تُعتبر الهجرة وأمن الحدود ورقتين رئيسيتين في السباق إلى البيت الأبيض، حيث يتنافس كل من دونالد ترمب وكامالا هاريس لإقناع الناخبين بخطتيهما لحل هذه القضايا، لا سيما أن الكثير من الأميركيين يشعرون بالقلق حيال أعداد المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس جو بايدن.
وأطلق بايدن وعوداً بعد توليه منصبه بتبني مقاربة "أكثر لطفاً" تجاه المهاجرين، لكن بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس"، وجد مسؤولو إدارته أنفسهم يعانون من أجل السيطرة على الحدود الجنوبية.
ورغم اتخاذ إدارة بايدن إجراءات صارمة ضد قدوم المتسللين عبر الحدود، إلا أنهم اعتمدوا إجراءات جديدة لدخول اللاجئين إلى أميركا، ولبعض المتواجدين فيها بالفعل ليصبحوا مواطنين.
ومؤخراً، أشارت الإدارة الأميركية إلى تراجع أعداد المهاجرين الذين قدموا إلى الحدود خلال الصيف، في إشارة إلى "نجاح سياساتها".
والاثنين، أعلنت إدارة بايدن أن إجراءات طلب اللجوء على الحدود الجنوبية، ستصبح أكثر صرامة، وتسعى القواعد الجديدة التي ستفرضها إدارة بايدن بدءاً من 1 أكتوبر، إلى خفض متوسط أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون الحدود من 1500 مهاجر على مدار 7 أيام، إلى الوصول للعدد نفسه خلال 28 يوماً.
هاريس تركز على أمن الحدود
وخلال أولى رحلاتها إلى الحدود الجنوبية كمرشحة رئاسية عن الحزب الديمقراطي، طرحت هاريس الجمعة، خطة لفرض المزيد من التضييق على طلبات اللجوء السياسي، وتوسيع نطاق القيود التي تم تفعيلها في وقت سابق الصيف الماضي من قبل إدارة بايدن على دخول اللاجئين.
وقبل هذه الرحلة، تجنّبت كامالا هاريس بدرجة كبيرة الحديث عن موضوع الهجرة، وأعطت تفاصيل قليلة بشأن ما ستفعله حال تم انتخابها، ما اعتبرته "أسوشيتد برس" إشارة إلى "حجم الجدل الذي تثيره هذه القضية داخل فريق الرئيس الأميركي".
وفي حين وعد بايدن خلال انتخابات 2020 باستعادة مكان ومكانة الولايات المتحدة "كملاذ للأشخاص الفارين من الاضطهاد في بلادهم"، إلا أن إدارته سرعان ما وجدت نفسها تتعامل مع أعداد متزايدة من المهاجرين على الحدود الجنوبية.
كما تمردت المدن التي يقودها الديمقراطيون على الضغوط التي فرضها المهاجرون عليها.
ثم تحولت إدارة بايدن إلى مقاربة "العصا والجزرة" بدرجة أكبر، ما زاد من صعوبة حصول الأشخاص الذين قدموا إلى الحدود على اللجوء، بينما خلقت أيضاً مسارات جديدة لجعل العملية أكثر تنظيماً.
وعبر تصريحاتها، وعلى موقعها الإلكتروني، ركزت هاريس على الطرق التي ستفرض من خلالها أمن الحدود، وشن حملة صارمة ضد تهريب المخدرات.
وتحدثت نائبة الرئيس عن تجربتها كمدعية عامة في كاليفورنيا، وقالت إنها سارت في أنفاق مهربي المخدرات، ونجحت في مقاضاة العصابات التي تقوم بتهريب المخدرات والأشخاص عبر الحدود.
"قيصر الحدود"
وفي وقت مبكر من ولايته، عهد جو بايدن إلى هاريس بمهمة بحث الأسباب الرئيسية للهجرة، وقد وصفها الجمهوريون بأنها "قيصر الحدود" المسؤولة عن أمنها بالكامل.
ورغم ذلك، كانت مهمتها "محددة"، وتتلخص في معرفة الطرق طويلة الأمد لوقف الهجرة من 3 دول في أميركا الوسطى. وخلال زيارتها إلى جواتيمالا، حذرت نائبة الرئيس المهاجرين الذين يفكرون في القدوم إلى بلادها، قائلة: "لا تأتوا".
واتهمت هاريس ترمب بأنه تسبب في تفاقم الأوضاع على الحدود من خلال رفضه لتسوية طرحها الحزبان في مجلس الشيوخ خلال وقت سابق العام الجاري، وكان من شأنها تشديد معايير اللجوء، وتعيين المزيد من حرس الحدود وقضاة الهجرة وضباط اللجوء. وقالت نائبة الرئيس إنها ستعيد هذا القانون وتوقعه ليصبح قانوناً، حال انتخابها.
انخفاض أعداد المهاجرين
وبعد أن بلغوا أعداداً غير مسبوقة في ديسمبر 2023، انخفضت أعداد المهاجرين الذين يعبرون الحدود منذ ذلك الحين. وأشادت إدارة بايدن بالإجراءات المشددة التي اتخذتها لوقف تدفق تيارات الهجرة، رغم أن "زيادة إنفاذ القانون على الجانب المكسيكي أسهمت أيضاً بدور بالغ الأهمية"، وفق الوكالة.
وأيدت المرشحة الديمقراطية إجراء "إصلاح شامل" لملف الهجرة، سعياً لإيجاد مسارات لمنح المواطنة للمهاجرين الذين لا يتمتعون بوضع قانوني في الولايات المتحدة، وخلق مسار أسرع للأشخاص الذين جاءوا كأطفال، ويعيشون بها بشكل غير قانوني.
ولم تبد نائبة الرئيس رأيها بشأن ما إذا كانت ستواصل العمل ببرامج إدارة بايدن التي سمحت لأكثر من مليون مهاجر بدخول البلاد، ما وصفته "أسوشيتد برس" بأنه "الجزرة في مقاربة العصا والجزرة".
ويستطيع المهاجرون استخدام تطبيق يسمى CBP One لتحديد موعد أثناء وجودهم في المكسيك وتقديم أنفسهم عند معبر حدودي رسمي للدخول. كما يستطيع 30 ألف مهاجر من كوبا وهايتي ونيكاراجوا وفنزويلا القدوم إلى أميركا بمعدل شهري لمدة عامين، والحصول على تصريح عمل، بافتراض أن لديهم راعياً مالياً، واجتياز الفحص، والسفر إلى مطار أميركي.
وانتقدت هاريس أيضاً سياسات عدم التسامح التي انتهجها ترمب، والتي أدت إلى فصل الأسر على الحدود لمحاولة ردع الهجرة.
ترمب يتعهد بترحيل جماعي
وكانت الهجرة أحد أسباب وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في الولاية الأولى عام 2016، ويأمل اليوم أن تمنحه هذه الورقة دفعةً للفوز بولاية أخرى.
ومع كل ظهور أو خطاب في حملته الانتخابية، يصور الرئيس السابق الهجرة على أنها باتت "خارجة عن السيطرة".
ويَعِد ترمب أنه في حال إعادة انتخابه سيقوم بأكبر عملية ترحيل جماعي في تاريخ الولايات المتحدة. وقدم الرئيس السابق وعوداً مماثلة لدى ترشحه في المرة الأولى، لكن خلال ولايته لم تتجاوز عمليات الترحيل 350 ألف شخص.
وعلى سبيل المقارنة، قالت "أسوشيتد برس" إن الرئيس باراك أوباما قام بترحيل 432 ألف شخص عام 2013، وهو أكبر عدد إجمالي سنوي منذ بدء رصد عمليات الترحيل.
قانون الأعداء الأجانب
وهذه المرة أفصح ترمب عن بعض التفاصيل الخاصة بوعوده، إذ قال إنه سيستخدم الحرس الوطني للقبض على المهاجرين. كما أشار إلى أنه سيستدعي قانون الأعداء الأجانب الذي صدر عام 1798، ويسمح للرئيس بترحيل أي شخص لا يتمتع بالمواطنة الأميركية وينتمي إلى بلد تخوض الولايات المتحدة حرباً معه.
كما تعهد المرشح الرئاسي الجمهوري، حال أعيد انتخابه، بطرد مئات الآلاف من المهاجرين الذين دخلوا البلاد بموجب برنامجين رئيسيين وضعتهما إدارة بايدن.
ولفتت الوكالة إلى أن أي خطط ترحيل جماعي "سيتم الطعن عليها أمام المحكمة"، كما سيكون تنفيذها "باهظ التكلفة"، فضلاً عن أنه سيعتمد على "استعداد الدول لاستعادة مواطنيها".
وقال ترمب إنه سيعيد السياسات التي انتهجها خلال ولايته الأولى، مثل برنامج "ابقَ في المكسيك" و"المادة 42"، حيث جعل الأول المهاجرين ينتظرون في المكسيك أثناء الاستماع إلى قضايا اللجوء الخاصة بهم، فيما قوض الثاني الهجرة لأسباب تتعلق بالصحة العامة.
وأكد ترمب أنه سيعيد ويوسع نطاق حظر السفر الذي طبقه في ولايته الأولى، والذي استهدف بالأساس مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة، وتعهّد بتنفيذ "فحص أيديولوجي" جديد على المهاجرين لحظر "المعتوهين الخطرين والكارهين والمتعصبين والمهووسين".
ويسعى ترمب أيضاً إلى إنهاء حق المواطنة بالولادة للأشخاص الذين يولدون في الولايات المتحدة ويقيم والديهم في البلاد بشكل غير قانوني.