حكومة شرق ليبيا تعلن وقف إنتاج وتصدير النفط وسط خلاف على قيادة البنك المركزي

time reading iconدقائق القراءة - 8
خطوط أنابيب في ميناء الزويتينة النفطي غربي بنغازي، ليبيا. 4 أكتوبر2020 - REUTERS
خطوط أنابيب في ميناء الزويتينة النفطي غربي بنغازي، ليبيا. 4 أكتوبر2020 - REUTERS
بنغازي/ دبي -الشرقرويترز

أعلنت الحكومة الليبية المُكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، الاثنين، أن جميع حقول النفط ستُغلق، وأن الإنتاج والصادرات توقفت، وذلك بعد مساعي هيئات سياسية لاستبدال قيادة البنك المركزي.

ولم تصدر بيانات عن الحكومة المُقالة من البرلمان في طرابلس غرب البلاد، ولم تؤكد المؤسسة الوطنية للنفط، التي تسيطر على موارد النفط في ليبيا، ذلك أيضاً.

وفي وقت سابق الاثنين، كلّف رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، نائب محافظ المصرف المركزي عبد الفتاح عبدالغفار بإتمام إجراءات التسليم والاستلام، والقيام بمهام وأعمال المحافظ إلى حين استلام المحافظ المكلّف من مجلس النواب محمد الشكري، أو انتخاب محافظ جديد.

ومنذ أكثر من أسبوع، يتصاعد الخلاف بشأن من يقود البنك المركزي، الذي يدير مليارات الدولارات من عائدات الطاقة، بعد مساعي هيئات سياسية للإطاحة بمحافظ المصرف المركزي الليبي الصادق الكبير، وتعبئة الفصائل المسلحة المتنافسة على كل جانب، وفق "رويترز".

ورداً على ذلك، قالت الحكومة التي تتخذ من شرق ليبيا مقراً في بيان مصوّر على "فيسبوك" تلاه حماد، إنها تُعلن "حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات والمرافق النفطية، وإيقاف إنتاج وتصدير النفط إلى حين إشعار آخر".

وأوضح حماد أن الإجراء يأتي رداً على "الاعتداءات على قيادات وموظفي وإدارات مصرف ليبيا المركزي من قبل مجموعات خارجة عن القانون، وبتحريض ومساعدة من المجلس الرئاسي منتحل الصفة"، وفق قوله.

وحذّر حماد من أن "هذه الاعتداءات ومحاولات الدخول بالقوة من شأنها تعريض الاقتصاد الوطني للانهيار المتسارع"، قائلاً: "سبق أن حذّرنا من الاستمرار في هذه الممارسات الخاطئة والمخالفة للقانون".

ولم تحدد حكومة الشرق المدة، التي قد تظل فيها حقول النفط مغلقة، لكن رئيس وزراء الحكومة الليبية المُقالة من البرلمان عبد الحميد الدبيبة، أكد خلال اجتماعه مع وزير النفط المُكلّف خليفة عبد الصادق "على ضرورة المتابعة من أجل تنفيذ الخطة المعتمدة لزيادة الإنتاجية في النفط والغاز، مشدداً على ضرورة متابعة أوضاع الحقول النفطية وعدم السماح بإقفالها تحت حجج واهية، وضرورة محاسبة من يقوم بهذه الأفعال المشينة وإحالته لجهات الاختصاص".

من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب الليبي عيسى العريبي أن ما قام به المجلس الرئاسي بشأن مصرف ليبيا المركزي "يعرّض الدولة للخطر"، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات "أحادية غير قانونية"، وفق قوله.

وقال العريبي في تصريح نشره الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق عبر صفحته على "فيسبوك"، الاثنين، إنه "يؤيد قرار الحكومة (المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد) بإعلان حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ النفطية، وإجراءات مجلس النواب بإبطال قرار الرئاسي وحكم القضاء ببطلان قرارات الرئاسي".

تحذّيرات من وقف الإنتاج

وقالت "شركة الواحة للنفط" التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، إنها تعتزم خفض الإنتاج تدريجياً، وحذّرت من توقف الإنتاج تماماّ.

وجاء في بيان للشركة على موقعها على الإنترنت "تحذر شركة الواحة للنفط من أن استمرار الاحتجاجات والضغوط سيؤدي إلى إيقاف إنتاج النفط، وأن الشركة ستبدأ في التخفيض التدريجي للإنتاج، وتطالب الجهات المختصة بالتدخل للمحافظة علي استمرار إنتاج النفط".

و"الواحة" تدير مشروعا مشتركاً مع "توتال إنرجيز" و"كونوكو فيليبس"، وتبلغ طاقتها الإنتاجية نحو 300 ألف برميل يومياً تُصدر عبر ميناء السدرة في الشرق.

وتدير الشركة خمسة حقول رئيسية في جنوب شرق ليبيا تتضمن "الواحة"، الذي ينتج أكثر من 100 ألف برميل يومياً، بالإضافة إلى "جالو" و"الفارغ" و"السماح" و"الظهرة".

وقال مهندسان في حقلي "مسلة" و"أبو الطفل" لوكالة "رويترز"، الاثنين، إن الإنتاج مستمر، ولم ترد أوامر بوقف الإنتاج.

على نحو مماثل، قالت شركة "سرت للنفط"، التابعة أيضاً للمؤسسة الوطنية للنفط، إنها ستخفض الإنتاج أيضاً. وأضافت في بيان على الموقع الرسمي للشركة "نتيجة استمرار الاحتجاجات والضغوط التي تطالب بإيقاف إنتاج النفط، فإن شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز ستبدأ في التخفيض التدريجي للإنتاج، وتطالب الجهات المختصة بالتدخل للمحافظة على استمرار إنتاج النفط".

خلاف بشأن قيادة مصرف ليبيا

ويحتدم الصراع على السلطة بين الفصائل الليبية للسيطرة على مصرف ليبيا المركزي، وعوائد النفط في البلاد، ما أدى إلى تعميق الانقسامات السياسية وتهديد اتفاق السلام الذي توسطت فيه الأمم المتحدة.

وتسعى الحكومة المُقالة من البرلمان إلى استبدال المحافظ صادق الكبير، الذي رفض التنحي. ودخل وفد حكومي مكاتب الهيئة التنظيمية، الاثنين، لتولي المسؤولية، وفق وسائل إعلام محلية.

وقال مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، الاثنين، في بيان إنه "بالنظر إلى التطوّرات الأمنية الأخيرة التي خضع لها المقر الرئيسي لمصرف ليبيا المركزي في العاصمة طرابلس، فإن المصرف يعتذر لعملائه الكرام في الداخل والخارج لتوقفه عن تقديم خدماته؛ بسبب الظروف الاستثنائية القاهرة، التي تحول دون مواصلته لنشاطه المعتاد، بالرغم من كل الجهود التي بذلت في الأيام الأخيرة من أجل تفادي آثار هذه التطورات المؤسفة".

والمصرف المركزي هو الجهة الوحيدة المعترف بها دولياً، فيما يتعلق بإيداع إيرادات النفط، وهي دخل اقتصادي حيوي لليبيا.

وأضاف مصرف ليبيا المركزي في البيان إنه يأسف لما يسببه هذا التوقف المؤقت، لكنه "على ثقة بأن الجميع يتفهم حرص مصرف ليبيا المركزي على سلامة موظفيه وأهمية حماية أصوله ومنظومات عمله من مخاطر هذا الوضع الطارئ، آملاً أن تسمح جهوده المستمرة بالتعاون مع كل السلطات المختصة في استئناف المصرف قريباً لنشاطه المعتاد حال تراجع هذه المخاطر وعودة الأمور لطبيعتها".

وأوقف المصرف جميع عملياته مؤقتاً الأسبوع الماضي، بعد خطف أحد مسؤوليه البارزين، لكنه استأنف عملياته في اليوم التالي لإطلاق سراح المسؤول.

انقسامات سياسية عميقة

وغالباً ما أدت الانقسامات السياسية العميقة بين الحكومتين في شرق ليبيا وغربها إلى اشتباكات وحصار استهدف منشآت أكثر موارد البلاد قيمة، وذلك رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في عام 2020، والذي دعمته الأمم المتحدة بهدف إنهاء الاقتتال. 

وتسيطر البلاد على أكبر احتياطيات النفط الخام المعروفة في إفريقيا، لكن الإنتاج يعاني من صراع سياسي يمتد لأكثر من عقد. وأثرت عمليات الإغلاق المتكررة، بما في ذلك أكبر حقل في البلاد، "حقل الشرارة"، الذي توقف الإنتاج فيه منذ أوائل أغسطس، جزئياً على أسواق النفط العالمية.

ويُعد البنك المركزي أحدث مؤسسة يتم الاستيلاء عليها في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا التي مزقتها الاضطرابات منذ احتجاجات شعبية أطاحت بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي عام 2011، والتي دعمها حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لتنقسم البلد بين حكومتين متصارعتين في الشرق والغرب، وفق "بلومبرغ".

وبلغ إنتاج البلاد الإجمالي من النفط نحو 1.15 مليون برميل يومياً الشهر الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". 

ومنذ ذلك الحين، توقف حقل "الشرارة" أكبر حقول النفط في البلاد، والذي ضخ ما يقرب من 270 ألف برميل يومياً. يضم شرق البلاد حوض "سرت" والذي يحتوي على معظم احتياطيات النفط الليبية وأربع من محطات تصدير النفط في البلاد.

وقال محلل في "سيتي جروب"، بمذكرة في وقت سابق، الاثنين، إن انخفاض الصادرات الليبية ربما يدفع أسعار خام "برنت" مؤقتاً إلى منتصف 80 دولاراً للبرميل.

وإذا توقف الإنتاج في الشرق، فسيصبح حقل "الفيل" في جنوب غرب ليبيا، هو الوحيد الذي يعمل في البلاد، وتبلغ طاقته الإنتاجية 130 ألف برميل يومياً.

تصنيفات

قصص قد تهمك