"حكومة بيزشكيان" تعصف بمعسكر الإصلاحيين في إيران.. وظريف يعلن الاستقالة

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان (يمين) مع وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف خلال فعالية انتخابية في طهران. 19 يونيو 2024 - Reuters
الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان (يمين) مع وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف خلال فعالية انتخابية في طهران. 19 يونيو 2024 - Reuters
دبي -الشرق

سلطت استقالة نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، من منصبه، الضوء على خلافات بشأن التشكيل الحكومي المقترح من قبل الرئيس الجديد مسعود بيزشكيان، والذي لم يأخذ مقترحات بضم الشباب والنساء والأقليات، في الاعتبار، بحسب شبكة "إيران إنترناشونال" التلفزيونية.

وكشف ظريف أن 3 فقط من بين 19 وزيراً تم تقديمهم، كانوا من الأسماء التي أوصت بها اللجنة التوجيهية المسؤولة عن اختيار المرشحين، مشيراً إلى أن 10 من الوزراء المقترحين لم يكونوا مدرجين في قائمة اللجنة على الإطلاق.

وتؤكد استقالة ظريف، إحباطه من التشكيل الوزاري الذي قدمه الرئيس بيزشكيان إلى البرلمان الأحد، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من تنفيذ آراء الخبراء في اللجان التي شكلت لاختيار أفضل المرشحين، أو الوفاء بوعوده بضم النساء والشباب والمجموعات العرقية في الحكومة، بحسب "إيران إنترناشونال".

وقال ظريف المحسوب على المعسكر الإصلاحي في إيران، عبر منصة "إكس": "لست راضياً عن نتائج عملي وأشعر بالخجل لأنني لم أتمكن من تحقيق رأي الخبراء في اللجان، وضم النساء والشباب والمجموعات العرقية كما وعدت".

وأعلن وزير الخارجية الإيراني السابق كذلك، عزمه العودة إلى الأوساط الأكاديمية، معتذراً للشعب الإيراني عن عدم تمكنه من التعامل مع "تعقيدات السياسة الداخلية".

وزادت استقالة ظريف من التركيز والنقد على اختيارات حكومة بيزشكيان، إذ أدانت آذر منصوري، رئيسة جبهة الإصلاح، الحكومة المقترحة بقولها: "لا ينبغي توقع المعجزات من هذه الحكومة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار أن أكثر من 80% من سلطة البلاد في أيدي جهات أخرى".

"خطوة إلى الوراء"

وأثارت قائمة بيزشكيان للوزراء المقترحين، التي أرسلت إلى البرلمان للموافقة عليها، انتقادات  في معسكر الإصلاحيين الذي ينتمي له الرئيس، لكونها "خطوة إلى الوراء"، إذ يتناقض مجلس الوزراء، الذي يبلغ متوسط أعمار أعضائه 59.7 عاماً، مع وعد بيزشكيان السابق باختيار 60% من الوزراء دون سن 50 عاماً.

وفي الواقع، يندرج وزيران فقط في هذه الفئة، ما يؤدي إلى خيبة أمل واسعة النطاق بين أولئك الذين توقعوا حكومة أصغر سناً وأكثر ديناميكية.

وأشارت "إيران إنترناشونال"، إلى أن الإيرانيين يعتبرون تعيين إسماعيل الخطيب وزيراً للاستخبارات، ليس مناسباً، خاصة وأن لديه سجل سلبي، بما في ذلك الانفجار الذي وقع في كرمان خلال ذكرى وفاة القائد السابق لـ"فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في يناير الماضي، والذي أودى بحياة المئات، فضلاً عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية، إسماعيل هنية في طهران.

وذكرت أن تضمين شخصيات، مثل عبد الناصر همتي، الرئيس السابق للبنك المركزي ومرشح الرئاسة في عام 2021، كوزير للاقتصاد، يبرز بشكل أكبر نقص بالدماء الجديدة في حكومة بيزشكيان.

ووفقاً لـ"إيران إنترناشيونال"، فقد سبق لـ11 من الوزراء المقترحين من قبل بيزشكيان، أن شغلوا مناصب في إدارات رؤساء سابقين، مثل إبراهيم رئيسي وحسن روحاني.

ويشير ما يمكن وصفه بـ"تدوير" الشخصيات السياسية، إلى استمرارية السياسات التي أوصلت إيران إلى حالتها الحالية من الأزمة.

ولفت موقع "إيران إنترناشيونال"، إلى أن هناك خياراً آخر مثير للجدل، وهو علي رضا كاظمي، المرشح لمنصب وزير التربية والتعليم، إذ أنه شقيق رئيس استخبارات الحرس الثوري، ولديه خلفية في التدريس المعاهد الدينية ومكافحة المخدرات، مما يثير مخاوف بشأن مدى ملاءمته لمنصب وزير التعليم.

استياء الإصلاحيين وتأثير خامنئي

وواجهت التشكيلة الحكومية المقترحة أيضاً، انتقادات حادة من إصلاحيين آخرين يشعرون بخيبة أمل، بسبب إدراج عدد من الوزراء المحافظين من إدارة رئيسي.

وأشار رحمت الله بيجدلي، عضو المجلس الاستراتيجي للحكومة، إلى أن أهم الوزارات قد تم تسليمها إلى "الأصوليين"، مما يشير إلى تعزيز القوى المتشددة.

وانتقد الناشط السياسي، عبد الله رمضان زاده، ترشيح إسكندر مؤمني لمنصب وزير الداخلية، قائلاً: "أسوأ الفترات التي مرت بها وزارة الداخلية خلال السنوات الـ46 الماضية كانت عندما تولى العسكريون القيادة". الأمر الذي يزيد من مخاوف بشأن تزايد الطابع العسكري للحكومة الإيرانية.

كما سلط المحلل السياسي، رضا عليجاني، الضوء على التأثير الكبير للمرشد الإيراني علي خامنئي في اختيار الوزراء، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية ووزارة الاستخبارات ووزارة الخارجية، هي نقاط حاسمة ضمنها خامنئي لولائه.

وهذه الملاحظة تؤكد ضيق مساحة الاستقلالية التي يتمتع بها بيزشكيان في تشكيل حكومته، في ظل سيطرة خامنئي على العملية.

هيمنة العسكريين

الاستياء المحيط بتشكيلة بيزشكيان الحكومية "واضح"، بحسب "إيران إنتر ناشيونال"، إذ يشعر الإصلاحيون بخيبة أمل، بسبب غياب التمثيل السني ووجود امرأة واحدة فقط ضمن الوزراء المقترحين.

وأشار الناشط السياسي، أحمد زيد آبادي، إلى أن "التشكيلة الحكومية تعاني من 2 أو 3 عيوب أساسية"، ولكن إذا كان بيزشكيان يعتقد أنه يستطيع العمل مع هذه الخيارات، فلا داعي للآخرين أن يكونوا أكثر تشدداً أو قلقاً منه بشأن تلك القرارات.

وكانت الناشطة الإصلاحية والنائبة السابقة، بروانه سلحشوري، أكثر صراحة، إذ كتبت عبر منصة "إكس"، أن "بيزشكيان فشل في أول اختبار له باستثناء بعض الحالات".

وهذا الشعور تردد أيضاً من قبل نشطاء إصلاحيين آخرين، حذروا بيزشكيان قبل إعلان التشكيلة الحكومية، من أن اختياراته "إشكالية".

وانتقد جواد إمام، المتحدث باسم جبهة الإصلاح، استمرار هيمنة القوات العسكرية وشبه العسكرية على السياسة الإيرانية، متسائلاً عن جدوى إجراء الانتخابات إذا كانت النتيجة تظل دون تغيير.

وأضاف إمام: "في النهاية، الرئيس مسؤول عن حكومته، ولن تتحمل أي جماعة ضغط أو شخصية مؤثرة المسؤولية عن الحكومة. لذلك، بينما لا يزال هناك وقت، أطالب الرئيس بإعادة النظر".

شهرام دابيري، نائب بيزشكيان في البرلمان، أقر بتأثير خامنئي في تشكيل الحكومة، وكتب عبر منصة "إكس"، أن بيزشكيان "أوضح بشكل صريح أن أعضاء التشكيلة سيتم اختيارهم وفقاً لرأي خامنئي وموافقته".

ولخص المحلل السياسي، روح الله رحيمبور، الوضع قائلاً إن "بيزشكيان يبدأ حكومته بثلاث أزمات رئيسية: سياسية-أمنية، واجتماعية، وإقليمية"، مضيفاً: "التحديات التي تواجه هذه الإدارة الجديدة ضخمة، ومع تشكيلة حكومية تبدو وكأنها استمرار للسياسات السابقة بدلاً من كونها بشيراً للتغيير، تبدو آفاق الإصلاحات الجوهرية في إيران قاتمة بشكل متزايد".

تصنيفات

قصص قد تهمك