لماذا "يغامر" جنرالات أوكرانيا بالتوغل في الأراضي الروسية؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
لقطة من مقطع فيديو تظهر مبانٍ مدمرة في بلدة سودجا بعد توغل القوات الأوكرانية في منطقة كورسك جنوب روسيا. 7 أغسطس 2024 - REUTERS
لقطة من مقطع فيديو تظهر مبانٍ مدمرة في بلدة سودجا بعد توغل القوات الأوكرانية في منطقة كورسك جنوب روسيا. 7 أغسطس 2024 - REUTERS
دبي-الشرق

أثار الهجوم الذي شنته القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية تساؤلات بشأن الهدف الاستراتيجي من هذا الهجوم، خصوصاً وأنه ينذر بدخول الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة جديدة، قد تشهد تصعيداً غير مسبوق.

وذكر تقرير لشبكة CNN، أن التوّغل الأوكراني في منطقة كورسك لا يُعد عملاً جديداً إلى حد ما، فهذه التوغلات تحدث منذ أكثر من عام، وينفذها أحياناً "مواطنون روس يقاتلون لصالح أوكرانيا"، بمساعدات عسكرية أوكرانية، ولكن من إعلان كييف ذلك بشكل رسمي.

ولكن الهجوم الحالي على مدينة كورسك الروسية، يشنه الجيش الأوكراني النظامي، وهو ما يجعله مختلفاً عن الهجمات السابقة.

وهذه "المغامرة النادرة المحفوفة بالمخاطر" يخوضها كبار الضباط الأوكرانيين، الذين طالما تعرّضوا لانتقادات خلال الأشهر الـ18 الماضية بسبب تحركاتهم التي اعتبرت "بطيئة ومتحفظة للغاية".

ورجحت CNN أن هذا الهجوم، ربما لديه أهداف استراتيجية أكبر، خصوصاً وأن مدينة سودجا الروسية (في كورسك) التي تخضع للسيطرة الأوكرانية، تقع بالقرب من محطة غاز روسية على الحدود مباشرة، هي آخر نقطة شحن تعمل حالياً لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا.

وتشير تقارير إلى أن هذه الترتيبات المتعلقة بنقل الغاز ستنتهي في يناير المقبل، وربما تكون هذه محاولة لوقف مصدر تمويل مربح لموسكو، طالما أثار غضب كييف منذ اندلاع الغزو الروسي ضدها في أوائل عام 2022.

"انقسام" في القيادة

ولكن حتى تتكشف أهمية أكبر لهذا التوّغل، تبقى هناك علامة استفهام كبيرة بشأن الأهداف الاستراتيجية للقائد الجديد نسبياً للقوات الأوكرانية أولكسندر سيرسكي، بحسب CNN.

وأشارت الشبكة الأميركية إلى أن ما وصفته بـ"انقسامات" في قيادة سيرسكي خرجت إلى العلن مؤخراً، إذ يشكك مرؤوسوه الأصغر سناً في مدى استعداده لتحمل "خسائر كبيرة" في معارك الاستنزاف التي تدور رحاها على الخطوط الأمامية، والتي عادة ما تتفوق فيها القوة البشرية الروسية.

وأضافت: "هذه عقلية الحقبة السوفيتية التي ينتمي إليها سيرسكي، ولكن هؤلاء الذين يخسرون حياتهم أو يعودون إلى الديار مبتوري الأطراف ينتمون في الغالب إلى جيل أصغر سناً، يثمن البراعة والدهاء ربما أكثر من المثابرة الغاشمة".

ولفتت CNN إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت تفوقاً أوكرانيا، بما يبدو أنه مساعدة غربية، في استهداف البنية التحتية الداخلية الروسية، وتدمير مدارج الطائرات والقواعد البحرية ومحطات النفط في محاولة لإلحاق أضرار طويلة المدى بالاقتصاد الروسي، والآلة العسكرية الروسية. 

ولكن الأمر هذه المرة مختلف، إذ يقوم على إرسال قوة برية كبيرة لمسافة أميال داخل أراضي العدو، في حين تعاني خطوط الإمداد الأوكرانية من صعوبات كبيرة، وحيث تتفاقم صعوبة تعقب الأهداف.

وتأتي هذه الخطوة في وقت بدأت تسفر فيه الجهود الأوكرانية عن نتائج ملموسة عقب وصول أسلحة غربية بعد طول انتظار.

ورجحت أن مقاتلات F-16، التي ربما تمثل سلاحاً جديداً على الجبهة قد تتمكن من إضعاف التفوق الجوي الروسي المتراجع خلال الأشهر المقبلة، وهذا يعني تراجع أعداد القنابل المنزلقة التي تضرب قوات الخطوط الأمامية الأوكرانية، وأعداد الصواريخ التي ترهب المجتمعات الحضرية الأوكرانية. 

مع ذلك تظل الذخيرة "مشكلة" بالنسبة لكييف، وفقاً لبعض التحليلات، ولكن الإمدادات الغربية ربما تسد هذه الفجوة في نهاية المطاف.

"مخاطرة" تثير الشكوك

وفقاً لشبكة CNN، يظل التساؤل الأبرز بشأن توقيت هذا "التحرّك شديد الخطورة الآن"، وبالنظر إلى ما هو وراء موجة الأخبار الإيجابية الفورية بالنسبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ربما تبرز أهداف أخرى. 

ولفتت إلى أنه لأول مرة خلال الحرب يبدأ الحديث عن إجراء محادثات، وربما توجه الدعوة إلى روسيا لحضور مؤتمر السلام المقبل الذي تعقده أوكرانيا وحلفاؤها.

وبينما لا تزال نسبة الأوكرانيين المؤيدين للتفاوض ضئيلة، إلا انها تتزايد بشكل طفيف، كما أن احتمالية عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض تلوح أمام كييف.
  
وفي حال هزيمة المرشح الجمهوري ترمب أمام منافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس، ربما تحافظ الأخيرة على نفس وتيرة الرئيس جو بايدن في التعامل مع الملف الأوكراني.

لكن من المهم تذكر أن السياسة الخارجية الغربية عبارة عن "وحش متقلب يشعر بالإرهاق بسهولة"، بحسب CNN، التي لفتت إلى أن الدعم المستمر من حلف شمال الأطلسي "الناتو" لأوكرانيا يعد "حالة استثنائية". ومع اقتراب الحرب من دخول عامها الثالث، تزداد حدة التساؤلات بشأن نهاية هذا الصراع. 

وتابعت CNN متسائلة: هل هناك أي ميزة حقيقية تتحصل عليها أوكرانيا من وراء القتال والموت دون أي فرصة حقيقية لاستعادة أراضي احتلتها موسكو؟ وعلى الجانب الآخر هل تريد روسيا المضي قدماً إلى أجل غير مسمى حيث تفقد آلاف الرجال من أجل التقدم بضعة مئات من الأمتار، وترى قدراتها العسكرية تتآكل ببطء بسبب الضربات الأوكرانية الأطول مدى.

ومع احتمالية التوصل إلى تسوية سلمية، والتي باتت الآن أقرب من أي وقت مضى، توقعت  CNN أن "الطرفين سيسارعان من أجل تحسين أوضاعهما في ساحة المعركة قبل الجلوس على طاولة التفاوض"، مضيفة أنه "لم يتضح بعد ما إذا كان الدافع وراء تحرك أوكرانيا صوب كورسك هو ذاك، أو أنه مجرد تحرّك بسيط لإلحاق بعض الخسائر في مناطق ضعف العدو".

واختتمت بالقول إن هذا التحرّك يمثل "مقامرة نادرة وحقيقية" بموارد كييف المحدودة، ومن ثم ربما يبشر بما تعتقده أوكرانيا بأن "تغييراً كبيراً" يلوح في الأفق.

تصنيفات

قصص قد تهمك