اختار البرلمان التايلندي، الجمعة، باتونجتارن شيناواترا، ابنة رئيس الوزراء السابق، تاكسين شيناواترا، لقيادة الحكومة، بعد أن نجحت بسهولة في الحصول على أغلبية أصوات أعضاء مجلس النواب، وذلك في أعقاب إقالة المحكمة الدستورية، الأربعاء الماضي، لسلفها، قطب العقارات سريتا ثافيسين، بعد تحقيقات بشأن " جرائم فساد".
وفازت باتونجتارن، البالغة من العمر 37 عاماً، بـ 319 صوتاً في مجلس النواب من أصل 493، بعد ترشيحها كمرشحة وحيدة من قبل الائتلاف الحاكم لحزبها "فيو تاي" لتحل محل سريثا.
ولن تصبح شيناواترا، المعروفة بلقبها التايلاندي "أونج إنج"، رئيسة للوزراء رسمياً إلا بعد أن يصادق الملك على ترشيحها من قبل البرلمان، وربما خلال الأيام المقبلة.
وبعد تعيينها رسمياً من قبل ملك تايلندا، ستصبح شيناواترا، ثاني رئيسة وزراء في البلاد؛ بعد عمتها ينجلوك شيناواترا، وأصغر من تتولى هذا المنصب.
وستكون شيناواترا، مسؤولة عن إدارة ثاني أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، في سعيه لمواكبة نظرائه الإقليميين، حيث تثقل كاهله ديون الأسر الضخمة والحكومة غير المستقرة التي تخيف المستثمرين، وفق صحيفة "ساوث مورنينج تشاينا بوست".
من تكون باتونجتارن شيناواترا؟
نشأت باتونجتارن شيناواترا، في العاصمة بانكوك، ودرست إدارة الفنادق في بريطانيا. وتزوجت من طيار ورزق الزوجان بطفلين. وأقامت حفل زفاف فخم في روزوود في هونج كونج في عام 2019، حضره تاكسين وعمتها ينجلوك.
خلال فترة الشباب، رافقت شيناواترا والدها في العمل السياسي في مختلف أنحاء البلاد، واستوعبت المشهد واكتسبت فهماً عميقاً لمشاعر الناس. وعندما كبرت، تحدثت عن مصدر إلهامها لدخول عالم السياسة، ونسبت ذلك إلى "حمض نووي تاكسين" الذي ورثته عن والدها، وفق موقع nationthailand.
وتعتبر شيناواترا، الابنة الصغرى لرئيس الوزراء السابق تاكسين شيناواترا، الذي أطيح به في انقلاب عسكري عام 2006. ويعد تاكسين أحد أكثر الشخصيات نفوذاً في تايلندا، حيث مكنته سياساته الاقتصادية والشعبوية من الهيمنة على السياسة التايلندية على مدى العقدين الماضيين.
وفي عام 2014، أطاح انقلاب ثان بحكومة شقيقته الصغرى ينجلوك. ولا تزال تعيش في المنفى الاختياري لتجنب السجن في تايلاند.
وولجت شيناواترا المجال السياسي رسمياً، عندما أصبحت رئيسة اللجنة الاستشارية للمشاركة والابتكار في حزب "فيو تاي" في 28 أكتوبر 2021، ثم تولت منصب رئيس مشروع عائلة "فيو تاي" في 20 مارس 2022.
وتم ترشيحها كمرشحة للحزب لمنصب رئيس الوزراء في انتخابات عام 2023، وتم تعيينها نائبة لرئيس لجنة استراتيجية القوة الناعمة الوطنية في 13 سبتمبر 2023، وأصبحت زعيمة للحزب في 27 أكتوبر 2023.
وتتمتع شيناواترا بشهرة واسعة النطاق، وكانت من بين الناشطات المخضرمات خلال فترة الانتخابات في العام الماضي. وعملت كمديرة تنفيذية في العديد من الشركات العائلية ولديها خبرة سياسية وولاءات من نشأتها داخل واحدة من أكثر السلالات السياسية نفوذاً في تايلندا.
ولعبت شيناواترا، دوراً بارزاً في الحملة الانتخابية لحزب "فيو تاي"، إذ سعى الحزب إلى الاستفادة من شعبية اسم عائلتها بين الناخبين الريفيين الأكبر سناً في الشمال والشمال الشرقي. وقد خاضت حملتها الانتخابية وهي حامل، وكانت تتصل بالفيديو في التجمعات عندما لم تعد قادرة على السفر. ومع ذلك، جاء الحزب في المرتبة الثانية في الانتخابات. ولم تترشح في نهاية المطاف لمنصب رئيس الوزراء العام الماضي.
وترث رئيسة الوزراء الجديدة، مشهداً سياسياً فوضوياً، يطارده الجنرالات السابقون، وأباطرة المال، ولاعبو السلطة المخضرمون في مملكة نادراً ما يتنازل فيها الخاسرون في الانتخابات عن السلطة الحقيقية، وتتعرض الحركات الديمقراطية بشكل روتيني للضرب بالانقلابات والأحكام القضائية، وفق صحيفة "الجارديان" البريطانية.
ولكي يصبح المرشح رئيساً للوزراء، يحتاج إلى دعم أكثر من نصف أعضاء البرلمان الحاليين البالغ عددهم 493 عضواً، أو 248 صوتاً. وإذا لم يحصل المرشحون على الأغلبية المطلوبة، يتعين على مجلس النواب أن يجتمع مرة أخرى في وقت لاحق ويكرر عملية التصويت، مع إتاحة الفرصة لترشيح مرشحين آخرين. وتشغل الحكومة الائتلافية المكونة من 11 حزباً 314 مقعداً في مجلس النواب.
ما أبرز التحديات المقبلة؟
كانت إقالة رئيس الوزراء السابق سريثا ثافيسين، الأربعاء الماضي، بمثابة ضربة موجعة لحزب "فيو تاي" المدعوم من تاكسين، والذي دخل في خلافات متكررة مع المؤسسة المحافظة في تايلندا، وهي مجموعة صغيرة ولكنها قوية من النخب العسكرية والملكية ورجال الأعمال، وفق "بانكوك بوست".
وكافحت الأحزاب السياسية المتحالفة مع تاكسين، للاحتفاظ بالسلطة، بعد أن أُجبرت على الخروج بسبب الانقلابات أو قرارات المحكمة.
وتم عزل عمة شيناواترا من منصبها، قبل أن يستولي الجيش على السلطة في انقلاب عام 2014، وذهب والدها تاكسين، إلى المنفى الاختياري في عام 2006 لأكثر من 15 عاماً، للهروب من اتهامات الفساد بعد أن أطاح الجيش بحكومته.
وعاد تاكسين، ملياردير الاتصالات والمالك السابق لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم، إلى تايلندا من المنفى في أغسطس من العام الماضي.
واحتفظ بقبضة كبيرة على السياسة التايلاندية، ورأى الكثيرون أنه يواصل التأثير على حزب "فيو تاي"، أولاً من خلال شقيقته ينجلوك، والآن من خلال ابنته، وفق شبكة CNN.
وتزامنت عودة تاكسين مع تصويت مجلس الشيوخ على تعيين سريثا رئيس الوزراء الثلاثين في البلاد. ويعتقد الخبراء أن تاكسين أبرم صفقة مع المؤسسة التايلندية لعودته وتعيين سريتا، وهو ما ينفيه تاكسين، وفق الشبكة الأميركية.
وفي أعقاب إقالة المحكمة الدستورية لرئيس الوزراء السابق سريتا، قدم حزب "فيو تاي" شيناواترا بيتونجتارن، لمنصب رئيس الوزراء. وقالت للصحافيين بعد فوزها بترشيح حزب "فيو تاي" الخميس: "يتعين على البلاد أن تتحرك إلى الأمام"، مضيفة: "نحن مصممون، معاً، وسندفع البلاد إلى الأمام".
وستواجه بيتونجتارن على الفور تحديات على جبهات متعددة، مع تعثر الاقتصاد وتراجع شعبية حزب فيو تاي، لكنها قالت إنها ستعمل بأقصى ما لديها لقيادة البلاد"، وفق "رويترز".
مشهد متقلب
حث زعيم حزب الشعب المعارض، ناتافونج روانجبانياوت، رئيسة الحكومة الجديدة على استهداف الإصلاح الدستوري لمعالجة "الأسباب الجذرية" للأزمة السياسية في تايلندا بما في ذلك "الحرب القانونية التي تمارسها النخبة لتدمير سلطة الشعب"، وفق "بانكوك بوست".
وندد المدافعون عن الديمقراطية بالخطوات القانونية الأخيرة، التي أدت إلى حرمان ملايين التايلنديين من حقهم في التصويت، مما أدى إلى تشكيل ائتلاف من الأحزاب التي فشلت في الفوز في الانتخابات، وفق "بانكوك بوست".
والأربعاء، أقال المجلس الدستوري رئيس الحكومة السابق بعد أن أدانته بانتهاك المعايير الأخلاقية بتعيين بيتشيت تشوينبان عضواً في مكتب رئيس الوزراء على الرغم من سجله في السجن.
وكان بيتشيت اتهم بمحاولة رشوة مسؤولين في المحكمة العليا، وألقي به خلف القضبان لمدة 6 أشهر بتهمة ازدراء المحكمة، وفق "بانكوك بوست".
والأسبوع الماضي، قررت المحكمة الدستورية حل حزب "موف فوروارد" MFP. وقضت المحكمة بأن "موف فوروارد" مذنب بتعريض النظام الملكي الدستوري والأمن القومي للخطر.
وفاز موف فوروارد في انتخابات 2023، لكنه لم يتمكن من تشكيل حكومة لأن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ غير المنتخبين عارضوا اقتراحه بتعديل قانون الإساءة إلى الذات الملكية. وشكل حزب "فو تاي"، الذي احتل المركز الثاني لاحقاً، ائتلافاً جديداً بدون "موف فوروارد"، وانتقل الأخير إلى المعارضة قبل قرار الحل.