يواصل الجيش الإسرائيلي، الخميس، لليوم الثاني على التوالي عملياته العسكرية في جنين وطولكرم بالضفة الغربية، بعد انسحابه من مخيم الفارعة في منطقة طوباس، في وقت ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 17 فلسطينياً وإصابة أكثر من 30 آخرين، وسط إدانة أممية وردود فعل عربية ودولية "قلقة" من تدهور الأوضاع.
وبحسب مصادر طبية فلسطينية، فقد ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 17 فلسطينياً، بينهم 8 في جنين، و5 في طولكرم، و4 في طوباس، وإصابة أكثر من 30 آخرين، ما يرفع الحصيلة منذ السابع من أكتوبر إلى 669، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وفي طولكرم، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته لتشمل مخيم طولكرم إلى جانب مخيم نور شمس، حيث حاصر عشرات المنازل، فيما اعتقل عدداً كبيراً من الشبان، مع استمرار حصار المخيم وإغلاق كافة مداخله.
حصار جنين
أما في جنين، تواصل قوات الجيش الإسرائيلي حصار المدينة واقتحام الحي الشرقي، كما دفعت بتعزيزات عسكرية إلى محيط المخيم، حيث اندلعت مواجهات في المكان. وتستمر جرافات الجيش في تجريف الشوارع والبنية التحتية والمناطق التي تشتبه بزرع عبوات ناسفة فيها.
كما أعلنت شركتا الاتصالات الفلسطينية و"أوريدو" في جنين انقطاع خدمات الاتصالات وشبكة الإنترنت، وتعطل الخدمات المصرفية في فروع بعض البنوك.
وانسحب الجيش من مخيم الفارعة في طوباس، بعد أكثر من 30 ساعة من العملية العسكرية، إذ قتل الجيش 4 فلسطينيين في المكان، وقام باعتقال عدد للتحقيق ومحاولة الحصول على معلومات استخبارية.
إدانات دولية
وفي ردود فعل دولية على العملية العسكرية، التي تعد الأكبر منذ انتفاضة العام 2000، دعت الإدارة الأميركية، إسرائيل إلى اتخاذ "خطوات ملموسة لحماية حياة المدنيين في الضفة الغربية"، كما لفت البيان الأميركي في الوقت نفسه إلى "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
كما أعربت بريطانيا عن "قلقها الشديد" إزاء التقارير التي تفيد بوقوع خسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، بسبب عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة.
وذكر بيان صادر عن مكتب الناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية، أنه "من الواضح أن هذا الوضع يتطور ونراقبه عن كثب. نواصل الدعوة إلى ضبط النفس والعمل على تهدئة التوترات، والالتزام بالقانون الدولي"، بحسب ما أوردته "وفا".
بدوره، طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، بوقف فوري للعمليات العسكرية في الضفة الغربية، معرباً عن قلقه من التطورات الأخيرة وفقدان الأرواح، محذراً من خطورة تصريحات وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير حول بناء كنيس يهودي في الحرم القدسي.
وفي رد على دعوات المسؤول الأممي، رفض السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، وقف العمليات العسكرية، مؤكداً أنها تهدف إلى "منع وقوع هجمات داخل إسرائيل"، لافتاً في هذا الصدد إلى سعي إيران إدخال متفجرات متطورة إلى الضفة الغربية، منذ الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر الماضي.
وعربياً، أدان الأردن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي الفلسطينية، وآخرها في شمال الضفة الغربية، إذ طالب بيان وزارة الخارجية بـ"وقف الاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة على الفلسطينيين فوراً"، داعياً "المجتمع الدولي إلى التصدي الفوري والحازم للانتهاكات الإسرائيلية المستمرة".
وقال الناطق باسم الوزارة السفير سفيان القضاة، إن "إسرائيل تمعن في انتهاكاتها واعتداءاتها على الفلسطينيين، في ظل استمرار حربها العدوانية على قطاع غزة، وبالتزامن مع الانتهاكات الإسرائيلية للوضع التاريخيّ والقانوني في القدس المحتلة ومقدساتها وحملة التحريض المتواصل الذي يمارسه وزراء متطرفون في الحكومة الإسرائيلية، وبما ينذر بمزيد من التدهور وتوسيع الصراع".
كما أدانت مصر في بيان صادر عن وزارة خارجيتها، الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية لمدن شمال الضفة، في جنين وطولكرم وطوباس، فيما اعتبرتها بمثابة "إمعان في الانتهاك الممنهج للقانون الدولي والإنساني واتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بحماية حقوق الشعوب تحت الاحتلال".
واعتبر البيان العملية الإسرائيلية "إصرار على سياسة التصعيد وتوسيع رقعة المواجهات داخل الأراضي الفلسطينية"، فيما طالب بموقف دولي موحد ونافذ يوفر الحماية للشعب الفلسطيني، ويضع حداً لاستهداف المدنيين العُزّل وفرض القيود والاستيلاء على الممتلكات الخاصة.
وحذرت مصر من "المخاطر الوخيمة المتوقعة عن العمليات الإسرائيلية الجارية، وتعمد استهداف المزيد من المدنيين الفلسطينيين، بالتزامن مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وانتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية".
الأكبر منذ 2002
ويُعتبر الوضع في الضفة الغربية تحدياً كبيراً لإسرائيل، حيث تحاول موازنة العمليات العسكرية مع السيطرة على تهريب الأسلحة والتعامل مع التصعيد الداخلي، إضافة إلى تحدي آخر يتمثل بتصاعد الاستفزازات التي يقودها وزير الأمن الداخلي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير في المسجد الأقصى، والتي تؤجج الوضع في الضفة.
وأطلقت إسرائيل العملية العسكرية في الضفة الغربية، التي تُعد الأكبر منذ "السور الواقي" العام 2002، لمواجهة تصاعد الأنشطة المسلحة ضد أهداف إسرائيلية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن العملية الواسعة ضد المخيمات في المحافظات الثلاث، تتم بمشاركة قوة قوامها آلاف الجنود، حيث تشارك فيها 4 كتائب تابعة لحرس الحدود، وقوة مستعربين، و4 كتائب من لواء "كفير"، ووحدة دوفدفان، ولواء من المشاة.
كما شاركت طائرات مروحية مساندة للقوات الإسرائيلية البرية المتوغلة، وطائرات مسيرة تقصف ما تقول عنه إسرائيل إنها "أهداف عسكرية"، إضافة إلى تصويره كل ما يجري على الأرض، وفقاً لـ"وفا".