دافع المستشار الألماني أولاف شولتز عن مساعدات بلاده العسكرية إلى أوكرانيا، الأربعاء، بعد تعرض حكومته لانتقادات شديدة بسبب خفض التمويل، في إطار محاولة التخفف من الضغوط على ميزانية الدولة، فيما زعمت المعارضة اليسارية المتطرفة المؤيدة لروسيا، سارة فاجينكنيشت، أن حزبها كان له دور في التأثير على خطط الحكومة بشأن عدم زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا.
وقال شولتز خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة مولدوفا، مايا ساندو من كيشيناو: "لن تتراجع ألمانيا عن دعمها لأوكرانيا. سنستمر في دعم أوكرانيا طالما كان ذلك ضرورياً. وسنكون أكبر داعم وطني لها في أوروبا"، وفق ما أوردته مجلة "بوليتيكو"، وذلك في سياق الأزمة السياسية في برلين، التي أعقبت تسريب رسالة وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، زملاءه في الحكومة، التي حذر فيها من أنه سيرفض أي طلبات بمساعدات عسكرية إضافية لكييف، في إطار خطة ألمانيا لخفض الإنفاق.
وأضاف المستشار الألماني، في إشارة إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لدعم أوكرانيا: "هذا يتطلب الكثير من الناحية الفنية، لكننا متحدون سياسياً. نعمل حالياً على توضيح هذه القضايا الفنية، بحيث يتم ضمان زيادة كبيرة في الدعم لأوكرانيا من قبل المجتمع الدولي".
وعندما سُئل عن التوغل العسكري الأوكراني داخل روسيا في كورسك، قال شولتز، إن أوكرانيا "أعدت عمليتها العسكرية في منطقة كورسك سراً للغاية"، مضيفاً أن "هذه عملية محدودة للغاية من حيث المساحة، وربما أيضاً من حيث الوقت".
وفي حديثه من مولدوفا، التي دقت ناقوس الخطر بشأن الجهود الروسية لزعزعة استقرار البلاد واستوفت متطلبات بدء المفاوضات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي، قال شولتز إن ألمانيا "عرضت المساعدة في جميع المتطلبات التشريعية والإدارية من أجل المضي قدماً بسرعة في العضوية".
وتابع في هذا الصدد، أن "توسيع الاتحاد الأوروبي يصب في المصلحة الاستراتيجية للاتحاد ككل ويصب في المصلحة الاستراتيجية لألمانيا، وبطبيعة الحال، مولدوفا".
يأتي ذلك، بعد أن ذكرت صحيفة "فرانكفورتر ألجماينه" الألمانية، أن الائتلاف الحاكم الثلاثي في ألمانيا، المكون من حزب شولتز "الديمقراطي الاجتماعي" و"الخضر" والحزب "الديمقراطي الحر"، سيوقف المساعدات العسكرية الجديدة لأوكرانيا كجزء من خطته لخفض الإنفاق.
وجاء ذلك بعد قرار اتخذه شركاء الائتلاف الشهر الماضي بخفض المساعدات العسكرية لأوكرانيا بنحو النصف إلى 4 مليارات يورو فقط في مشروع ميزانيتها لعام 2025، بحجة أن كييف "قد تعتمد مستقبلاً على الدخل المتوقع من الأصول الروسية المجمدة بقيمة 50 مليار دولار".
والأسبوع الماضي، حذر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر زملاءه في الحكومة من أنه سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضد أي طلبات دفع جديدة لكييف.
ونفى شولتز أن تكون برلين قد تخلت عن أوكرانيا، قائلاً إن ألمانيا "ستتبرع بأربعة مليارات يورو كمساعدات عسكرية لكييف العام المقبل، وهو ما يزيد عن أي دولة أوروبية أخرى".
اليسار المتطرف: أثرنا على الحكومة
لكن فاجينكنيشت المؤيدة لروسيا، كانت مصرة على التأثير الذي أحدثه موقفها، قائلة في تصريحات أوردتها صحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن "معارضتها القوية لتسليح أوكرانيا أثرت على سياسة برلين بشأن الحرب".
وأضافت عن حزبها: "حقيقة أن الحكومة الألمانية قالت إنها على الأقل لا تريد الاستمرار في زيادة شحنات الأسلحة كانت نتيجة لارتفاع معدلات استطلاعات الرأي لدينا. لقد بدأنا بالفعل في إحداث تأثير، رغم أننا لسنا في السلطة، إن معدلات تأييدنا تؤثر على المناقشة الوطنية".
وحددت فاجينكنيشت بالفعل، سلسلة من الشروط الصعبة لأي ائتلاف، قائلة إنها "لن تتعاون مع أي حزب يدعم خطة شولتز لنشر صواريخ أميركية متوسطة المدى في ألمانيا اعتباراً من عام 2026".
ويؤكد مسؤولو الحزب "الديمقراطي الاجتماعي" الحاكم، أن مثل هذه القضايا لا يتم التعامل معها، إلا من قبل الحكومة الفيدرالية، لكن فاجينكنيشت قالت إنها "تعكس رغبات الناخبين فقط".
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها مؤسسة "فورسا"، إلى أن نحو ثلثي المشاركين في شرق ألمانيا يعارضون نشر القوات، بينما يعارضها على المستوى الوطني 49%.
ويضيف صعود فاجينكنيشت في استطلاعات الرأي، حالة من عدم الاستقرار إلى المشهد السياسي، الذي يواجه بالفعل تحدياً بسبب صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، والذي يتبنى أيضاً وجهات نظر متشككة في أوكرانيا ومؤيدة لروسيا.
وتعد ألمانيا أكبر مانح عسكري لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، إذ ستقدم هذا العام حوالي 7.5 مليار يورو من المساعدات العسكرية إلى كييف، وتعني ضغوط الميزانية أن هذا الرقم من المقرر أن ينخفض بالفعل، حيث تخصص مسودة خطط الإنفاق الحكومية لعام 2025، 4 مليارات يورو.