هجوم كورسك.. "مقامرة أوكرانية" لكبح جماح الضغط الروسي

time reading iconدقائق القراءة - 6
دبابة سوفيتية من طراز BMP-1 تابعة للجيش الأوكراني تتقدم نحو الحدود الروسية قادمة من منطقة سومي. 9 أغسطس 2024 - Reuters
دبابة سوفيتية من طراز BMP-1 تابعة للجيش الأوكراني تتقدم نحو الحدود الروسية قادمة من منطقة سومي. 9 أغسطس 2024 - Reuters
دبي -الشرق

شن الجيش الأوكراني الأسبوع الجاري، هجوماً مفاجئاً على منطقة كورسك داخل العمق الروسي، في تحرك وصفه خبراء ومحللون بأنه "مغامرة أوكرانية" يمكن لكييف أن تجني بعض ثمارها عبر كبح التقدم الروسي في شرق أراضيها، ولكن في المقابل، قد تشهد تصعيداً روسياً غير مسبوق، ما ينذر بدخول الحرب المستمرة منذ أكثر من 900 يوم "مرحلة جديدة".

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أقر، مساء السبت، للمرة الأولى، بأن القوات الأوكرانية تقاتل في كورسك، معتبراً أن هجوم كييف جزء من الحملة التي تهدف إلى"استعادة العدالة" بعد الغزو الروسي في 2022، فيما أشارت ترجيحات إلى أن الهجوم ربما لديه أهداف استراتيجية أكبر.

وكالة "أسوشيتد برس"، اعتبرت أن الصيف الحالي "يمثل الكثير" لأوكرانيا وجيشها الذي وصفته بـ"المستنزف"، إذ يتعين عليها تشتيت الجيش الروسي الأكثر عدداً وعتاداً في ميدان المعركة، وفي الوقت الذي تقوم فيه بإصلاح شبكة الكهرباء الوطنية، التي حطمتها الصواريخ الروسية، قبل الشتاء المقبل.

بدورها، شبكة CNN الأميركية، ذكرت أن الهدف وراء الهجوم خصوصاً على مدينة سودجا بكورسك، ربما، لأنها تقع قرب محطة غاز روسية على الحدود مباشرة، إذ تعتبر آخر نقطة شحن تعمل حالياً لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا.

ودخلت المعارك في كورسك يومها السادس، إذ تحاول موسكو صد أكبر هجوم أوكراني على أراض واقعة تحت السيادة الروسية، فيما وصف الرئيس فلاديمير بوتين الهجوم الأوكراني بأنه "استفزاز كبير"، وتم إرسال تعزيزات عسكرية لمواجهة القوات الأوكرانية.

كيف تبدو المعركة على "خط المواجهة"؟

لا يزال "خط المواجهة" في شرق أوكرانيا، والذي يبلغ يمتد لحوالي 1000 كيلومتر (600 ميل) مغلق تماماً، ولكن في بعض المواقع بالشرق، خاصة في إقليم دونيتسك، تكثف روسيا ضغوطها، لاستغلال الأرض الجافة لتقدم المدرعات، والأشجار الكثيفة لتغطية المشاة، والسماء الصافية لإطلاق قنابل قوية لإزاحة الدفاعات الأوكرانية، وفق "أسوشيتد برس".

وبالرغم من التقدم الروسي البطيء، إلا أنها تواصل "السير بلا هوادة"، إذ تستخدم في تكتيكها العسكري، المدفعية والصواريخ والقنابل لتحويل القرى إلى أنقاض، وحرمان الأوكرانيين من الغطاء الدفاعي وإجبارهم على الانسحاب.

وأوضح محللون لـ"أسوشيتد برس"، أن الجيش الروسي يتطلع إلى "استغلال نقاط الضعف في الخطوط الأوكرانية، ما يؤدي إلى خلخلة المواقع التي تنخفض فيها مستويات القوات".

ويهدد الروس الآن بعض المعاقل الأوكرانية القوية، والتي سيؤدي سقوطها إلى وضع بقية مدن إقليم دونيتسك، وهي بوكروفسك وتوريتسك وتشاسيف يار، في خطر.  

وفي السياق، ذكر تشارلز كابوتشان، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث في واشنطن لـ"أسوشيتد برس"، أن "هناك زخماً عسكرياً روسياً" خلال الفترة الماضية، ولكن "الوضع العام في ساحة المعركة أقرب إلى الجمود".

واستبعد كابوتشان، حدوث توغل روسي كبير، مبيناً أنه حتى لو تمكنت من إحداث فجوة في خط المواجهة فإن "تنظيم طابور يمكنه التقدم خلف الخطوط الأوكرانية يعد عملاً بالغ التعقيد، بسبب متطلبات لوجستية وتنظيمية لا يستطيع الجيش تلبيتها".

بدوره، أشار معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، الأسبوع الماضي، إلى أن موسكو اجتاحت عدداً من القرى الأوكرانية الصغيرة، ولكن هذا التقدم سيتراجع على الأرجح عند الوصول إلى القرى الأكبر حجماً والأكثر حضرية.

ويعتقد كوستيانتين ماشوفيتس، الخبير في المركز الأوكراني للبحوث العسكرية والسياسية، أن"موسكو تضغط بقوة الآن، لأنها بلغت القمة في بناء قوتها العسكرية"، موضحاً أن "نقطة التحول ستحدث نهاية هذا العام، عندما يتعين على الكرملين أن يقرر ما إذا كان سيدعو إلى تعبئة جزئية أو كلية".  

تكتيك أوكراني مفاجئ

ويبدو أن التوغل المفاجئ الذي انطلق من منطقة سومي شمال شرقي أوكرانيا، يمثل تكتيكاً من أجل فتح منطقة صراعات جديدة على الأراضي الروسية، فيما لم تذكر الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون الذين يمدون أوكرانيا بالأسلحة أي تصريحات بهذا الشأن.

ووصف بعض المحللين هذا التوغل، بأنه "غارة قصيرة المدى"، واعتبره آخرون بداية حملة منسقة للاستيلاء على مدينة كورسك، ومحطة الطاقة النووية القريبة منها، لا سيما وأن استراتيجية كييف للسيطرة على الأراضي داخل موسكو غير واضحة.

وتسعى القوات الأوكرانية جاهدة، إلى كبح جماح القوة العسكرية الروسية، ولكنها لا تملك القوة البشرية أو الأسلحة لشن هجومها، كما تواجه صعوبة في تجهيز ألوية جديدة، وتفتقد إلى الدفاعات الجوية، إضافة إلى أن الكثير من قواتها في الخطوط الأمامية منهكة، حسبما قال محللون لـ"أسوشيتد برس".  

ويواجه الجيش الأوكراني الضغوط الروسية الهجومية، بالقيام بانسحابات تكتيكية، والتراجع إلى أماكن أخرى على طول خط المواجهة.

وقال ماتيو بوليج، خبير الدفاع في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث في لندن، إن "كل لحظة تمر على أوكرانيا تكون أكثر صعوبة"، مستبعداً  أن "تتحسن الأمور في أوكرانيا خلال المرحلة الحالية".

وترد أوكرانيا على الهجمات الروسية عبر إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ تستهدف المناطق الخلفية، وتضرب مستودعات النفط والمطارات، وسائر مراكز الدعم اللوجيستي الروسية.

كما من المرجح أن تساهم الطائرات المقاتلة من طراز  F-16 عند وصولها من الدول الغربية الداعمة لأوكرانيا في رفع مستوى المقاومة.

تصنيفات

قصص قد تهمك