قال مصدر مطلع على محادثات خاصة للمرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب، إن الرئيس السابق بدأ أخيراً إدراك اقتراب خطر خسارة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، حال لم يغير بشكل جذري نهجه في السباق مع المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس، وفق مجلة "بوليتيكو".
وأضافت "بوليتيكو" في تقرير نشرته، السبت، أن مستشاري ترمب يعكفون على وضع استراتيجيات خاصة حول كيفية توسيع جاذبيته بين الناخبين، وتعزيز الدعم بين كبار الحلفاء، إذ عقدوا مكالمة هاتفية الأسبوع الماضي، مع مجموعة من أنصار المرشح الجمهوري المؤثرين والمستشارين غير الرسميين لتقديم تحديث عن الانتخابات.
ونقلت المجلة عن مصدر مطلع قوله: "في محادثات خاصة، أشار دونالد ترمب إلى أنه يفهم خطر احتمال خسارة الانتخابات حال استمر على نهجه الحالي في السباق".
واعتبر بعض الجمهوريين أن استعادة ترمب للبيت الأبيض، احتمالية بدأت تهددها الشكوك، بعكس ما كانت عليه قبل أكثر من شهر عندما كانوا يحتفلون في مؤتمرهم الوطني بميلووكي بعد نجاة الرئيس السابق من محاولة الاغتيال، وسط إصرار جو بايدن أنه سيبقى في السباق، إذ اعتقد كثيرون أن "فوز ترمب شبه مؤكد".
وبعد انسحاب الرئيس الأميركي وصعود نائبته كامالا هاريس على رأس قائمة المرشحين للحزب الديمقراطي، وحصدها لأرقام متصاعدة تخطت بها ترمب في استطلاعات الرأي، بدأ فريق المرشح الجمهوري يشعر بالقلق، وطالب أنصار المرشح الجمهوري بضرورة التوقف عن هوسه بتوجيه الهجمات الشخصية، والتركيز بدلاً من ذلك على "السياسة وسجل نائبة الرئيس".
وبدأ ترمب سلسلة التغييرات، عندما أعلن هذا الأسبوع، في إجابة واضحة بشأن التنظيم الفيدرالي لحبوب الإجهاض، بعد أشهر من تجنب التفاصيل، إذ ذكر لشبكة CBS NEWS، أنه لن يستخدم "قانون كومستوك" الذي يبلغ عمره 150 عاماً لحظر تسليم الأدوية بالبريد إذا انتُخب في نوفمبر، مضيفاً: "لا ينبغي للحكومة الفيدرالية أن يكون لها أي علاقة بهذه القضية".
وقال ترمب، الجمعة، عبر منصته Truth Social إن إدارته "ستكون عظيمة بالنسبة للنساء وحقوقهن الإنجابية"، مستخدماً مصطلحاً شائعاً بين نشطاء حقوق الإجهاض في محاولة واضحة لجذب الناخبين المعتدلين، على الرغم من أن هذا المصطلح تعرض لانتقادات فورية من قبل زعماء مناهضين للإجهاض.
ترمب وتصحيح المسار
وبعد أن حثه المستشارون والحلفاء على التركيز بشكل أكبر على السياسة، شرع ترمب في جولة لمدة أسبوع في الولايات المتأرجحة، حيث ركزت الجولات في كل يوم على قضايا مختلفة.
وفي الكواليس، عمل المرشح الجمهوري على كسب تأييد المرشح المستقل روبرت كينيدي جونيور الذي أعلن، الجمعة، أنه سيعلق حملته الانتخابية للرئاسة، ويدعم ترمب.
ويبدو أن تأييد كينيدي جونيور، على وجه الخصوص، أعطى حملة ترمب دفعة معنوية جديدة، وقد رحبوا به على خشبة المسرح في تجمع جماهيري في أريزونا بالألعاب النارية وأغنية "My Hero" التي قدمتها فرقة Foo Fighters.
في حين أن حجم التأثير على مسار السباق الرئاسي لم يتضح بعد، إلا أن المخطط الاستراتيجي الجمهوري توني فابريزيو، زعم في مذكرة أن أصوات كينيدي جونيور ذهبت لصالح ترمب في كل ولاية، وكتب: "هذه أخبار جيدة للرئيس السابق وحملته".
ويسعى مستشارو ترمب لفرض بعض التقييد والانضباط على ظهوره، إلا أن الأسابيع الماضية أظهرت كيف أن الرئيس السابق ينساق في كثير من الأحيان لـ"غرائزه السياسية الخاصة" التي تتجاوز نطاق ما يستطيع مستشاروه أو حلفائه التأثير عليه، بحسب المجلة.
وبالرغم من استعانة ترمب بشاشات العرض للقراءة منها في بعض خطاباته السياسية، لكنه خلال تجمع جماهيري في ولاية كارولينا الشمالية، الأربعاء، انحرف عن مسار الخطاب، عندما مازح بأنه سيطرد مستشاريه؛ لأنهم أخبروه بالابتعاد عن توجيه "الهجمات الشخصية نحو هاريس".
ترمب وترميم الصفوف
وبينما كانت هاريس تستعد للصعود على المسرح في شيكاجو، الخميس، تمكن ترمب من رأب الصدع مع حاكم ولاية جورجيا بريان كيمب، إذ أشاد به على وسائل التواصل الاجتماعي، في أحدث خطوة ضمن مجموعة من الخطوات التي بدأ الرئيس السابق في اتخاذها، لمحاولة تصحيح المسار مع تقدم هاريس في استطلاعات الرأي.
وقال ستيفن لوسون، وهو عميل جمهوري مخضرم في جورجيا، إن منشور ترمب الذي أشاد فيه بكيمب "أفضل رسالة خرجت من حملة ترمب الشهر الماضي" مضيفاً: "ليست مبالغة عندما نقول بأن بريان كيمب ضروري لفوز دونالد ترمب بالبيت الأبيض مرة أخرى".
وكتب الاستراتيجي الجمهوري جوش هولمز على موقع "إكس": "قيام ترمب بمد غصن الزيتون إلى كيمب كان أكثر أهمية بكثير من أي شيء حدث في شيكاجو".
وأثارت انتقادات ترمب العلنية لـ"كيمب" مخاوف جدية بين الجمهوريين في جورجيا، من أن الرئيس السابق يعرض فرصته للخطر في ولاية حاسمة، حيث يتنافس 16 صوتاً في المجمع الانتخابي.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، تلقى كيمب وفريقه زيادة في المكالمات من المتبرعين المتحالفين مع ترمب، وفقاً لشخص مطلع على عملية التواصل.
ويوصف كيمب بأن لديه طموحات سياسية مستقبلية خاصة به بعد أن يكمل فترة ولايته الثانية كحاكم، تنطلق من احتمالية الترشح للانتخابات الرئاسية في عام 2028 إلى محاولة محتملة للفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عام 2026، لذلك ينظر إليه باعتباره لاعباً مهماً في فريق الحزب الجمهوري، وفقاً للمجلة.
ويكرر كيمب رسالته المعتادة حول عدم اعتبار الأصوات أمراً مسلماً به في الولاية المتأرجحة إذ قال، الخميس،"نحن بحاجة لإعادة ترمب إلى البيت الأبيض".
وكان شون هانيتي، المذيع التلفزيوني المقرب من ترمب، سأل كيمب عن جهوده في الحفاظ على نزاهة الانتخابات في ولاية جورجيا، أجاب بأن الانتخابات ستكون "آمنة ومتاحة وعادلة"، ويعود هذا السؤال إلى شعور ترمب بالإحباط من حاكم ولاية جورجيا منذ انتخابات عام 2020 لرفضه الموافقة على مزاعمه حول تزوير الانتخابات وسرقتها.
وعبر هانيتي والسيناتور ليندسي جراهام وآخرون على شاشات التلفزيون عن ضرورة أن يصب ترمب تركيزه على السياسة.
كما تواصل مع كيمب، المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس السيناتور جي دي فانس، والذي قال للصحافيين: "قرأت العناوين الرئيسية.. لقد كانت هناك بعض الخلافات بين كيمب وترمب، وأنا أضمن لك بنسبة 100% أن حاكم ولاية جورجيا يدعم هذه التذكرة".
والخميس، تبادل كيمب وفانس رسائل نصية، جاءت في أعقاب مكالمة هاتفية بين الرجلين، بدأها المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، وفقاً لشخص مطلع على اتصالاتهما، فيما أكد شخص آخر مطلع أن علاقة جيدة تربطهما، وفق ما نشرته "بوليتيكو".