تزامنت أكثر الأسابيع ازدحاماً للحملة الانتخابية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع أكثر اللحظات السياسية أهمية بالنسبة لنائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، في خطوة مدروسة من المرشح الجمهوري لعدم ترك أي مجال لمنافسته في دائرة الضوء، وفق "بلومبرغ".
وأمضى ترمب الأسبوع في محاولة لتنشيط حملته الانتخابية، إذ وضع جدولاً مكثفاً يشمل تنظيم فعاليات انتخابية في 5 ولايات متأرجحة خلال 5 أيام، بالإضافة إلى زيارة الحدود الأميركية-المكسيكية، ومقابلات مع وسائل إعلام رئيسية، وذلك في الوقت الذي اجتمع فيه الديمقراطيون المتحمسون في شيكاجو لحضور المؤتمر الوطني لحزبهم.
ويعكس هذا التحرك تحولاً كبيراً في نهج الرئيس السابق، الذي كان يكتفي بالظهور في فعالية عامة أو اثنتين في الأسبوع.
واعتبرت "بلومبرغ" أن الأسبوع الذي جرى التخطيط له "بشكل محموم" يخفي مخاوف ترمب من فقدانه القدرة على التأثير في مجريات الأخبار كما كان يفعل عندما كان الرئيس الأميركي جو بايدن (81 عاماً) لا يزال مرشحاً لإعادة انتخابه.
هاريس وترمب.. معركة الأضواء
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري السابق والحليف المقرب من الرئيس السابق، نيوت جينجريتش: "ترمب أدرك حقيقة أنه في سباق مختلف، وإنه بحاجة إلى طاقة أكثر، ويريد أفكاراً مختلفة".
ونقلت حملة ترمب معركة الأضواء مباشرة إلى المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، إذ نظمت مؤتمرات صحافية يومية بشأن الاقتصاد والأمن القومي والهجرة في فندق ترمب في شيكاجو، والذي يبعد بضعة أميال فقط عن الساحة التي قبلت فيها هاريس ترشيح حزبها لخوض السباق الرئاسي.
وقالت المتحدثة باسم حملة ترمب، دانييل ألفاريز، إن "دونالد ترمب أمضى كل لحظة في هذا الأسبوع في تسليط الضوء على القضايا التي تهم الأميركيين، بينما قضت كامالا هاريس الأسبوع في تجنُّب المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الخاص بترشيحها وعدم الرد على الأسئلة بشأن آرائها اليسارية المتطرفة، مثل إلغاء الكفالة النقدية".
وكانت حملة ترمب في أوجها بعد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي، يوليو الماضي، إذ نجا الرئيس السابق من محاولة اغتيال، وكان الديمقراطيون غارقون في معركة داخلية حول ما إذا كان يجب إجبار بايدن على الانسحاب من السباق، وبدا النصر مؤكداً في هذا الوقت، حسبما ذكرت "بلومبرغ".
استراتيجية حملة ترمب
وأحدث دخول هاريس إلى السباق الرئاسي قبل شهر تحولاً في استراتيجية حملة ترمب، التي كانت تركز على انتقاد عمر بايدن وتعامل إدارته مع الاقتصاد.
وأمضت هاريس (59 عاماً) وقتاً أطول بكثير من بايدن في الفعاليات الانتخابية لحملتها، وعملت على إبعاد نفسها عن سجل الرئيس الاقتصادي الذي شُوه في أذهان العديد من الناخبين بسبب ارتفاع تكاليف الغذاء والإسكان.
وبسبب إحباطه من الوضع الذي أصبح عليه السباق، ضم ترمب (78 عاماً) العديد من كبار المساعدين إلى حملته بما في ذلك كوري ليواندوسكي مدير حملته في انتخابات 2016، والذي ابتكر عبارة "دع ترمب يكون ترمب".
واستعان ترمب أيضاً بتايلور بودويتش الذي قاد مؤخراً لجنة عمل سياسي مؤيدة له، وتيم مورتو المتحدث السابق في حملته في انتخابات 2020.
ونقلت "بلومبرغ" عن مسؤول في الحملة قوله إن ليواندوسكي سيعمل في المستوى نفسه مع مديري الحملة سوزي وايلز وكريس لاسيفيتا، ويُتوقع أن يظل الأخيرين في منصبهما.
ولن يشرف ليواندوسكي على أعضاء الحملة أو إنفاقها، ولكن سيلعب دوراً في وضع استراتيجيتها، وفقاً لأحد الحلفاء.
وسافر ليواندوسكي مع ترمب نهاية الأسبوع الماضي إلى بنسلفانيا، ما يشير إلى أنه سيحظى بقرب وثيق من الرئيس السابق، بحسب "بلومبرغ".
وقد يخلق ضم أعضاء جدد للإدارة مزيداً من الفوضى في حملة استفادت من قلة الصراعات الداخلية في صفوف أعضائها، ونقلت "بلومبرغ" عن مستشارين سابقين قولهم إن ترمب يفضل أن يكون هيكل القوة المحيط به "لا مركزياً"، حتى لو كان ذلك يؤدي في كثير من الأحيان إلى التنافس داخل دائرته المقربة.
وقال جينجريتش: "في بعض الأحيان، إذا كنت تسعى لإعادة تشكيل الأمور، فإن القليل من الدراما يكون مفيداً".
وأكد ترمب بنفسه في منشور على منصته "تروث سوشيال" أن "الحماس رائع، وفريق الإدارة، بقيادة سوزي وايلز وكريس لاسيفيتا، هو الأفضل.. الكثيرون يريدون الانضمام إلى الحملة من أجل المحاولة الأخيرة".
لحظة الحسم
وفشل ترمب في محاولاته الأولى لتصنيف هاريس، بعد أن أطلق عليها "الرفيقة كامالا"، وشكك في هويتها العِرقية، ووصفها بأنها "غبية".، وقال الرئيس السابق إنه "يحق له" توجيه الإهانات إلى هاريس، وهو ما أثار تغطية إخبارية يُرجح أن تنفّر النساء والناخبين من أصول إفريقية.
ومع ذلك، بدأت هجماته ضد تجنُّب هاريس للصحافيين، إلى جانب الشعور بأن حملتها لم تقدم خططاً سياسية مُفصلة بما فيه الكفاية، تُحدث تأثيراً، حسبما ذكرت "بلومبرغ".
وذكرت "بلومبرغ" أن ترمب لا يستمع إلى نصائح معاونيه التي تدعوه للتركيز على انتقاد هاريس في القضايا الاقتصادية والتضخم والهجرة، وهي المجالات التي تُظهر استطلاعات الرأي أنه يتفوق فيها بوضوح على منافسته.
وقال ترمب لمؤيديه في تجمعات انتخابية هذا الأسبوع إن معاونيه يطلبون منه تجنب استخدام الألقاب المسيئة تجاه هاريس لأنها امرأة، وتخفيف انتقاداته الشخصية لها.
وتحدّث ترمب مازحاً في فعالية انتخابية، الأربعاء الماضي، إنه سيفصل موظفي حملته بعد أن هتف الحاضرون بتشجيعه على الاستمرار في توجيه الإهانات لهاريس.
الحزب الديمقراطي.. عودة الحياة
وجدت هاريس طرقاً لمضايقة ترمب، إذ نظمت تجمعاً مع رفيقها في الترشح تيم والز، حاكم ولاية مينيسوتا في ميلووكي، في الساحة نفسها التي عقد فيها الجمهوريون مؤتمرهم الوطني الشهر الماضي، في محاولة للسخرية من قدرة ترمب على جذب حشود كبيرة، وفقاً للوكالة.
ولفتت "بلومبرغ" إلى أن المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي جذب مشاهدات على القنوات التلفزيونية أكثر من المؤتمر الوطني الجمهوري، وفقاً لبيانات شركة "نيلسن"، ما يُمثّل "ضربة للرئيس السابق الذي يتفاخر كثيراً بحجم جمهوره".
وأضافت الوكالة أن دخول هاريس السباق الرئاسي أعاد الحياة إلى الحزب الديمقراطي الذي كان يعاني من قلة الحماسة مع بايدن كمرشح مُتوقع.
كما أدى ترشيحها إلى تغيير خريطة الانتخابات وإعادة الولايات المتأرجحة التي كانت حملة ترمب تعتقد أنها ستفوز بها بسهولة، بما في ذلك أريزونا ونيفادا وجورجيا، إلى السباق.