إجراء الانتخابات.

وبعد فوزه بجائزة نوبل للسلام عام 2006، احتشد آلاف البنجلاديشيين لمجرد الاستماع إلى حديثه، فيما لا يزال الكثيرين يلمسون قلوبهم بأيديهم حباً، وامتناناً عندما يرونه.

وبينما احتشد المتظاهرون في شوارع دكا خلال الأسابيع الأخيرة، انتقد يونس تصاعد مستوى العنف ضد المحتجين، ووصف أعمال القمع من قبل نظام حسينة الأمني بأنه "تهديد للديمقراطية"، لكنه لم يعرب عن أي طموحات سياسية، وفي وقت سابق من العام الجاري، أكد لـ"بلومبرغ"، أنه "ليس سياسياً"، وقال: "هذا آخر شيء سأفعله".

والثلاثاء، قام رئيس بنجلاديش محمد شهاب الدين، بتعيين محمد يونس للإشراف على حكومة مؤقتة استجابة لمطالب المحتجين، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" التي أشارت إلى أنه بحل البرلمان بات من المتوقع أن يقود حكومة مؤقتة لفترة زمنية غير محددة.

وقال آصف نازرول، أستاذ القانون في جامعة دكا، والذي شارك أيضاً في الاجتماع بالرئيس، لـ"نيويورك تايمز"، "إننا نشكل حكومة في وضع استثنائي"، مشيراً إلى أنه "لم يتم الانتهاء بعد من تحديد فترة ولاية الحكومة".

وأفاد بعض من حضروا الاجتماع لـ"نيويورك تايمز"، بأنه "سيتم الإعلان عن باقي أعضاء الحكومة المؤقتة خلال الأيام القليلة المقبلة"، وسيتعين على يونس التحرك سريعاً لتعيين أعضاء حكومة الجديدة، من أجل تحقيق الاستقرار في مختلف الوزارات حتى لا يتعثر اقتصاد البلاد، بحسب الصحيفة.

وأمام يونس مهمتين عاجلتين حالياً، أولاً: إعادة النظام إلى بنجلاديش التي يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة، بعدما عصفت الاحتجاجات الطلابية، والصدامات العنيفة في مواجهة قوات الأمن، وثانياً: سيتعين على يونس تحديد دور الحكومة المؤقتة حتى إجراء الانتخابات، لاختيار زعيم جديد لبنجلاديش، وفق "نيويورك تايمز".

ورأت فهميدة خاتون، رئيسة الأبحاث في مركز "حوار السياسات"، أن "إعادة الاستقرار، ومعالجة حوادث العنف والتخريب، ستمثل أولويات قصوى بالنسبة للحكومة المؤقتة"، لافتةً إلى أنه "لا يوجد أي نظام في الشوارع، إلى جانب انعدام الثقة بالشرطة، والأضرار البالغة التي لحقت بالممتلكات".

ويرى محللون، أن بنجلاديش قد يكون أمامها فرصة لإعادة الانضباط، وقالت سمريتي سينج، المديرة الإقليمية لجنوب آسيا في منظمة العفو الدولية، "إنها لحظة مواتية لأي حكومة مؤقتة جديدة لإظهار تضامنها مع شعبها، وحماية الفئات الأكثر ضعفاً، وعدم تكرار أخطاء الماضي".

تصنيفات

قصص قد تهمك