انتهى المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاجو، الخميس، الذي كان مفعماً بالحماسة والأمل والتفاؤل، بقبول كامالا هاريس الترشح رسمياً عن الحزب في الانتخابات الرئاسية لمواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترمب، وعاد السؤال العريض للظهور، هل سيصوت الناخبون لنائبة الرئيس، وسط أدائها الخافت في الـ 4 سنوات الماضية؟ لا سيما وأنها بدأت الآن الاختبار الحقيقي، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".
وتنبأ الديمقراطيون هذا الأسبوع، بأن هاريس ستهزم ترمب، ووصفوها بأنها "رمز تاريخي" و"تجسيد للأمل" و"رئيسة البهجة"، ولكن وسط هذا التفاؤل العارم، قدمت سيدة أميركا الأولى السابقة ميشيل أوباما "تحذيراً رصيناً"، مفاده "لا يهم حجم ما نشعر به من رضا الليلة أو غدا أو بعد غد، فنحن بصدد معركة حامية الوطيس"، ولكن هذا التحذير سرعان ما توارى خلف حجم الحماسة التي غمرت ساحة الوقوف والتي اتسعت وحدها لـ 17 ألف شخص.
مناظرة هاريس وترمب
ولدى هاريس الآن ما يزيد عن أسبوعين للتحضير لـ"المناظرة الرئاسية ضد ترمب في 10 سبتمبر"، والتي يمكن أن تحول بوصلة السباق، تماماً، كما أجبرت المناظرة الرئاسية الأولى الرئيس الأميركي جو بايدن على الانسحاب من السباق الرئاسي.
وحتى اللحظة الراهنة، لا يشعر فريق هاريس بأي إلحاح لطرح برنامجها أو إجراء أي مقابلات إعلامية قد تهدد "تلك المشاعر الإيجابية التي أحاطت بحملتها الناشئة، وأنتجت طوفاناً من التبرعات الانتخابية وخلفت جيشاً جراراً من المتطوعين في الولايات المتأرجحة".
وتخلت هاريس بشكل لافت عن معارضتها للتكسير الهيدروليكي، ودعمها لبرنامج "الرعاية الطبية للجميع"، اللذين كانا يمثلان "الملمحين الرئيسيين" لحملتها الرئاسية في عام 2019، فيما يصر مساعدوها على أن قيمها لا تزال ثابتة، ولكنها تبنت"سياسات أكثر وسطية من منطلق براجماتي".
وفي هذا السياق، قال كبير المستشارين السياسيين في الحملة الانتخابية، بريان نيلسون، إن هاريس "ستعمل على دعم وقيادة السياسات البراجماتية التي تتسم بالمنطق السليم، وترتبط مباشرة بتحسين حياة الأميركيين"، وفق ما أوردته "أسوشيتد برس".
في الوقت نفسه، يعتقد حلفاء هاريس، أن المسألة "لا تتعدى مجرد وقت قبل أن يستقر ترمب على خط هجوم فعال".
نهج ترمب في التعامل مع هاريس
وتبنى الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب نهجاً غير تقليدي في التعامل مع هاريس، تضمن الهجوم على هويتها العرقية وضحكتها وسجلها كنائبة رئيس وتاريخها كـ "ليبرالية سان فرانسيسكو".
وحذر جوش شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا، الذي ألقى خطاباً رئيسياً في المؤتمر خلال هذا الأسبوع، من أن ترمب "سيعرف كيف يوصل رسالته، ويوجه هجمة سياسية" قبل أن يضيف: "أعتقد أن ما رأيتم يمثل قدرتها (هاريس) على استيعاب النقد ومواصلة المضي قدماً، وهذه سمة سياسية بالغة الأهمية".
وأقر آخرون بأن بقعة الضوء "ستزداد تسلطاً خلال الـ74 يوماً المقبلة وصولاً إلى يوم الانتخابات، وأنه "ليس مؤكداً على الإطلاق أن يستمر شهر عسل هاريس"، كما وصف فريق ترمب هذه المرحلة من الحملة.
وقالت سارة لونجويل، زعيمة حركة "ناخبون جمهوريون ضد ترمب" والناقدة الحادة للرئيس السابق، على حد وصف "أسوشيتد برس"، إن الناس يسألون هذا السؤال: هل سيصوت الأميركيون لمرأة سوداء؟ وأعتقد حقيقة أن هذا هو السؤال الخطأ دائماً".
وأضافت: "أعتقد أن السؤال هو هل سيصوتون لهاريس، بما لديها من مهارات وأحمال الماضي، فالمشكلة الأكبر لكامالا، هي أن الناس يرونها تقدمية مفرطة، وهو ما يمكن أن يضر بها من ناحية هؤلاء الناخبين المتأرجحين".
وكشفت استطلاعات الرأي أن آراء الناخبين بحق هاريس تحولت بسرعة كبيرة نسبياً في غضون شهر، منذ تنحي بايدن، وتحول كامالا إلى مرشحة فعلية.
وأثارت هذه الاستطلاعات احتمالية أن زخم هاريس ليس له علاقة بترشحها سوى أنه "مجرد تعبير عن شعور بالراحة في أوساط الديمقراطيين لتنحي بايدن".
ولكن رئيس منظمة الديمقراطيين الشباب في أميركا، كوينتين واثوم أوكاما قال إن حماسه يقوم على"مزيج من الراحة لتنحي بايدن والحماسة بشأن هاريس، قبل أن يعترف بأنه لا يعرف الكثير عن خططها للحكم" مرجعاً ذلك إلى "حضورها الخافت نسبياً خلال السنوات الأربع السابقة".
قيم المرشح هي الأهم
ووصفت راندي وينجارتين، رئيسة الاتحاد الأميركي للمعلمين، الذي أيد هاريس، نفسها بأنها "مهووسة بالسياسة"، ولكنها قالت إن جهود الديمقراطيين السابقة لصياغة أجندات سياسية مفصلة "فشلت في اكتساب قدر كبير من الجاذبية لدى الناخبين".
وأصرت وينجارتين، رفقة حلفاء آخرين لهاريس، هذا الأسبوع، على أن ما يهم أكثر هو "قيم المرشح".
ولم تصدر هاريس حتى الآن سوى "عينة" من الخطط التي ستسعى إلى تحقيقها كرئيسة، ولم يحدث مندوبو المؤتمر الوثيقة الرسمية للحزب لتعكس طموحات المرشحة الجديدة، وفي بعض الحالات لا تزال الوثيقة تشير إلى "ولاية بايدن الثانية".
وبدأت بعض التفاصيل، في الخروج إلى النور، ففي الأسبوع الماضي، حددت هاريس خطة المائة يوم الأولى في كنف البيت الأبيض، بإرسال حدود فيدرالية مقترحة على زيادة الأسعار لمنتجي المواد الغذائية إلى الكونجرس.
كما تعهدت بتقديم ائتمان ضريبي دائم بقيمة 3600 دولار لكل طفل تتم الموافقة عليه حتى عام 2025 للأسر المؤهلة، وتقديم ائتمان ضريبي بقيمة 6000 دولار للأسر التي لديها أطفال حديثي الولادة.
وعلاوة على ذلك، تدعو هاريس إلى بناء 3 ملايين وحدة سكنية جديدة خلال 4 سنوات، إلى جانب توسيع نطاق خطة إدارة بايدن في توفير 25 ألف دولار كمساعدة محتملة لمساعدة بعض المستأجرين العاجزين عن دفع الإيجار على شراء منازل.
كما تريد هاريس تسريع وتيرة جهود إدارة بايدن التي سمحت لبرنامج الرعاية الطبية Medicare والبرامج الفيدرالية الأخرى بالتفاوض مع شركات صناعة الأدوية، بهدف خفض تسعيرة بعض الأدوية الأكثر غلاء والأكثر استخداماً بنسبة 40% إلى 80% تقريباً بدءاً من عام 2026.