قال مسؤولون كبار في كييف الأربعاء، إن أوكرانيا تنشئ "منطقة عازلة" في كورسك الروسية، وتخطط لتنظيم المساعدات الإنسانية، وفتح ممرات لإجلاء المدنيين الذين يتطلعون إلى الذهاب إما إلى روسيا أو إلى أوكرانيا، لافتين في الوقت نفسه إلى العمل لترتيب وصول منظمات إنسانية دولية، من المرجح أن يكون بينها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة.
وعلى الجانب الروسي، كثفت السلطات جهودها في إطار عمليات الإجلاء لسكان المناطق والقرى الحدودية في كورسك، وأفادت وزارة الطوارئ الروسية بأن السلطات قامت بإجلاء معظم سكان المناطق الحدودية المتأثرة بالقتال و"هم الآن في أماكن آمنة".
وقال حاكم منطقة كورسك بالنيابة ألكسي سميرنوف الأربعاء، إن مقر العمليات الإقليمي قرر الإخلاء الإلزامي لقرية جلوشكوفو بمنطقة كورسك.
وذكر أنه سيتم تنسيق عملية مغادرة السكان المحليين من قبل وكالات إنفاذ القانون والجيش والإدارة المحلية وحراس مركز كورسك باتريوت. وطلب من السكان اتباع التوصيات.
"إدارات عسكرية أوكرانية بكورسك"
والتقى الرئيس فولوديمير زيلينسكي مع كبار المسؤولين لمناقشة الوضع الإنساني، وإمكانية إنشاء إدارات عسكرية في المناطق التي سيطرت عليها القوات الأوكرانية، فيما أوضحت نائبته إيرينا فيريشتشوك أن "خطتنا العسكرية.. فتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين باتجاه روسيا وباتجاه أوكرانيا".
ويُعد توغل القوات الأوكرانية في منطقة كورسك أكبر تقدم لقوات أجنبية في روسيا منذ الحرب العالمية الثانية، ووصفه الرئيس فلاديمير بوتين بأنه استفزاز بالغ يهدف إلى تقوية موقف كييف في أي مفاوضات محتملة مستقبلاً لوقف إطلاق النار.
وفي منشور عبر "تليجرام"، اعتبر مفوض حقوق الإنسان الأوكراني دميتري لوبينيتس أنه "يجب توفير الغذاء والدواء وغير ذلك من المواد الضرورية للسكان المدنيين في المنطقة العازلة".
بدوره، أكد زيلينسكي أن قوات بلاده "تلتزم بدقة" بالاتفاقيات الدولية والقانون الإنساني.
وفي وقت سابق الأربعاء، لفتت أوكرانيا إلى أن الهجوم الذي شنته عبر الحدود تقدم لمسافة كيلومتر إلى كيلومترين في منطقة كورسك منذ بداية اليوم، وأن قواتها طهرت بلدة سودجا الروسية على الحدود من قوات موسكو.
وتقصف القوات الروسية منذ شهور مناطق الحدود الأوكرانية بضربات تنطلق من الأراضي المجاورة، بما في ذلك من كورسك.
موسكو: الجبهة مستقرة
من جانبها، أفادت وزارة الطوارئ الروسية أن السلطات الروسية قامت بإجلاء معظم سكان المناطق الحدودية بمقاطعة كورسك وهم الآن في أماكن آمنة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه تم تدمير 117 طائرة مسيرة أطلقتها أوكرانيا، الثلاثاء، معظمها في مناطق كورسك وفارونيج وبيلجورود ونيجني نوفجورود. وأضافت أنه تم إسقاط صواريخ أيضاً، وعرضت لقطات لقاذفات قنابل من طراز "سوخوي-34"، تضرب مواقع للقوات الأوكرانية في كورسك.
وأضافت الوزارة لاحقاً أن القوات الروسية دحرت سلسلة هجمات أوكرانية داخل منطقة كورسك، بما في ذلك في روسكوي بوريتشنوي على بعد 18 كيلومتراً من الحدود، وذكر مصدر أمني أوكراني مشترطاً عدم الكشف عن هويته، أن الهجوم بالطائرات المسيرة شمل ضربات على 4 مطارات عسكرية روسية في محاولة لتقويض قدرة موسكو على مهاجمة بلاده بإسقاط القنابل بالطائرات.
وقال مدونون مؤيدون لروسيا إن الجبهة أصبحت مستقرة، أكد الحرس الوطني الروسي أنه عزز إجراءات الأمن عند محطة كورسك للطاقة النووية التي تبعد 35 كيلومتراً فقط عن جبهة القتال.
تغيير مجرى الحرب
في الساعات الأولى من يوم 6 أغسطس، اقتحم آلاف من الجنود الأوكرانيين الحدود إلى منطقة كورسك غرب روسيا، مما شكّل معضلة لبوتين، بحسب قول الرئيس الأميركي جو بايدن.
وتمكنت أوكرانيا من السيطرة على شطر صغير من منطقة كورسك الحدودية. ورغم أن بوتين قال إن الجيش الروسي سيطرد القوات الأوكرانية، لا تزال معارك ضارية تدور هناك منذ أكثر من أسبوع، ولم يفلح الروس حتى الآن في طردهم.
ومنذ أن أخفق هجوم أوكراني مضاد عام 2023 في تحقيق أي مكاسب كبيرة، تتقدم القوات الروسية في شرق أوكرانيا.
وغيّر الهجوم الأوكراني غير المسبوق مجرى الحرب بشكل كبير، إذ تصاحبه أيضاً مخاطر كبيرة بالنسبة لروسيا وأوكرانيا والغرب، الذي يحرص على تجنب المواجهة المباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة الذي ساعد في تسليح كييف ضد موسكو.
وقال بايدن إن المسؤولين الأميركيين على اتصال دائم بأوكرانيا بشأن التوغل في روسيا، وأوضح البيت الأبيض أن أوكرانيا لم تبلغ واشنطن سلفاً بتوغلها وأن الولايات المتحدة ليس لها أي دور في العملية، رغم أن المسؤولين الروس أشاروا إلى أن داعمين غربيين لأوكرانيا "علموا بالضرورة سلفاً بأمر الهجوم".
وقالت المشرعة الروسية ماريا بوتينا "إنهم بالتأكيد ضالعون فيه.. ويبدو الأمر أسوأ حين يقولون إنهم لا يعرفون شيئا ويلقون بالمسؤولية كاملة على أوكرانيا".