"مهمة شاقة".. رئيس وزراء فرنسا يواجه "فوضى برلمانية" في أول اختبار

time reading iconدقائق القراءة - 6
رئيس الوزراء الفرنسي المعين حديثاً ميشيل بارنييه يصل إلى قصر ماتينيون في باريس، 5 سبتمبر 2024 - Reuters
رئيس الوزراء الفرنسي المعين حديثاً ميشيل بارنييه يصل إلى قصر ماتينيون في باريس، 5 سبتمبر 2024 - Reuters
دبي-الشرق

ابتعد ميشيل بارنييه، وزير الخارجية والمفوض الأوروبي السابق، عن المشهد الفرنسي بعد تعرضه للهزيمة في الانتخابات التمهيدية لحزبه قبل الانتخابات الرئاسية في عام 2022. 

ولكن في برلمان تمزقه الانقسامات، ولا يلوح خلاله أفق لتحقيق أي تقدم سياسي كبير، فإن "هذا الافتقار إلى القاعدة السياسية يمثل أحد الصفات التي جعلت المحافظ البالغ من العمر 73 عاماً مرشحاً قوياً ليكون رئيس وزراء فرنسا الجديد"، وفق "بلومبرغ". 

وظل الرئيس إيمانويل ماكرون يبحث تحت ضغوط متزايدة عن رئيس وزراء لا تطيح به القوى السياسية المصطفة ضده منذ الانتخابات البرلمانية، التي أجريت هذا الصيف ليستقر أخيراً، الخميس على بارنييه.

ومع سعي المنافسين، مثل اليمينية المتطرفة مارين لوبان، للاستعداد للتصويت الرئاسي في عام 2027، فإن فشل بارنييه في تحقيق اختراق في السياسة الداخلية يعني أنه لا يُنظر إليه باعتباره تهديداً خطيراً، ما من شأنه أن يحشد له دعماً كافياً لإنهاء الأزمة المؤسسية التي اجتاحت فرنسا، منذ نتيجة الانتخابات المبكرة في يوليو الماضي.  

وقال سيباستيان شينو، نائب رئيس "التجمع الوطني" الذي تتزعمه لوبان، لقناة BFM التليفزيونية قبل الإعلان إن "ميشيل بارنييه لا يجعل أحداً يحلم"، قبل أن يردف: "ولكن، لأننا نعرف أن رئيس الوزراء القادم لن يكون متوافقاً مع آرائنا السياسية، فإنه يتعين علينا أن نعيد حساباتنا".  

تفكك مشروع ماكرون

واعتبرت "بلومبرغ" أن تعيين بارنييه "يُظهر أيضاً تفكك مشروع ماكرون السياسي".  

وأوضحت أن ماكرون تولى منصبه في عام 2017 كزعيم لجيل جديد، ووعد بأن يقود فرنسا لتجاوز قيود البيروقراطية التي تفرضها الأحزاب التقليدية.

وبعد 7 سنوات، يمتلك "التجمع الوطني اليميني المتطرف مشرعين تفوق أعدادهم أي حزب آخر في البرلمان، ما يدفع بالرئيس الفرنسي إلى الاستعانة بخصم من الماضي البعيد لاستعادة الحد الأدنى من الاستقرار".  

ودخل بارنييه عالم السياسة في سبعينيات القرن الماضي، وكان ذات يوم أصغر مشرع فرنسي. وحتى وقت قريب، كان يدعو إلى إنهاء "الماكرونية" على موقعه الإلكتروني.  

وكسياسي معتدل ومتمرس من يمين الوسط، فإن سمعة رئيس الوزراء الجديد تمنحه الفرصة لتشكيل حكومة "تحظى بدعم كاف بين الأحزاب اليمينية" ليكون قادراً على تجاوز أي اقتراح لحجب الثقة في الجمعية الوطنية (البرلمان)، حيث لا تتمتع أي كتلة بأغلبية مطلقة.  

وأشارت لوبان إلى أنها ستقبل تعيين بارنييه، على الأقل على المدى القريب. وقالت على منصة "إكس": "كما أخبرنا الرئيس، فإننا نطالب بأن يحترم رئيس الوزراء الجديد 11 مليون مواطن فرنسي صوتوا لصالح التجمع الوطني".  

وأضافت: "سنولي اهتماماً وثيقاً لسياساته، وسنحرص على أن تطلعات ناخبينا، الذين يمثلون ثلث الشعب الفرنسي، تلقى آذاناً صاغية وتقديراً موفوراً".  

وعلى النقيض، قال الحزب اليميني المتطرف بوضوح إنه سيدعم التصويت بحجب الثقة ضد مرشحين آخرين طرحهم ماكرون، مثل رئيس الوزراء السابق اليساري برنار كازنوف، ورئيس منطقة "أوت دو فرانس" المحافظ كزافييه برتراند. 

ورغم أنه بات شخصية رئيسية للمستثمرين باعتباره كبير المفاوضين في الاتحاد الأوروبي بشأن البريكست، لا يزال بارنييه غير معروف لكثيرين في فرنسا.  

وباختياره له، يُظهر ماكرون أن الاستقرار هو أولويته الأولى، حتى وإن كان وجد أيضاً رئيس وزراء يحمل بعض الأولويات الاقتصادية نفسها.  

"سيف ديموقليس"

في حين أنه من المتوقع أن يدعم حزب ماكرون الوسطي وحلفاؤه أي شخص يختاره الرئيس الفرنسي لمنصب رئيس الوزراء، إلا أن هذا وحده "لا يكفي على الإطلاق"، في تقدير "بلومبرغ". فلكي تستمر، ستحتاج الحكومة إلى "الدعم، أو على الأقل القبول"، من جانب نسبة كبيرة من اليسار أو اليمين.  

ومع إصرار ائتلاف أحزاب اليسار على أنه لن يدعم إلا مرشحه لمنصب رئيس الوزراء، يصبح "التجمع الوطني" مهماً لتحديد النتيجة.  

رغم ذلك، فإن دعم اليمين المتطرف قد يصبح "سيف ديموقليس" المعلق فوق رقبة بارنييه.  

ففي عام 2018، انتقدت لوبان تعامل بارنييه مع محادثات البريكست باعتبارها تفويضاً لمعاقبة البريطانيين على "جرأتهم" ووصفت بارنييه نفسه بأنه "شرير".  

والخميس، وصف جان فيليب تانجوي، وهو أحد كبار المشرعين في "التجمع الوطني"، بارنييه بأنه "حفرية"، في إشارة إلى تقدمه في السن (73 عاماً)، وقال في إذاعة France Inter: "نحن في "جوراسيك بارك"، في إشارة إلى فيلم الخيال العلمي الذي يعود إلى تسعينيات القرن الماضي.  

وفي كتابه "الوهم العظيم"، كتب بارنييه بالتفصيل عن "الصعود والهبوط في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، والتي "انتهت باتفاق، ولكنها فشلت في حل العديد من المشكلات"، بينها حقوق الصيد للصيادين الأوروبيين في المياه البريطانية.

وفي السنوات الأخيرة، تبنى بارنييه موقفاً أكثر تشدداً من الهجرة والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، ودعا إلى المزيد من السيادة لفرنسا.  

وفي مقابلة مع صحيفة "تيلجراف"، في يونيو، انتقد بارنييه بشدة قرار ماكرون بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، وقال: "من الخطر أن تتخذ قراراً لا يفهمه أحد".

تصنيفات