يخوض المرشح الجمهوري للرئاسة الرئيس السابق دونالد ترمب، ومنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس سباقاً محتدماً إلى البيت الأبيض، ويحرص كل منهما على إطلاع الناخبين على طريقة تعاملهما مع الملف الاقتصادي حال انتخابهما.
وأشارت شبكة CNN الأميركية، إلى أن الحملتين الانتخابيتين لديهما "ميل شعبوي"، لكن المرشحين لديهما رؤى مختلفة لمساعدة الأميركيين في مواجهة تكاليف المعيشة المرتفعة، التي لا تزال قائمة حتى مع تجاوز الارتفاع الأخير في التضخم إلى حد كبير.
وتحدثت هاريس، الجمعة، عن المقترحات الاقتصادية التي طرحتها هذا الأسبوع، بما في ذلك تعزيز الإعفاءات الضريبية للأطفال، وإعانات الإسكان والجهود المبذولة لوقف التلاعب بالأسعار.
ووصفت أجندتها التقدمية بأنها "اقتصاد الفرص"، حيث يُمنح الأميركيون فرصة حقيقية للنجاح، بينما قالت إن ترمب يركز فقط على مساعدة الأثرياء والشركات الكبرى.
وألقى ترمب خطابين هذا الأسبوع ركزا على الاقتصاد وسياساته، لكنه لم يصدر بعد خطة اقتصادية مفصلة. وانتقد إدارة الرئيس جو بايدن بسبب التضخم المرتفع وتعهد بخفض الأسعار على الفور، واتهم هاريس بالرغبة في فرض "ضوابط أسعار شيوعية".
إلغاء ضرائب الإكراميات
دعا كل من ترمب وهاريس إلى إلغاء الضرائب الفيدرالية على الإكراميات، رغم أن ترمب كشف عن هذه الفكرة أولاً، وانتقد منافسته بشده متهماً إياها بـ"نسخ خطته". وأصبح هذا المقترح أحد تعهدات ترمب المفضلة أمام حشوده الانتخابية.
وطرح ترمب الفكرة لأول مرة في يونيو الماضي، في لاس فيجاس بولاية نيفادا، وهي ولاية متأرجحة رئيسية يقطنها العديد من العاملين في قطاع الضيافة والخدمات، لكنه لم يقدم أي تفاصيل.
وفي وقت مبكر من الأسبوع الجاري، أشار ترمب إلى أنه يؤيد إلغاء كلا من ضرائب الدخل والرواتب الفيدرالية على الإكراميات، وهو مقترح "أكثر تأثيراً من الناحية المالية".
وقال ترمب، في مقابلة مع قناة Spectrum News 1، بولاية نورث كارولينا، لدى سؤاله بشأن ما إذا كان يريد إلغاء كلاً من ضرائب الدخل والرواتب الفيدرالية على الإكراميات: "نحن نتطلع إلى القيام بذلك على نحو كامل". لكن هذا الإجراء يتطلب موافقة الكونجرس.
وعندما طُلب من حملة الرئيس السابق، توضيح الأمر في وقت لاحق، قالت المتحدثة باسم الحملة كارولين ليفيت، إنها "ليس لديها ما تضيفه".
ووفقاً لمختبر الميزانية Budget Lab التابع لجامعة "ييل"، وهو مركز لأبحاث السياسات، فقد عمل نحو 4 ملايين شخص (نحو 2.5% من إجمالي العمالة) في مهن يتلقون فيها إكراميات في عام 2023، ولكن أكثر من ثلث هذا العدد يكسبون أقل مما يجعلهم يدينون بضريبة دخل فيدرالية.
وتموّل الضرائب الفيدرالية على الرواتب، برنامج الضمان الاجتماعي، وبرنامج الرعاية الطبية "ميديكير"، وتبلغ 15.3% يدفع نصفها الموظفون.
من جانبها، وعدت هاريس، الأسبوع الماضي، بإلغاء ضرائب الدخل الفيدرالية على الإكراميات أمام حشد انتخابي في لاس فيجاس، وستبقى الإكراميات خاضعة للضرائب على الرواتب بموجب خطة هاريس.
وفي حال إلغاء الضرائب الفيدرالية على الدخل والرواتب، فسيؤدي ذلك إلى خفض الإيرادات بمقدار 150 مليار دولار إلى 250 مليار دولار خلال 10 سنوات، وفقاً للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، فيما سيؤدي إلغاء ضرائب الدخل الفيدرالية على الإكراميات إلى خسارة نحو نصف هذا المبلغ.
مزايا الضمان الاجتماعي
عرض ترمب أيضاً تقديم إعفاء ضريبي لصالح كتلة تصويتية مؤثرة أخرى، وهم كبار السن، وقال أواخر الشهر الماضي إنه يريد إلغاء الضرائب على مزايا الضمان الاجتماعي.
وقال الرئيس السابق أمام حشد انتخابي، الأربعاء، فيما وُصف بأنه خطاب اقتصادي: "لمساعدة كبار السن من ذوي الدخول الثابتة الذين يعانون من التضخم، لن يكون هناك ضرائب على الضمان الاجتماعي. سنوقف هذه الضرائب".
والوقت الراهن، لا يدفع كبار السن ضرائب على المزايا التي يحصلون عليها، إذا كان دخلهم أقل من 25 ألف دولار للفرد، أو 32 ألف دولار للزوجين، ما يسمى بالدخل المشترك، الذي يأخذ في الاعتبار دخلهما الإجمالي المعدل، ونصف مزايا الضمان الاجتماعي التي يحصلون عليها، والفائدة غير الخاضعة للضريبة.
وفوق هذا الحد، ربما يتعين عليهم سداد ضرائب على الدخل على ما يصل إلى 50% من المزايا التي يحصلون عليها، مع ذهاب الإيرادات إلى الصندوق الاستئماني للضمان الاجتماعي.
ويمكن لأولئك الذين لديهم دخل مشترك لا يقل عن 34 ألف دولار للفرد، أو 44 ألف دولار للزوجين، أن يدفعوا ضريبة على الدخل على ما يصل إلى 35% من الاستحقاقات التي يحصلون عليها.
وتذهب هذه الأموال إلى الصندوق الاستئماني للتأمين على المستشفيات التابع لميديكير، والمعروف باسم ميديكير الجزء (أ).
وقال مركز سياسات الضرائب، إن إلغاء الضريبة على مزايا الضمان الاجتماعي، من شأنه أن "يخفض الضرائب بمعدل 550 دولاراً"، رغم أن الأُسر منخفضة الدخل ستحصل على مزايا قليلة، وربما لن تحصل على مزايا على الإطلاق في العام المقبل.
الرسوم الجمركية
دعا ترمب إلى فرض المزيد من الرسوم الجمركية حال عودته إلى البيت الأبيض. وبينما لم تتحدث هاريس عن خططها للتجارة على وجه التحديد، احتفظت إدارة "بايدن/ هاريس" بالكثير من الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب في ولايته الأولى، بل وزادت بعض تلك الرسوم.
وخلال خطابات ومقابلات أُجريت في وقت سابق من ربيع العام الجاري، دعا ترمب إلى إضافة رسوم "لا تقل عن 10% على جميع الواردات من جميع الدول، إلى جانب رسوم أخرى تزيد عن 60% على جميع الواردات الصينية".
وستكلف هذه التعريفات مجتمعة الأسرة متوسطة الدخل "1700 دولار سنوياً"، وفقا لتقديرات نشرها معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، في مايو الماضي.
وأشار ترمب هذا الأسبوع، إلى أن الرسوم الجمركية الشاملة "ربما تصل إلى 20%". وقال في خطاب بولاية نورث كارولينا، الأربعاء: "سنفرض رسوماً جمركية بنسبة 10% إلى 20% على الدول الأجنبية التي كانت تستغلنا لسنوات".
وفي مارس، أشار ترمب أيضاً إلى أنه سيفرض رسوماً جديدة بنسبة 100% على جميع السيارات المصنوعة خارج الولايات المتحدة، حال فوزه بولاية أخرى.
على الجانب الآخر، وضعت إدارة "بايدن/ هاريس" في مايو الماضي، خطة لرفع الرسوم الجمركية على بعض المنتجات صينية الصنع، بينها الفولاذ والألومنيوم وأشباه الموصلات القديمة والمركبات الكهربائية، خلال العامين المقبلين.
التعامل مع التخفيضات الضريبية المنتهية
تتباين رؤى ترمب وهاريس بشأن كيفية التعامل مع انتهاء تخفيضات ضريبية فردية تبلغ قيمتها أكثر من 3.4 تريليون دولار في العام المقبل.
وقال الرئيس السابق، إن أحد أهدافه الرئيسية يتمثل في تمديد مجموعة واسعة من التخفيضات الضريبية، التي نص عليها قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017، وهو ما يعد "أحد الإنجازات" المميزة لولايته الأولى.
وتنتهي تخفيضات ضريبة الدخل الفردي والعقارات في نهاية العام المقبل. ووعد ترمب أمام حشود انتخابية بالمزيد من التخفيضات الضريبية للأفراد ذوي الدخول المختلفة، وأيضاً للشركات.
وقال الرئيس السابق، الأربعاء: "للوصول إلى الإغاثة الاقتصادية للعمال والأسر، سنقدم المزيد من التخفيضات الضريبية"، مضيفاً أن "هذا ما يمنحنا اقتصاداً عظيماً. وسنقوم بالمزيد من التخفيضات الضريبية، وسنجعلها دائمة".
وعلى الجانب الآخر، قالت هاريس إنها ستواصل إنجاز تعهد الرئيس جو بايدن بعدم رفع الضرائب على أي شخص يقل دخله عن 400 ألف دولار سنوياً.
وانتقدت نائبة الرئيس بشدة ترمب لرغبته في تمديد جميع التخفيضات الضريبية لعام 2017.
وقالت نائبة الرئيس، الجمعة، إن "دونالد ترمب يقاتل من أجل المليارديرات والشركات الكبيرة. وسأقاتل من أجل إعادة الأموال إلى الأميركيين من الطبقة العاملة والمتوسطة".
تعزيز الإعفاءات الضريبية للطبقة الوسطى
كشفت هاريس، الجمعة، عن خطة لخفض الضرائب لصالح الأميركيين من الطبقة الوسطى والعاملة، في إطار سياستها الاقتصادية. وستقدم هاريس إعفاءً ضريبياً لأكثر من 100 مليون أميركي.
وستعيد خطة هاريس، التوسع الشعبي للائتمان الضريبي للأطفال، القائم على خطة الإنقاذ الأميركية، بما يصل إلى 3600 دولار بدلاً من 2000 دولار، وستدعو إلى تحويله إلى منحة دائمة.
كما سيضيف هذا المقترح، ائتماناً ضريبياً جديداً للأطفال، يصل إلى 6000 دولار لأسر الطبقة الوسطى ومنخفضة الدخل، التي لديها أطفال في العام الأول من أعمارهم.
وأشارت حملة هاريس، إلى أن هذا البند سيجري تطبيقه عندما تصل نفقات الأسرة، على أسِرّة الأطفال والحفاضات ومقاعد السيارة وغيرها من المستلزمات من هذا النوع، إلى أعلى مستوياتها، وعندما يضطر العديد من الآباء والأمهات إلى الحصول على إجازات من وظائفهم.
كما ستعمل سياسة هاريس الاقتصادية على توسيع الائتمان الضريبي على الدخل المكتسب، المعروف باسم EITC، لتزويد العاملين في الخطوط الأمامية الذين ليس لديهم أطفال معالين بتخفيض ضريبي يصل إلى 1500 دولار.
وعززت خطة الإنقاذ الأميركية، الحد الأقصى للائتمان، المتاح للعمال في الوظائف ذات الدخل المنخفض، إلى هذا المبلغ تقريباً، ولكن تعزيز الائتمان الضريبي على الدخل المكتسب EITC لم يدخل حيز التنفيذ إلا في عام 2021.
وتدعو حزمة نائبة الرئيس، إلى "تمديد الإعانات المميزة لقانون الرعاية الميسرة الأكثر سخاءً"، والتي من المقرر أن تنتهي في نهاية عام 2025.
وساعد هذا التعزيز، الذي أصبح متاحاً من خلال خطة الإنقاذ الأميركية، وتم تمديده بموجب قانون الحد من التضخم، في دفع الاشتراكات لتغطية قانون الرعاية الصحية، المعروف باسم "أوباما كير" Obamacare إلى مستويات قياسية.
ولم تحدد خطة هاريس المقترحة، المدة التي ستظل خلالها هذه البنود المكلفة سارية المفعول.
خفض أسعار البقالة
ركز كل من ترمب وهاريس على مواجهة أزمة أسعار مواد البقالة، وغيرها من المستلزمات اليومية للأميركيين.
وخلال خطاب ترمب الاقتصادي، الأربعاء الماضي، قال إنه يخطط للتوقيع على أمر تنفيذي في اليوم الأول له في المكتب البيضاوي لتوجيه جميع رؤساء الوكالات والوزراء إلى "استخدام جميع الأدوات والسلطات الواقعة تحت تصرفهم لهزيمة التضخم ولخفض الأسعار للمستهلكين على وجه السرعة".
وتتمثل إحدى استراتيجياته لخفض الأسعار في "إلغاء كل القواعد التنظيمية المكلفة التي تقتل الوظائف"، على حد قوله، رغم أنه لم يذكر أي تفاصيل خلال الخطاب.
وقال ترمب مراراً، إنه سيخفض الأسعار عن طريق "تعزيز إنتاج النفط والغاز"؛ لكن الأسعار في الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على سوق النفط العالمية وتتأثر بعوامل خارجة عن سيطرة الرئيس، مثل الحرب الروسية على أوكرانيا، أو قرارات منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" الأخيرة بخفض إنتاج الغاز. إضافة إلى ذلك، بلغ إنتاج النفط معدلات قياسية في عهد بايدن.
على الجانب الآخر، دعت هاريس إلى فرض حظر فيدرالي على التلاعب بالأسعار في محاولة لاستهداف الشركات، وخفض أسعار مواد البقالة، رغم أن حملتها نشرت تفاصيل مقتضبة بشأن مقترحها.
سكن بأسعار معقولة
أعلنت هاريس، الجمعة، خطة من 3 أقسام لمعالجة النقص الذي تعانيه البلاد في المساكن ميسورة التكلفة. ويعتمد جزء من الحزمة على المقترحات التي كشف بايدن عنها بالفعل.
وتعد خطة نائبة الرئيس بتوفير ما يصل إلى 25 ألف دولار لدعم خفض الدفعات لمشتري المنازل لأول مرة، التي ستنطبق على الأسر العاملة التي سددت الإيجار في الموعد المحدد لعامين، مع تقديم دعم أكثر سخاء لمشتري المنازل لأول مرة.
ووفق الحملة، فإن الخطة التي ستطبق خلال الولاية الأولى لهاريس ستوفر أيضاً ائتماناً ضريبياً بقيمة 10 آلاف دولار لمشتري المنازل لأول مرة، وهو ما اقترحه بايدن في وقت سابق من العام الجاري.
من جانبه، روّج ترمب أيضاً لاستخدام الأراضي الفيدرالية للمساعدة في تخفيف حدة نقص المساكن، ما أشار إليه في فعاليتين انتخابيتين خلال الأسبوع الجاري.
وقال الرئيس السابق خلال مؤتمر صحافي، الخميس: "سنفتح مساحات من الأراضي الفيدرالية لبناء المنازل"، مضيفاً: "إننا بحاجة ماسة إلى السكن للاشخاص الذين لا يستطيعون تحمل ما يحدث الآن".
خفض أسعار الدواء
أعلنت نائبة الرئيس، الجمعة، خطة تعتمد أيضاً على جهود إدارة بايدن لخفض تكاليف الدواء.
وتدعو هاريس إلى تمديد الحد الأقصى الشهري الحالي البالغ 35 دولاراً الخاص بالتكاليف التي يدفعها المريض مقابل الأنسولين، والحد السنوي المقبل البالغ 2000 دولار الخاص بالتكاليف التي يتحملها المريض مقابل العقاقير الواردة في وصفات طبية لجميع الأميركيين بوجه عام، وليس فقط المسجلين في "ميديكير".
وستعمل خطة هاريس أيضاً، على تسريع وتيرة التفاوض بشأن أسعار الدواء في برنامج "ميديكير"، حتى يتم خفض تكاليف المزيد من الأدوية بوتيرة أسرع.
وتعتزم نائبة الرئيس اتخاذ إجراءات صارمة ضد شركات الأدوية التي تمنع المنافسة، وأيضاً ضد الممارسات المسيئة من قبل مديري الصيدليات الذين يلعبون دور الوسطاء بين شركات تصنيع الأدوية وشركات التأمين رغم أن الخطة "لم تحدد كيفية القيام بذلك"، وفق CNN.
علاوة على ذلك، قالت هاريس إنها ستعمل مع الولايات على إلغاء الديون الطبية لملايين الأميركيين، ومساعدتهم على تجنب التخلّف عن سداد فواتير الرعاية الصحية في المستقبل.