مؤتمر الحزب الديمقراطي.. احتفالات هاريس قد تعكرها احتجاجات غزة

مخاوف ديمقراطية بشأن مظاهرات "على غرار فيتنام".. ومحللون:  أسوأ ما يمكن أن يحدث للحزب

time reading iconدقائق القراءة - 12
استعدادات الحزب الديمقراطي لعقد مؤتمره الوطني في مدينة شيكاغو. 15 أغسطس 2024 - Reuters
استعدادات الحزب الديمقراطي لعقد مؤتمره الوطني في مدينة شيكاغو. 15 أغسطس 2024 - Reuters
واشنطن -رشا جدة

رسمياً، يعلن الحزب الديمقراطي، ترشيح كامالا هاريس لرئاسة الولايات المتحدة، في مؤتمره المقرر عقده في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس في مدينة شيكاغو في ولاية إلينوي، بعد أسابيع من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي، استجابة لدعوات واسعة النطاق من الديمقراطيين، أججها أداء بايدن الكارثي في ​​مناظرته ضد الرئيس السابق دونالد ترمب، يونيو الماضي. 

وفي إجراءات شكلية، من المقرر أن تقبل هاريس، وهي أول امرأة سوداء وأول أميركية من أصل هندي في تاريخ الولايات المتحدة، ترشيح الحزب، إذ حصلت هاريس، بالفعل، على أغلبية أصوات المندوبين للفوز بالترشيح خلال عملية التصويت الافتراضية في وقت سابق من هذا الشهر. واختارت الأسبوع الماضي، حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز نائباً لها.

ويتضمن جدول فعاليات المؤتمر الديمقراطي خطابات من شخصيات بارزة، منها الرئيس السابق باراك أوباما، والرئيس السابق بيل كلينتون، والرئيس الحالي جو بايدن.

وقد قع اختيار الديمقراطين على شيكاغو، التي تمتلك تاريخاً طويلاً مع مؤتمرات ترشيح الحزبين الرئيسيين للرئاسة، بسبب موقعها في الغرب الأوسط، القريب من ولايتي "الجدار الأزرق" ويسكونسن وميشيجان. 

واستضافت شيكاغو 14 مؤتمراً جمهورياً، و11 مؤتمراً ديمقراطياً على مر العقود. وشهد عام 1968 أسوأ مؤتمر للديمقراطيين، في مدينة شيكاغو، حيث اندلعت تظاهرات منددة بحرب فيتنام، واستخدمت الشرطة القوة المفرطة في التعامل معهم، وألقت القبض على الكثيرين.

وفي المؤتمر الديمقراطي 2024، تعهدت بعض المجموعات بتنظيم تظاهرات خلال المؤتمر، لا سيما المؤيدة للقضية الفلسطينية، والمناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة والدعم الأميركي لها، مما قد يضيف بعداً جديداً للمؤتمر ويعيد للأذهان أحداثاً مشابهة حدثت في المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو عام 1968. 

هاريس على رأس المؤتمر 

غيّر انسحاب الرئيس بايدن من السباق الرئاسي، ديناميكيات المؤتمر الديمقراطي بعد ما يقرب من عام من التخطيط والتحضير له. وجلبت هاريس منذ حملها المشعل خلفاً لبايدن، مزيجاً من الطاقة والحماسة للحملة الانتخابية والمؤتمر الذي كان باهتاً بالفعل.

ونجحت هاريس، في خلال شهر واحد منذ انسحاب بايدن، في تحويل المنافسة ضد الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى سباق حقيقي متقارب، بعد أن بدا قبل بضعة أسابيع فقط بمثابة هزيمة مؤكدة للديمقراطيين في نوفمبر المقبل.

وبعد أن أغلق المانحون محافظهم أمام بايدن لأسابيع، جمعت هاريس مبلغاً تاريخياً من المال قدره 310 ملايين دولار في الشهر الماضي، و 36 مليون دولار في غضون يوم واحد بعد إعلانها عن اختيار والز نائباً لها، وتقدمت في استطلاعات الرأي على ترمب، وحصلت على تأييد غالبية الديمقراطيين بعد الانقسامات الحادة التي أحاطت ببايدن لأسابيع. 

تغيير يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيوهامشر أندرو سميث، أن سببه الأساسي هو التخلص من بايدن، الذي جعل الديمقراطيين أكثر حماساً. وقال سميث في حديثه مع "الشرق"، إن المؤتمر يبدو أكثر نشاطاً وحيوية مع هاريس على رأس البطاقة الانتخابية.

واعتبر أستاذ الشؤون الحكومية في جامعة كورنيل ريتشارد بنسل، أن البطاقة الديمقراطية أصبحت أقوى بكثير بعد أن حلت كامالا هاريس محل بايدن. وقال بنسل في حديثه مع "الشرق"، إنه قبل انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، كان دونالد ترمب مرشحاً بقوة للفوز.

غير أن أستاذ السياسة العامة في مركز الدراسات العليا في جامعة نيويورك، براون هيث، رجح أن المؤتمر سيبدو بنفس الشكل تقريباً، الذي كان معداً له وقت بايدن.

وقال براون في حديثه مع "الشرق"، إن هاريس كانت مشاركة بالفعل كمرشحة لمنصب نائب الرئيس "لذلك أعتقد أن المشاركين والمشاهدين للمؤتمر سيشاهدون حدثاً مشابهاً، مجموعة من الخطب وتغطيات إعلامية للاحتجاجات المصاحبة". 

خطابات دعم

مثل هيوبرت هيمفري عام 1968، طالبت هاريس، المرشحة لمنصب الرئاسة، بترشيح الحزب دون أن تتحمل أشهراً من المنافسة في الانتخابات التمهيدية للحزب. غير أن هيمفري خاض حملة انتخابية أطول قليلاً من هاريس، منذ إعلان الرئيس الديمقراطي ليندون جونسون انسحابه من السباق الرئاسي قبل خمسة أشهر من انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي، وفعل بايدن ذلك، لكن قبل شهر واحد فقط من المؤتمر.

واعتبر الباحث السياسي ومنسق العلاقات الإعلامية في مركز السياسة التابع لجامعة فيرجينيا، جيه مايلز كولمان، أن الفترة القصيرة التي أتيحت لهاريس منحتها دعم  الحزب الديمقراطي بأكمله تقريباً، بما في ذلك الرئيس الحالي جو بايدن.  

وقال كولمان في حديثه مع "الشرق"، إن هيمفري نائب جونسون، لم يحصل على مثل هذا الدعم، حتى أن الرئيس جونسون بنفسه تجاهله في حملته الانتخابية، وانتهى الأمر بمنافسة ديمقراطية ثلاثية بين هيمفري ويوجين مكارثي وروبرت ف. كينيدي، قبل اغتياله، وأضاف: "تشتت الحزب بين الثلاثة في وقت ضيق، وفي النهاية، فاز الجمهوري ريتشارد نيكسون". 

وعلى عكس هيمفري، تحظى هاريس بدعم كبير يتضح خلال المؤتمر بإلقاء 3 رؤساء خطابات داعمة ومؤيدة لها.

ورغم أنه لم يتم إصدار جدول رسمي للخطابات حتى الآن، كما لم يتم الكشف عن هوية المتحدث الرئيسي في المؤتمر. فمن المتوقع أن يلقي الرئيس بايدن كلمة أمام المندوبين، في اليوم الأول للمؤتمر، بينما يتحدث الرئيس السابق أوباما في 20 أغسطس.

ويتوقع، أيضاً، أن الرئيس السابق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب في انتخابات 2016، سيلقيان كلمة في المؤتمر لدعم هاريس. 

وستقبل هاريس ترشيح الحزب الديمقراطي في احتفال رسمي في اليوم الختامي للمؤتمر، وتتحدث عن رؤيتها والقضايا الرئيسية الخاصة بحملتها وعن اختبارها لنائبها والز، الذي من المقرر أن يتحدث في اليوم الثالث للمؤتمر.

ويعتقد بنسل أن هذه الخطب، ستشكل دعماً قوياً للغاية لهاريس والبطاقة الحزبية "سيثير حماس الناخبين للالتفات حولها".

ولفت بنسل إلى أن المؤتمر سيلقي الضوء على الرئيس بايدن، وسيتم تقييم أدائه من حيث قدراته الجسدية والعقلية، وأضاف: "بيل كلينتون هو مجرد زينة تاريخية في هذه الإجراءات".

لكن براون من جانبه، لا يعتقد أن الرئيسين السابقين أوباما وكلينتون سيفعلان الكثير مع الناخبين غير الحاسمين. مرجحاً أن يركز المؤتمر في المقام الأول على حشد قاعدة الحزب، إذ أشار إلى أن "الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم سيكونون على جدول الأعمال بعد المؤتمر، عندما تشتعل الحملة الحقيقية بمزيد من الإعلانات والمقابلات والمناظرات والزيارات". 

احتجاجات دعم فلسطين 

على بعد 15 ميلاً من مركز يونايتد سنتر، حيث سيعقد المؤتمر الديمقراطي، تقع منطقة "فلسطين الصغرى" أكبر التجمعات الفلسطينية الأميركية. ويعتزم العديد من سكان تلك المنطقة والعرب والمسلمين والديمقراطيين من فئات مختلفة من الولايات المجاورة، الاحتجاج بأعداد كبيرة خارج المؤتمر الوطني الديمقراطي.

وينظم "التحالف من أجل المسيرة إلى المؤتمر الوطني الديمقراطي"، وهو ائتلاف يضم أكثر من 200 مجموعة مناصرة ومنظمة مجتمعية، تظاهرتين من أجل فلسطين، واحدة في اليوم الأول للمؤتمر، والثانية في اليوم الأخير. لكن الأمر لن يقتصر على التظاهرات فقط، بحسب الرئيس المشارك لفرع حركة "التخلي عن بايدن" في ولاية ميشيجان، خالد توراني.

وفي حديثه مع "الشرق" قال توراني، إن هناك العديد من النشاطات والاجتماعات والفاعليات الأخرى ستقوم بها المجموعات المختلفة أثناء المؤتمر.

وفي الوقت الذي تطالب فيه الجاليات العربية بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإيقاف المساعدات الأميركية المادية والعسكرية لإسرائيل، قال توراني، إن هاريس "لم تفعل ما يكفي". 

وأضاف توراني، أن الأمر التاريخي الذي حدث نتيجة ضغط المجموعات العربية والديمقراطية فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، هو تخلي هاريس عن حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو، المؤيد بقوة لإسرائيل.  

وأوضح توراني أن شابيرو كان أفضل اختيار لهاريس "لكن الحملات المتعددة ساهمت في تغيير خططها والتخلي عنه، حتى لا تخسر أصوات العرب". 

ومع ذلك، اعتبر توراني، استبعاد هاريس لشابيرو، "خطوة تكتيكية"، وليست استراتيجية لتهدئة العرب، قائلاً إنها لم تفعل الكثير حتى الآن "لدينا طلبات واضحة، نفذت هاريس أمراً واحداً منها، وهو أمر تاريخي، حيث لم يُستبعد مرشح، من قبل، في تاريخ الولايات المتحدة بسبب تأييده لإسرائيل".

وأضاف توراني، أن أصوات العرب مرهونة بما تقدمه هاريس لفلسطين "مازلنا في مرحلة الاستماع والمراقبة، وبناءً على ما سيخرج من المؤتمر سنقرر كيف ولمن سنعطي أصواتنا".

من جانبه، أكد الناشط السياسي من مدينة ديربورن بولاية ميشيجان وليد فيدامة، أن الآلاف من العرب الأميركيين ومؤيدي غزة قاموا بتسجيل أنفسهم، خلال الأسابيع الماضية، للتظاهر أمام مقر المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو.

وقال فيدامة في حديثه مع "الشرق"، إنه من ميشيجان فقط، سيخرج أكثر من 5 آلاف متظاهر، وأضاف "توجد الغالبية من العرب الأميركيين ومن أصل فلسطيني في ولاية إلينوي وفي المدن القريبة من شيكاغو، مما يعني أن العدد ربما يتجاوز 25 ألف متظاهر".

سياق سياسي مختلف

واستبعد فيدامة، أن تكون الاحتجاجات مشابهة للاحتجاجات المنددة بحرب فيتنام 1968 التي اندلعت أثناء المؤتمر الديمقراطي في شيكاغو أيضاً، إذ أشار إلى أن تظاهرات 1968 "جاءت في وقت كانت حركة الحقوق المدنية في أوجها، وكان الوضع متأزماً على كل المستويات في كل الولايات"، وتابع: "كانت التظاهرات عنيفة نوعاً ما وتعاملت الشرطة معها بعنف. الوضع الحالي مختلف، التظاهرات المؤيدة لفلسطين سلمية ومنظمة إلى حد كبير".

غير أن الأكاديمي الأميركي بنسل، الذي ترتكز أبحاثه على التطور السياسي في الولايات المتحدة والأحزاب والانتخابات، لفت إلى أن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة لإسرائيل قد تصبح عاملاً مهماً في المؤتمر الانتخابي والحملة الانتخابية إذا تحولت إلى العنف "أما إذا كانت سلمية، سواء داخل المؤتمر أو خارجه، فلن تكون ذات أهمية".

ومع ذلك، فإن "هذا يمثل عنصراً غير متوقع، لأن المتظاهرين، من ناحية، لديهم سبب يدفعهم إلى العنف لجذب انتباه وسائل الإعلام، ومن ناحية أخرى، أشك في أنهم يرغبون في أن يصبح دونالد ترمب رئيساً". 

ومن جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيوهامشر أندرو سميث، أن تظاهرات دعم فلسطين، "ستكون أسوأ ما يمكن أن يحدث للحزب الديمقراطي في المؤتمر"، موضحاً أن تلك الاحتجاجات "ستكشف عن انقسام داخل الحزب الديمقراطي حاول تغطيته طوال فترة الانتخابات"، "الحزب المنقسم يكون أضعف في نوفمبر مقارنة بالحزب الموحد بغض النظر عن المرشح".

تصنيفات

قصص قد تهمك