تحقيقات "نورد ستريم" تشعل حرب اتهامات وانتقادات بين ألمانيا وبولندا

time reading iconدقائق القراءة - 6
المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يستعرضان حرس الشرف قبل المشاورات الحكومية الألمانية البولندية في وارسو. 2 يوليو 2024 - Reuters
المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يستعرضان حرس الشرف قبل المشاورات الحكومية الألمانية البولندية في وارسو. 2 يوليو 2024 - Reuters
دبي -الشرق

أثارت التسريبات التي كشفت عن تورط فريق من الأوكرانيين في تفجير خط أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم" أثناء استخدامهم بولندا كقاعدة لوجستية، خلافاً حاداً بين برلين ووارسو، الحليفان المقربان للولايات المتحدة في دعم أوكرانيا خلال الحرب، وفق "وول ستريت جورنال". 

وانتقد رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، ألمانيا، السبت الماضي، بعد أن كشف تحقيق ألماني، استمر قرابة عامين أن فريقاً من الأوكرانيين قام بتخريب أكبر نظام أنابيب بحري في العالم في سبتمبر 2022.

وقالت "وول ستريت جورنال"، إن العملية تضمنت استخدام يخت صغير مُستأجر وفريق مكون من 6 غواصين مدربين من أوكرانيا.

وأضافت الصحيفة، أن السلطات البولندية لم تتخذ أي إجراء بناءً على مذكرة اعتقال أصدرتها السلطات الألمانية في يونيو الماضي، بحثاً عن أحد أفراد الفريق المشتبه بهم. وتمكن هذا المشتبه به، الذي لم تكشف السلطات الألمانية هويته علناً، من الفرار إلى وطنه أوكرانيا، ما أثار غضباً في ألمانيا. 

وهاجم توسك في منشور على منصة "إكس"، السبت، "مبادرين ورعاة" خطي أنابيب "نورد ستريم 1 و 2"، اللذين يمتدان بالتوازي في قاع بحر البلطيق وينقلان الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية. وقال: "الشيء الوحيد الذي ينبغي عليكم فعله الآن هو الاعتذار والتزام الصمت".

وفي أواخر الأسبوع الماضي، أرسل مدعون بولنديون، خطاباً رسمياً، إلى نظرائهم الألمان لإبلاغهم بأن المشتبه به قد غادر البلاد، حسبما ذكرت "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مصادر مطلعة. وطالب المدعون في خطابهم بمعرفة ما إذا كان المحققون الألمان لا يزالون مهتمين بتفتيش منزل المشتبه به قرب وارسو. 

واعتبرت السلطات الألمانية، هذا الخطاب "إهانة أخرى"، بعد أن تقاعست السلطات البولندية عن تنفيذ مذكرة الاعتقال، وفقاً لمصدر مطلع. 

اتهامات متبادلة

وصرح مدعون بولنديون علناً، بأنهم لم يعتقلوا المشتبه به على الفور بسبب خطأ ارتكبه نظراؤهم الألمان عند طلب احتجازه، إذ لم يدرجوا عنوان المشتبه به في السجل الأوروبي. لكن السلطات الألمانية تنفي ذلك. وقالت السلطات البولندية حينها إن جهاز الأمن الداخلي ABW، كان يتعين عليه مراجعة المسألة قبل أن يتمكنوا من تنفيذ الاعتقال، وفق "وول ستريت جورنال".

وكانت بولندا، شأنها شأن الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لألمانيا، معارضة لإنشاء خطوط أنابيب "نورد ستريم" منذ إنشائها قبل نحو عقدين. ورغم الاعتراضات، مضت الحكومات الألمانية، خاصة في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، في تنفيذ المشروع.

كما مضت ألمانيا قدماً في مشروع "نورد ستريم 2" حتى بعد أن غزت روسيا أوكرانيا لأول مرة، وضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014.

وعكست تصريحات توسك، ما وصفه مستشار الأمن القومي البولندي، جاسيك سييوييرا، بأنه "إجماع راسخ" في بولندا. ومن جانبهم، أعرب مسؤولون ألمان من مختلف الأطياف السياسية عن دهشتهم من تصريحات توسك، إلا أنهم قرروا عدم الرد لتجنب تصعيد الخلاف في وقت يُفترض أن يعمل فيه الحليفان في حلف شمال الأطلسي "الناتو" سوياً لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر للصحيفة.

وقال وزير ألماني كبير: "بوتين هو عدونا المشترك، ويجب أن نتذكر ذلك جميعاً".

شكوى روسية

وقالت "وول ستريت جورنال" إن روسيا تدخلت في القضية اليوم، إذ قدمت موسكو شكوى لألمانيا بسبب عدم إحراز تقدم في التحقيقات المتعلقة بخطي "نورد ستريم"، وطلبت إجراء محادثات عاجلة بشأن "التزام ألمانيا بواجباتها الدولية في مكافحة الإرهاب"، وفقاً لما صرح به أوليج تيابكين، مدير القسم الأوروبي الثالث بوزارة الخارجية الروسية لوكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي". 

وحذر تيابكين من إنهاء التحقيق في التفجيرات دون تحديد المسؤولين عن إصدار الأوامر بتنفيذها. 

وقالت "وول ستريت جورنال" إن الخلاف بين وارسو وبرلين الذي تفجر علناً نهاية الأسبوع الماضي، كان يختمر منذ أشهر. ويرى بعض المحققين والسياسيين الألمان أن السلطات البولندية حاولت عمداً عرقلة التحقيق.

ورفضت السلطات البولندية، العام الماضي، تقديم لقطات من كاميرات المراقبة لليخت، الذي كان راسياً في ميناء بولندي، بالإضافة إلى بيانات الهواتف المحمولة من المنطقة، حسبما نقلت الصحيفة عن محققين ألمان.

لكن جهاز الأمن الداخلي البولندي، رفض هذه الادعاءات، وصرح بعدم وجود مثل هذه اللقطات. فيما أفاد مدعون بولنديون بأن اللقطات تم مسحها بشكل روتيني بعد 30 يوماً وفقاً للإجراءات المعمول بها.

وعلى الرغم من التعاون الوثيق بين قوات الشرطة في بولندا وألمانيا عبر الحدود الطويلة المشتركة بين البلدين، أعربت السلطات الألمانية عن قلقها عندما أبلغها مدعون بولنديون بعدم إمكانية اعتقال المشتبه به إلا بعد مراجعة القضية من قبل جهاز الأمن الداخلي، ما دفع برلين إلى تصعيد القضية إلى أعلى مستويات الحكومة البولندية.

وفي 2 يوليو الماضي، زار مجموعة من الوزراء الألمان، برئاسة المستشار أولاف شولتز، وارسو لعقد جلسة مشتركة مع حكومة توسك. ويُعد هذا الاجتماع بين أعضاء الحكومتين تقليداً طويل الأمد لتعزيز العلاقات بين الدولتين اللتين تشتركان في تاريخ صعب يعود إلى الحرب العالمية الثانية.

وخلال الاجتماع، طلب الوزراء الألمان من نظرائهم البولنديين، التأكد من تنفيذ مذكرة الاعتقال، لكن البولنديين رفضوا، وفق مصدر مطلع.

وقال مسؤول بولندي كبير لنظيره الألماني بشكل خاص، إن أي مشتبه به قد يكون له دور في تدمير الأنابيب يجب أن يُمنح وساماً بدلاً من اعتقاله، بحسب المصدر.

وفي 6 يوليو الماضي، غادر المشتبه به بولندا بسيارة عابراً إلى أوكرانيا، وفقاً لمصادر مطلعة على التحقيق. ويُعتقد الآن أن جميع المشتبه بهم في التحقيق الألماني موجودون في أوكرانيا، التي لا تسلم مواطنيها، بحسب الصحيفة. 

تصنيفات

قصص قد تهمك