حث مسؤولون عسكريون أوكرانيون على تسريع عملية إجلاء المدنين في مدينة بوكروفسك بشرق أوكرانيا الجمعة، قبل وصول القوات الروسية إلى المنطقة، حيث تمضي موسكو قدماً في هجومها الخاص بعد 10 أيام من توغل كييف عبر الحدود في منطقة كورسك الروسية.
وأكد المسؤولون المحليون، حسبما نقلت "فاينانشيال تايمز"، أن القوات الروسية "تتقدم بوتيرة سريعة" مع استمرار القتال العنيف في جميع أنحاء منطقة خط المواجهة.
وحذر مسؤولو بوكروفسك في منشور على تليجرام: "مع مرور كل يوم، يكون هناك وقت أقل لجمع الأغراض الشخصية والمغادرة إلى مناطق أكثر أماناً"، مضيفاً "مع اقتراب خط المواجهة من بوكروفسك، أصبحت الحاجة إلى الانتقال إلى مكان أكثر أماناً ملحة بشكل متزايد".
وبينما تحاول القوات الأوكرانية اكتساب المزيد من الأراضي الروسية في منطقة كورسك، حيث تدعي السيطرة على حوالي 1150 كيلومتراً مربعاً، حققت روسيا مكاسب ثابتة في منطقة دونيتسك الأوكرانية.
تقدم القوات الروسية
وقال سيرجي دوبرياك، رئيس الإدارة العسكرية في مدينة بوكروفسك، إنه على المدنيين أن أن يغادروا المنطقة حالاً، في ظل تقدم القوات الروسية على بعد 10 كيلومترات من المدينة.
وذكر دوبرياك على تليجرام: "لا تتأخروا!" "يضرب العدو بلا رحمة البنية التحتية الحيوية والأحياء السكنية".
وبوكروفسك، التي كان عدد سكانها قبل الحرب نحو 60 ألف نسمة، هي واحدة من المعاقل الدفاعية الرئيسية لأوكرانيا ومركز لوجستي رئيسي في منطقة دونيتسك. ومن شأن الاستيلاء عليها أن يعرض القدرات الدفاعية لأوكرانيا وطرق الإمداد للخطر، وأن يقرب روسيا من هدفها المعلن المتمثل في الاستيلاء على منطقة دونيتسك بالكامل، وفق "أسوشيتد برس".
وتكافح الإدارات المحلية في المدن المهددة بالاحتلال الروسي لإقناع السكان بالإخلاء. ويخشى البعض مغادرة منازلهم والانتقال إلى مكان آخر، بينما يعاني آخرون من مشكلات في الحركة بسبب الشيخوخة.
وقال معهد دراسة الحرب، ومقره واشنطن، الخميس، إن القوات الروسية "تحافظ على وتيرة هجومها المرتفعة نسبياً في منطقة دونيتسك، مما يدل على أن القيادة العسكرية الروسية تواصل إعطاء الأولوية للتقدم في شرق أوكرانيا".
وحققت قوات موسكو مكاسب باتجاه مدينتي بوكروفسك وتوريتسك واحتلت أجزاء من الأراضي، وفقاً لموقع Deepstate، المرتبط بوزارة الدفاع الأوكرانية.
وقال جندي استطلاع جوي من اللواء الأوكراني رقم 68 المحمول جواً، والذي يساعد في الدفاع عن المدينة لوكالة "أسوشيتد برس"، الجمعة، إنه "يواجه نفس الرتابة القاتلة كل يوم"، "من موقعه، يطير بطائرة بدون طيار لتحديد جنود المشاة الروس المتحركين. يتبع ذلك دوي قذيفة هاون بعد أن ينقل الإحداثيات. ثم يأتي المزيد والمزيد من جنود المشاة في موجة لا نهاية لها على ما يبدو".
وأضاف: "منذ عملية كورسك، لم ألاحظ أي تغييرات. الروس يتبعون نفس تكتيكات هجمات المشاة: إنهم يتحركون ويتقدمون".
وقالت سلطات مدينة بوكروفسك لصحيفة "فاينانشال تايمز"، إن حوالي 60 ألف شخص بقوا في منطقة بوكروفسك الكبرى. وشجعوا العائلات التي لديها أطفال على وجه الخصوص على الإخلاء قبل أي أعمال عدائية، "بهدوء ودون ذعر".
وقالت كاترينا يانوجل، صحافية في بوكروفسك: "بمجرد أن يصبح العدو على مسافة 10 كيلومترات من بوكروفسك، سيتم إجلاء الأطفال بالقوة"، في إشارة إلى المرسوم الذي قدمته أوكرانيا العام الماضي، والذي يسمح للشرطة المحلية بإجلاء الأطفال من مناطق الصراع النشط حتى لو رفضت عائلاتهم المغادرة.
وفي بلدتي توريتسك ونيو يورك المجاورة، والتي تحتل القوات الروسية أجزاءً منها الآن، لا يزال هناك 3500 من السكان الذين يعيشون في الغالب في الأقبية، وفقاً لفاسيلي شينشيك، رئيس إدارة توريتسك الكبرى.
وقال إنهم تمكنوا فقط من إجلاء حوالي 20 شخصاً يومياً، بسبب مشكلات شبكة الهاتف المحمول والقصف والطرق المدمرة والطائرات المسيرة الروسية.
معارك كورسك
في غضون ذلك، قال قائد الجيش الأوكراني أوليكساندر سيرسكي، للرئيس فولوديمير زيلينسكي في مقطع فيديو نُشر على تطبيق تليجرام الخاص بالرئيس، الجمعة، إن القوات الأوكرانية تواصل القتال في منطقة كورسك الروسية وتقدمت في بعض المناطق بما يصل إلى ثلاثة كيلومترات (1.9 ميل).
وقال سيرسكي، إن العملية في كورسك "سارت كما هو مخطط لها"، مضيفاً أن الجيش الأوكراني يتوقع أسر المزيد من الجنود الروس في مالايا لوكنياتو، لتبادلهم بقوات أوكرانية أسيرة.
وقال مسؤولون أمريكيون، الخميس، إن هناك تقارير عن قيام روسيا بنقل وحدات من أوكرانيا إلى كورسك، لكنهم لم يذكروا عدد الوحدات أو من أين أو أي وحدات، وفق "وول ستريت جورنال".
ويقول المحللون إن أحد أهداف التوغل عبر الحدود الذي بدأته كييف في 6 أغسطس كان تحويل القوات الروسية عن دونيتسك، لكن لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى يمكن تحقيق ذلك.
وقامت أوكرانيا بتدوير بعض قواتها الأكثر نخبوية من الجبهة الشرقية إلى كورسك، مما أثار مخاوف بشأن قدرتها على الاحتفاظ بمواقع في دونيتسك.
وتعهد زيلينسكي بتخصيص نفس القدر من الموارد والقوى العاملة للجبهة الشرقية كما هو الحال في عملية كورسك. وقال في وقت سابق من هذا الأسبوع: "نحن لا ننسى جبهتنا الشرقية ولو لثانية واحدة".
وقال مسؤول أميركي تحدث شريطة عدم كشف هويته لأنه غير مخول له التعليق علناً على الأمر، إن الولايات المتحدة "لا تعتقد أن أوكرانيا قادرة على السيطرة على الأراضي التي استولت عليها في كورسك على المدى الطويل".
وقال المسؤول لوكالة "أسوشيتد برس"، إن الروس لم ينشروا بعد عدداً كبيراً من القوات بعيداً عن شرق أوكرانيا إلى كورسك لمحاولة صد العملية الأوكرانية. لكن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن إعادة الانتشار أو زيادة القوات الروسية من أماكن أخرى سوف تحدث حتماً ومن المرجح أن تكون قادرة على صد القوات الأوكرانية.
ويتمثل هدف آخر لعملية كورسك في انتزاع صفقة أفضل في أي محادثات مستقبلية مع روسيا، حيث يقول المسؤولون الأوكرانيون إنهم غير مهتمين بالاحتفاظ بالأراضي المحتلة بعد "عملية تفاوض عادلة"، وفق "فاينانشيال تايمز".