جدد وزير الأمن الوطني الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير، دعوته إلى السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، ما أثار انتقادات حادة بسبب تأجيج التوتر في وقت يسعى فيه مفاوضون للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة.
وقال بن جفير، في مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي: "السياسة تسمح بالصلاة في المسجد الأقصى.. عندما انضممت إلى الحكومة، كان رئيس الوزراء على علم بأنه لن يكون هناك أي تمييز، لماذا يسمح للمسلمين بالصلاة، بينما لا يسمح لليهودي أن يصلي؟".
وعندما سئل عما إذا كان سيبني كنيساً في الموقع، رد بن جفير بقوله: "نعم، نعم".
وأصدر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على الفور بياناً يؤكد مجدداً موقف إسرائيل الرسمي الذي يقبل القواعد المعمول بها منذ عقود وتقيد صلاة غير المسلمين في المسجد الأقصى.
وقال مكتب نتنياهو: "لا تغيير في الوضع القائم".
ولدى بن جفير، رئيس أحد الحزبين الدينيين القوميين المتشددين في حكومة نتنياهو الائتلافية، سجل طويل من التصريحات التحريضية التي تلقى استحسان أنصاره، لكنها تتعارض مع الخط الرسمي للحكومة.
وشجب بعض الوزراء تصريحاته، الاثنين، لكن اعتماد نتنياهو على دعم حزب بن جفير للحفاظ على تماسك حكومته اليمينية يجعل إقالته أو تعرضه لعقوبة كبيرة أمراً مستبعداً.
تأتي تصريحات بن جفير اليوم بعد أقل من أسبوعين على اقتحامه المسجد الأقصى مع المئات من أنصاره الذين بدا أن العديد منهم يصلون علانية في تحد لقواعد الوضع القائم، ما أثار حالة من الغضب.
واقتحم بن جفير، المسجد الأقصى برفقة وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلوف، المسجد الأقصى، في 13 أغسطس، لإحياء ما يسمى "ذكرى خراب الهيكل" وفق العقيدة اليهودية.
وقالت مصادر في دائرة الأوقاف الإسلامية الفلسطينية، إن أعداد اليهود الذين دخلوا إلى باحات المسجد وصل إلى أكثر من 1700 مقتحم، موضحة أن بعضهم أدى الصلاة في المكان، فيما رفع آخرون أعلام إسرائيل، ورددوا النشيد الوطني الإسرائيلي داخل الباحات.
ويوصف الزوار اليهود بالمقتحمين، لأنهم لا ينسقوا دخولهم مع دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، المسؤول عن الحرم القدسي، ولا يلتزموا بالسلوكيات المتفق عليها منذ الاحتلال عام 1967، ويدخلون من باب المغاربة والذي صادرت مفاتيحه الشرطة الإسرائيلية التي تشرف على إدخالهم وتقديم الحماية لهم.
وتعرض بن جفير لانتقادات تقول إن تصريحاته تضعف موقف إسرائيل في الوقت الذي يحاول فيه المفاوضون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة 109 رهائن إسرائيليين وأجانب، ومع تصاعد التوتر أيضا مع جماعة "حزب الله" اللبنانية.
وقال وزير الدفاع يوآف جالانت، الذي اصطدم مراراً مع بن جفير، في بيان على منصة "إكس": "تحدي الوضع القائم في المسجد الأقصى هو عمل خطير وغير ضروري وغير مسؤول.. تصرفات بن جفير تعرض إسرائيل ومكانتها الدولية للخطر".
وتعرض بن جفير لانتقادات أيضاً من بعض اليهود المتدينين الذين يعتبرون الموقع مكاناً مقدساً، ولا يجوز لليهود دخوله.
وفي فلسطين قال المتحدث باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، إن دعوات "المتطرف بن جفير لإقامة كنيس داخل المسجد الأقصى المبارك، خطيرة جداً، هذه الدعوات المرفوضة والمدانة للمساس بالمسجد الأقصى المبارك، هي محاولات لجر المنطقة إلى حرب دينية ستحرق الجميع".
ودعا أبو ردينة، في بيان، المجتمع الدولي خاصة الإدارة الأميركية إلى التحرك الفوري لإجبار الحكومة الإسرائيلية على "الالتزام بالوضع القانوني والتاريخي السائد في الحرم الشريف".
وحذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من دعوة الوزير الإسرائيلي، وقالت في بيان، الاثنين: "تحمل الوزارة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج هذا التحريض الذي يمارسه بن جفير وأمثاله، خاصة إدخال ساحة الصراع في دوامة من العنف يصعب السيطرة عليها وربما لا تنتهي".
وقالت حركة "حماس"، في بيان: "ندعو الفلسطينيين في الضفة الغربية والداخل المحتل للنفير العام والحشد في الأقصى والرباط في ساحاته، والتصدي لمخططات الاحتلال، كما ندعو مقاومتنا الباسلة وشبابنا الثائر في الضفة المحتلة إلى تصعيد اشتباكهم مع العدو المجرم وقطعان مستوطنيه".
وأدانت مصر تصريحات بن جفير لإقامة كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى، وحملت، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، إسرائيل المسؤولية القانونية عن الالتزام بالوضع القائم في المسجد الأقصى، وعدم المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، مطالبة بامتثالها لالتزاماتها كقوة قائمة بالاحتلال، ووقف التصريحات الاستفزازية التي تهدف إلى مزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة.
وأكدت مصر أن تلك التصريحات غير المسؤولة في حق المقدسات الإسلامية والمسيحية بالأراضي الفلسطينية تزيد الوضع في الأراضي الفلسطينية تعقيداً واحتقاناً، وتعيق الجهود المبذولة للتوصل إلى التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتشكل خطراً كبيراً على مستقبل التسوية النهائية للقضية الفلسطينية القائم على أساس حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وأدانت وزارة الخارجية الأردنية، تصريحات بن جفير، ووصفتها بأنها انتهاك للقانون الدولي وتحريض مرفوض يتطلب موقفاً دولياً واضحاً بإدانته والتصدي له.
وقال المتحدث الرسمي للوزارة، سفيان القضاة، إن المملكة ترفض بشكل مطلق، وتدين تصريحات الوزير الذي يغذي سياسة التطرف، ويعمل على تغيير الوضع التاريخيّ والقانوني في القدس المحتلة ومقدساتها عبر فرض وقائع وممارسات جديدة مدعومة بسردية إقصائية متعصبة.
وأكد أن المسجد الأقصى هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس المحتلة وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم القدسي الشريف كافة وتنظيم الدخول إليه.