ترمب أم هاريس.. لمن تميل كفة الطبقة المتوسطة في الانتخابات الأميركية؟

time reading iconدقائق القراءة - 15
عمال في أحد المصانع بولاية ويسكونسن يلوحون للرئيس الأميركي جو بايدن. 8 فبراير 2023 - Reuters
عمال في أحد المصانع بولاية ويسكونسن يلوحون للرئيس الأميركي جو بايدن. 8 فبراير 2023 - Reuters
واشنطن-رشا جدة

يتسابق كلاً من المرشح الجمهوري دونالد ترمب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس في ماراثون الانتخابات الرئاسية، على استمالة أصوات "الطبقة المتوسطة" الأميركية بوعود اقتصادية تنتصر لمطالبها، وتحسّن من وضعها الاجتماعي.

ومنذ التحاقها بالسباق الرئاسي إثر انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن، في يوليو الماضي، وصفت نائبة الرئيس نفسها بأنها "مدافعة عن الطبقة المتوسطة".

كما دافعت هاريس بأن بناء الطبقة المتوسطة سيكون هدفاً محدداً لرئاستها، وفي سبيل ذلك كشفت عن رسالتها الاقتصادية التي تتمحور حول إجبار الشركات الكبرى وفاحشي الثراء على دفْع المزيد من الضرائب ثم توجيه هذه الإيرادات للمساعدة في تحفيز بناء 3 ملايين منزل، وتقديم إعفاءات ضريبية للآباء.

في المقابل، يعد ترمب الطبقة المتوسطة بهزيمة التضخم وخفْض جميع الأسعار بسرعة، وتشمل استراتيجيته إقرار تخفيضات ضريبية للشركات والأثرياء من أجل تعزيز المزيد من الاستثمار والنمو الاقتصادي، إذ يراهن على أن هذا يصب في متوسط دخل الأسر الأميركية.

وبينما يُعد استهداف الطبقة المتوسطة، عاملاً مشتركاً بين حملتي ترمب وهاريس، يشير خبراء وسياسيون تحدّثوا مع "الشرق" إلى أن التركيبة التشريحية المعقدة للطبقة المتوسطة واهتماماتهم المتفاوتة، تجعل من الصعب اعتبارهم كتلة تصويتية واحدة.

طبقات متوسطة وليست طبقة واحدة

يُعد الاقتصاد القضية الأكثر تأثيراً على الناخبين في الولايات المتحدة، كما شكلت الطبقة المتوسطة معضلة انتخابية لدى المرشحين السياسيين الذين حاولوا استقطابها بوعود اقتصادية، بدءاً من بيل كلينتون عام 1992.

وفي يونيو من العام الماضي، حذّر مستشارو الحزب الديمقراطي من شعار "العدالة الاقتصادية" الذي استُخدم في بداية الحملة الانتخابية 2024، إذ أظهرت اختبارات مجموعات التركيز أن الشعار كان فاشلاً.

وبدلاً من ذلك، استخدم الحزب شعار "تنمية الطبقة المتوسطة"، وسرعان ما تبنّى قادة الديمقراطيين، مثل زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز والسيناتور إليزابيث وارن، هذا النهج.

وكان الديمقراطيون، بذلك، يستغلون جاذبيتهم الاقتصادية للمجموعة التي تقع بين الفقراء والأغنياء "الطبقة المتوسطة الغامضة"، كما قال ديفيد روديجر، أستاذ الدراسات الأميركية في جامعة كانساس ومؤلف كتاب "الطبقة المتوسطة الغارقة: تاريخ سياسي للديون والبؤس والانجراف نحو اليمين".

ولفت روديجر في حديثه مع "الشرق"، إلى أنه لا يوجد تعريف محدد للطبقة المتوسطة، قائلاً إن "علم الاجتماع في مجال الطبقات يذكّرنا بأنه لا توجد طبقة متوسطة، بل طبقات متوسطة من رواد الأعمال، والموظفين، والمبرمجين، والأشخاص الذين يشغلون وظائف نقابية، وعمال الخدمات، وموظفي الحكومة".

وأشار إلى أن أصحاب الطبقات المتوسطة ​​يختلفون عن بعضهم، ويقفون في صفوف متباينة، وفي علاقات مختلفة مع الإدارة الأميركية.

ويُعد مصطلح "الطبقة المتوسطة"، حديثاً نسبياً، إذ لم يظهر كثيراً في أول 140 عاماً من تاريخ الولايات المتحدة.

وفي القرن التاسع عشر كان استخدام المصطلح يعني بشكل كبير العاملين لحسابهم الخاص، مثل المزارعين والحِرَفيين والتجار، وبحلول القرن العشرين، أصبح المعنيون هم العمال بأجر ثابت، ولكن لم تبدأ استخدامات مصطلح "الطبقة المتوسطة" بالانتشار إلا بعد صعود النقابات الصناعية في الثلاثينيات.

وذكر روديجر أن الأحزاب لم تبدأ في جذْب الطبقة المتوسطة إلا مؤخراً نسبياً، مع فوز بيل كلينتون في عام 1992 بالانتخابات الرئاسية. وبحلول عام 2012، تحدّث المرشحان الرئاسيان، حينها، الديمقراطي باراك أوباما، والجمهوري ميت رومني، بشكل حصري تقريباً، عن رعاية الطبقة المتوسطة.

وأشار روديجر أن كليهما عرّفاها بشكل "غير جاد" باعتبارها أولئك الذين يكسبون قليلاً، موضحاً "كان هذا هو الحال مع 92% من السكان، وكان من بينهم بطريقة ما أفقر الأميركيين في الطبقة المتوسطة".

ضبابية وانكماش وتأثير انتخابي كبير

ويتمتع مصطلح "الطبقة المتوسطة" بضبابية كبيرة، فهو يشمل أكثر من نصف الأميركيين (51%) الذين يكسبون ما بين ثلثي أو ضعف متوسط ​​دخل الأسرة حسب حجمها، وفقاً لمركز "بيو" للأبحاث.

وعلى معيار الدخل السنوي، يضع مركز "بروكينجز"، الأُسَر التي تُحقق بين 40 ألف إلى 140 ألف دولار سنوياً، في نطاق الطبقة المتوسطة، لكن هذا النطاق يتقلص، بحسب مركز بيو للأبحاث.

وفي عام 1971، كانت نسبة الأميركيين الذين اعتُبروا من الطبقة المتوسطة أقرب إلى الثلثين (61%)، وعلى الرغم من هذا الانكماش، فإن الطبقة المتوسطة ومشاعرها المتغيرة ستظل ذات تأثير هائل في صناديق الاقتراع، حسبما قال روبرت شابيرو، أستاذ الحكومة والشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا.

ولفت شابيرو في حديثه مع "الشرق"، إلى أن الطبقة المتوسطة بقدر تنوعها ما بين الشباب وكبار السن والعمال وأصحاب البشرة السوداء، بقدر أهميتها وتأثيرها انتخابياً، موضحاً: "إنها مهمة للغاية، ويجب النظر بشكل خاص إلى الناخبين البيض الحاصلين على شهادة جامعية أو غير الحاصلين عليها في هذه المجموعة".

ويرى شابيرو أن بايدن حقق أداء أفضل قليلاً في عام 2020، مقارنة بالمرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون في عام 2016، بما يكفي لإحداث فرق في الولايات الرئيسية،

وأضاف: "إنهم مجموعة كبيرة بشكل عام يمكن الاستفادة منها. لكن الدعم الكبير بين الناخبين الشباب للديمقراطيين يمكن أن يُحدث فارقاً، كما أنه يضم عدداً كافياً من الناخبين أصحاب البشرة السوداء واللاتينيين".

من جانبه، ذكر مايكل كورنفيلد، أستاذ الإدارة السياسية ومدير الأبحاث في مركز الإدارة السياسية بجامعة جورج واشنطن، أن الطبقة المتوسطة مفهوم مرن للغاية. قائلاً في حديثه مع "الشرق"، إنها تعني عدم الفقر وعدم الثراء، "وهذا يشمل معظم الأميركيين".

ورجّح كورنفيلد أن هاريس تستخدم هذا المصطلح لرسم تباين بينها وبين ترمب، الذي تُصوره كمرشح للأثرياء.

ويرى كورنفيلد أن ترمب يستخدم "الطبقة العاملة" قاصداً "الطبقة المتوسطة بدون شهادة جامعية"، و"يدق إسفيناً" بين الطبقة العاملة، وأولئك الذين ينتقدهم من نفس الطبقة باعتبارهم النخبة، "لذا فإنها ليست كتلة ناخبين في حد ذاتها، لكنها كتل تصويتية متعددة تعمل وفقاً لاهتمامات مختلفة، وتؤثّر كثيراً على سير العملية الانتخابية".

مصطلح "فضفاض"

وعلى الرغم من أن مصطلح "الطبقة المتوسطة" فضفاض للغاية، فإن نصفها تقريباً، يتألف من البيض، منقسمة بين الناخبين الديمقراطيين والجمهوريين.

وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2016، صوّت البيض لصالح ترمب بفارق 20 نقطة عن هيلاري كلينتون، بينما صوّت عدد كبير من الأقليات لصالح كلينتون على ترمب بفارق 40 نقطة.

أما في انتخابات 2020، حقق بايدن تفوقاً طفيفاً على ترمب مع هذه الطبقة، إذ فاز المرشح الجمهوري آنذاك بأصوات الإنجيليين البيض من الطبقة العاملة، لكنه خسر أصوات الناخبين البيض الآخرين من الطبقة العاملة.

وأشار شابيرو إلى أن هذه المجموعة قد تغيرت في السنوات الأخيرة، فبينما كانت الطبقة العاملة تُعتبر في الماضي في خانة الديمقراطيين، فإن عدداً أكبر قليلاً الآن يقول إنهم يميلون إلى الحزب الجمهوري، لافتاً إلى أن "الناخبين البيض الذين لا يحملون شهادات جامعية بشكل ملحوظ تحوّلوا نحو الجمهوريين وكان هذا تحولاً حاسماً لصالح الجمهوريين".

واعتبر شابيرو أن الناخبين البيض الذين لا يحملون شهادات جامعية في هذه المجموعة هم الجزء الأقوى من قاعدة دعم ترمب، وقد يكتسب المزيد منهم مع أو بدون شهادات جامعية؛ بسبب تصوُّر الأداء الضعيف لإدارة بايدن، بما فيها كامالا هاريس، في قضايا الاقتصاد والهجرة "سواء كان ذلك قد أثّر على هذه المجموعة بشكل مباشر أو بناء على اهتمامهم بهذه القضايا للأمة".

"إنه الاقتصاد.. يا غبي"

وفي تسعينيات القرن الماضي، صاغ كبير استراتيجي بيل كلينتون في الانتخابات الأميركية 1992 جيم كارفيل، عبارة "إنه الاقتصاد.. يا غبي". كانت عبارته موجهة إلى العاملين في الحملة الانتخابية، وكانت مقصودة كواحدة من ثلاث رسائل ينبغي لهم التركيز عليها.

واستغلت حملة بيل كلينتون الركود الاقتصادي السائد، آنذاك، في الولايات المتحدة كإحدى وسائل الحملة للإطاحة بجورج بوش الأب، حيث نجحت في هذا.

وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، لا يزال الاقتصاد يشكل العامل الأهم عندما يقرر الناخبون من سيرشحونه للبيت الأبيض، ومع ثبات القضية الانتخابية على مدى عقود، فإن تصورات الأميركيين لمن يُمثّل مصالحهم الاقتصادية قد اختلفت، وربما يؤثر ذلك على اختياراتهم الانتخابية.

ووفقاً لمسح أجراه مؤخراً مركز استطلاعات الرأي حول الحياة الأميركية، قال نحو 75% من الأميركيين، إن الجمهوريين يُمثّلون مصالح الأميركيين الأثرياء، قبل أكثر من 30 عاماً، ولكن في عام 2024، لا يتبنى هذا الرأي سوى نحو نصف الجمهور تقريباً.

وعلى الجانب الآخر، اعتقدت أغلبية الأميركيين في الماضي، أن الحزب الديمقراطي يهتم بالفقراء، ولكن عدداً أقل كثيراً (42%) يعتقد هذا اليوم، ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن قِلة من الأميركيين يعتقدون حالياً أن أياً من الحزبين يُمثّل مصالح الطبقة المتوسطة في أميركا.

ويتماشى هذا المسح مع رأي بروديجر القائل إن فائدة مصطلح "الطبقة المتوسطة" في السياسة يكمن في الإشارة إلى ما لا تُمثّله الأحزاب.

ونبّه إلى أن عدم الدقة في تعريف "الطبقة المتوسطة" يُعد سبباً من أسوأ أنواع التعبئة السياسية لهذا المصطلح، إذ أدّى انتشاره إلى تهميش مناقشات الفقر، "فمع تبنّي كلا الحزبين في بعض الأحيان لتعريف يشمل 96% من الناخبين، يتم بسهولة رفض الهجمات المستهدفة على التفاوتات باعتبارها مثيرة للانقسام".

وقال بروديجر إن فريق كلينتون ابتكر استراتيجية "حلم الطبقة المتوسطة" كنوع من المناشدة الصريحة للناخبين من هذه الطبقة، موضحاً أن "هذه الفكرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتعزيز مصالح الفقراء أصحاب البشرة السمراء".

ولفت إلى أن الجمهوريين وجدوا أن الطبقة المتوسطة مفيدة في إبعاد أنفسهم عن النظر إليهم باعتبارهم مجرد حزب للأثرياء، مؤكدين أن الثروة سوف "تتسرب إلى الأسفل" من الأثرياء.

أصوات منقسمة بالتساوي

يحاول المرشحان الرئاسيان استقطاب أصوات الطبقة المتوسطة من خلال القضية المشتركة وهي "الاقتصاد"، بجانب قضايا جانبية تجتذب بعض القطاعات المختلفة في هذه الطبقة، مثل الهجرة والإجهاض والديمقراطية وغيرها.

ومع بقاء الاقتصاد قضية مهيمنة في الانتخابات، وجد استطلاع أجراه مركز "أسوشيتد برس-نورك للشؤون العامة" في أغسطس، أن أداء ترمب كان أفضل بفارق ضئيل فيما يتعلق بالاقتصاد، إذ قال 45% إنه سيتعامل مع الأمر بشكل أفضل، فيما قال 38% إن هاريس ستفعل هذا.

ووعدت هاريس الطبقة المتوسطة بامتلاك المساكن وتخفيف التكاليف المرتفعة للأبوة والأمومة.

ويمكن لمشتري المنازل لأول مرة، بحسب استراتيجية هاريس، الحصول على مساعدة بقيمة 25 ألف دولار في الدفعة الأولى، والتي سيتم ربطها بسياسات أوسع نطاقاً لتشجيع بناء 3 ملايين منزل إضافي في غضون أربع سنوات، كما يمكن للآباء الجدد الحصول على خصم ضريبي بقيمة 6 آلاف دولار وخصم ضريبي أكبر للأطفال، مع فرْض ضرائب أكثر على الأثرياء، وتوسيع الحوافز الضريبية للشركات الصغيرة.

في المقابل، تعهّد ترمب بفرْض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين وعدم فرْض ضرائب على الإكراميات، كما وعد بهزيمة التضخم وخفْض جميع الأسعار بسرعة، وتحقيق نمو اقتصادي لزيادة الأجور.

واعتبر كورنفيلد أن السياسة الاقتصادية الوحيدة التي يتبناها ترمب لصالح فئة محددة من الطبقة المتوسطة، هي وعده بإعفاء الإكراميات من الضرائب، وهي طريقته لملاحقة الناخبين من الطبقة العاملة، "وتوافقت هاريس مع الموقف عندما قالت إنها ستفعل المثل".

وتابع كورنفيلد بالقول إن تعهد هاريس بعدم رفع ضرائب الدخل على من يكسبون أقل من 400 ألف دولار سنوياً، "وهو ما ينطبق على معظم الناس. لن يكون لأي من هذا تأثير على الدين الفيدرالي أو الميزانية. إن استعادة الائتمان الضريبي للأطفال من شأنه أن يساعد الفقراء حقاً".

في السياق نفسه، رجّح  شابيرو على ضرورة أن تُظهر هاريس أنها تُمثّل اختلافاً عن بايدن وترمب بطرق تجذب هذه المجموعة، لافتاً إلى أنه لا يوجد حتى الآن أي مؤشر على أي تغييرات أخرى في التصويت المحتمل لهذه المجموعة.

وأضاف شابيرو أن هاريس تعمل بشكل مكثف على فئات مختلفة داخل الطبقة المتوسطة، "إذا لم يكن الاقتصاد نقطة قوة لها في هذه المجموعة، فهي تأمل أن تعمل قضية الإجهاض لصالحها في هذه المجموعة، سواء بالنسبة للناخبين الحاصلين على شهادات جامعية أو غير الحاصلين عليها، وخاصة النساء من الطبقة المتوسطة"، مرجحاً أن تنقسم أصوات الطبقة المتوسطة بين المرشحين بشكل متقارب.

وذكر روديجر أن ترمب في موقف صعب من الناحية السياسية، إذ ذهبت "تخفيضات الضرائب على الطبقة المتوسطة" التي أكد عليها في عام 2016 وخلال فترة رئاسته، بشكل ساحق إلى أغنى الأميركيين، و"لا يزال من المرجح أن يحدث ذلك مرة أخرى".

واستدرك بقوله إن هاريس على استعداد للتأكيد على فرْض ضرائب دخْل أعلى قليلاً على الأثرياء وفوائد ضريبية لأصحاب الدخل المتوسط ​​والثروة "حتى الآن لم تتحدث كثيراً عن تقديم الإغاثة من ديون الطلاب، وهي قضية ربطها بايدن لمساعدة شريحة واحدة من الطبقة المتوسطة".

ومع التنوع الكبير للشرائح والفئات في الطبقة المتوسطة، أكد روديجر أنها مجموعة متباينة وغير محددة وأصواتهم منقسمة دائماً وفقاً لهذا المنطق، "لا يوجد تعريف محدد لهم ولا تصويت محدد لهم. في الانتخابات الأخيرة انقسمت أصواتهم بالتساوي تقريباً بين بايدن وترمب. ويبدو أنها ستنقسم أيضاً، في هذه الانتخابات بين هاريس وترمب".

تصنيفات

قصص قد تهمك