"خذها أو اتركها".. تمسك نتنياهو بـ"فيلادلفيا" يعزز إحباط الوسطاء في مفاوضات غزة

time reading iconدقائق القراءة - 8
جنود إسرائيليون خلال تأمين المنطقة المحيطة بمدخل محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) الواقع على طول الحدود المصرية في جنوب قطاع غزة. 19 يونيو 2005 - AFP
جنود إسرائيليون خلال تأمين المنطقة المحيطة بمدخل محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) الواقع على طول الحدود المصرية في جنوب قطاع غزة. 19 يونيو 2005 - AFP
دبي -الشرق

بينما يكافح من أجل ضمان بقائه في السلطة، أصبح إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إبقاء قواته في محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين)، العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين لدى حركة "حماس"، حسبما نقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين حاليين وسابقين من دول تتوسط في المفاوضات (مصر وقطر والولايات المتحدة)، بينما تعتزم واشنطن طرح مبادرة جديدة في المفاوضات تحت عنوان "خذها أو اتركها" في محاولة أخيرة للوصول إلى اتفاق. 

وبعد أشهر عديدة من المحادثات غير الحاسمة، ناقش الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس مع المستشارين، الاثنين، كيفية المضي قدماً في اقتراح نهائي مفاده "خذها، أو اتركها" لتقديمه إلى إسرائيل و"حماس"، ربما في أقرب وقت من هذا الأسبوع.

وأعرب 9 مسؤولون حاليون وسابقون في الدول المشاركة بمحادثات غزة عن "إحباط متزايد" من عدم إحراز تقدم في المفاوضات، و"تشاؤم" يزداد عمقاً بشأن آفاق التوصل إلى اتفاق، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

ويتفق المسؤولون على أن النقطة الشائكة الرئيسية هي مطلب نتنياهو بالسماح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في ممر فيلادلفيا، وهي منطقة عازلة تمتد على طول الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، والتي سيطرت عليها إسرائيل في مايو الماضي. 

ويقول المسؤولون الأميركيون، إنهم يواصلون السعي للحصول على التزامات من "حماس" بشأن جوانب مهمة من الاتفاق أيضاً، ويخشون أن تستمر الحركة في عرقلة الاتفاق، حتى لو تم حل قضية الحدود.

ويقول نتنياهو، إن البقاء في الممر ضروري لمنع "حماس" من تهريب الأسلحة، وهو الموقف الذي يغذي التوترات مع مصر، حليف رئيسي آخر للولايات المتحدة في المنطقة، والمعارضة الداخلية، التي تقلل من أهمية الوجود الإسرائيلي في فيلادلفيا، وتصف مطالب رئيس الوزراء بأنها "محاولة لعرقلة اتفاق يمكن أن يضعف سياسياً"، وفق "واشنطن بوست".

معارضة داخلية قوية

وفي مؤتمر صحافي عُقد، الثلاثاء، استهدف بيني جانتس وجادي آيزنكوت، السياسيان المعارضان اللذان استقالا من حكومة نتنياهو الحربية في يونيو الماضي، رئيس الوزراء بشكل مباشر.

وقال جانتس: "يركز نتنياهو على البقاء في السلطة، مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالعلاقات مع الولايات المتحدة بينما تقترب إيران من السلاح النووي. يجب إعادة الرهائن، حتى ولو بثمن باهظ للغاية".

واستعادت القوات الإسرائيلية، جثامين 6 رهائن من نفق في جنوب غزة. وقالت السلطات الإسرائيلية إنهم أُعدموا على يد خاطفيهم في الأيام الأخيرة أثناء عمل القوات في المنطقة، مما أثار موجة من الحزن والغضب في جميع أنحاء إسرائيل. وكان 4 على الأقل من 6 على قائمة الإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الاتفاق المقترح الذي كان المفاوضون يتجادلون بشأنه طوال الصيف.

ولا يزال 97 رهينة محتجزين في غزة، وفقاً للحكومة الإسرائيلية؛ ويُعتقد أن 64 فقط على قيد الحياة. في بيان صدر الاثنين، أعطى "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب "القسّام"، الجناح العسكري لحركة "حماس، تحذيراً مشؤوماً بشأن مصيرهم: "إصرار نتنياهو على إطلاق سراح المحتجزين من خلال الضغط العسكري، بدلاً من إبرام صفقة، يعني أنهم سيعودون إلى عائلاتهم في توابيت، مما يجبر عائلاتهم على الاختيار بين استقبالهم أحياء أو موتى".

وكان مجلس الوزراء الإسرائيلي، صوت، الخميس الماضي، لصالح استمرار الوجود العسكري على طول الممر، على الرغم من اعتراضات وزير الدفاع يوآف جالانت.

وقال إفرايم سنيه، نائب وزير الدفاع السابق وعضو مجلس إدارة قادة من أجل أمن إسرائيل: "يشير قرار مجلس الوزراء إلى أن نتنياهو غير مهتم بإعادة الرهائن إلى ديارهم. لا يوجد تفسير آخر".

توتر مع مصر

واستؤنفت المحادثات الدبلوماسية على وقع التفاؤل في أواخر مايو، عندما أعلن بايدن ما وصفه بأنه اقتراح إسرائيلي. ودعا إلى عملية من ثلاث مراحل من شأنها أن تشهد تبادل الرهائن بالسجناء الفلسطينيين خلال وقف إطلاق النار الأولي لمدة 6 أسابيع.

وفي أوائل يوليو الماضي، وتحت الضغط الأميركي، تخلت "حماس" عن بعض مطالبها المتشددة، وأعرب بايدن عن ثقته في أن الاتفاق قريب. ولكن في وقت لاحق من ذلك الشهر، قدم المفاوضون الإسرائيليون رسمياً، متطلبات جديدة، بما في ذلك بقاء القوات الإسرائيلية في ممر فيلادلفيا ومعبر رفح الحدودي مع مصر. وقالت "حماس" مراراً وتكراراً أن هذا أمر غير قابل للتنفيذ، وأن الجهود الرامية إلى إيجاد حل وسط أثبتت أنها بعيدة المنال.

كما أثار موقف نتنياهو بشأن ممر فيلادلفيا التوترات مع مصر، التي تعترض على أي وجود إسرائيلي هناك، وحذرت من أنه ينتهك اتفاقيات كامب ديفيد لعام 1979، وهي معاهدة تاريخية حافظت على السلام بين البلدين لأكثر من أربعة عقود.

اقرأ أيضاً

مصادر مصرية لـ"الشرق": تواجد إسرائيل في محور فيلادلفيا يضر بمصالحنا ولن نقبله

جددت مصادر مصرية تمسك القاهرة بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وقطاع غزة، وعدم التواجد في معبر رفح.

وقال ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، في أبريل الماضي، إن أي عملية تهريب "مستحيلة". وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان الثلاثاء، إن أحدث تصريحات نتنياهو بشأن محور فيلادلفيا الحدودي، كانت محاولة لـ"استخدام اسم مصر لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي وعرقلة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار".

صفقة "خذها أو اتركها"

وذكرت "واشنطن بوست" نقلاً عن مسؤول مصري سابق مطلع على المحادثات، أن ممثلي إسرائيل أمضوا يوماً كاملاً في اجتماع مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل في القاهرة قبل أسبوعين، لمناقشة أزمة محور فيلادلفيا الحدودي فقط، بدلاً من تفاصيل تبادل الأسرى.

وفي وقت سابق، رفض الوسطاء المصريون تقديم أحدث اقتراح إسرائيلي إلى "حماس"؛ لأنهم اعترضوا بشدة على أحكام الحدود، كما قال المسؤول السابق.

وفي اعتراف علني نادر بالاختلافات مع إسرائيل، قال بايدن للصحفيين في البيت الأبيض، الاثنين، إن نتنياهو لا يبذل جهداً كافياً للتوصل إلى اتفاق. في الشهر الماضي، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن رئيس الوزراء الإسرائيلي وافق على أحدث اقتراح أميركي، لينكر نتنياهو علناً الجوانب الرئيسية منه بعد ساعات، وفق "واشنطن بوست".

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، في حديثه، الثلاثاء، رداً على تصريحات نتنياهو الأخيرة بشأن ممر فيلادلفيا، "لن أدخل في نقاش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي".

اقرأ أيضاً

إسرائيل تطالب بـ5 نقاط عسكرية على محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة

كشفت مصادر قريبة من مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة والتي تجري في القاهرة لـ"الشرق"، أن الوفد الإسرائيلي طالب ببقاء 8 نقاط عسكرية لقواته على محور فيلادلفيا.

ورفضت واشنطن النظر في ربط المساعدات العسكرية لإسرائيل، ومع وجود بايدن في الأشهر الأخيرة من رئاسته وولاية ثانية محتملة لترمب، "يلعب نتنياهو لعبة صعبة"، وفقاً لعضو في بعثة دبلوماسية في المنطقة.

وقال مسؤولان كبيران في إدارة بايدن، إنه إذا لم تقبل إسرائيل و"حماس" صفقة "خذها أو اتركها"، فقد يمثل ذلك نهاية المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة.

واعتبرت "واشنطن بوست" أن الضغوط الهائلة على نتنياهو تأتي الآن من داخل إسرائيل، حيث يزعم المسؤولون العسكريون أن موقفه على الحدود مدفوع باعتبارات سياسية وليست أمنية.

تصنيفات

قصص قد تهمك