ماذا تعني سيطرة الجيش السوداني على مدينة سِنجة؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان يصل إلى مدينة سنجة في ولاية سنّار بعد السيطرة عليها وخروج قوات الدعم السريع- 23 نوفمبر 2024 - "القوات المسلحة السودانية"
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان يصل إلى مدينة سنجة في ولاية سنّار بعد السيطرة عليها وخروج قوات الدعم السريع- 23 نوفمبر 2024 - "القوات المسلحة السودانية"
بورتسودان-خالد عويس

قال الجيش السوداني، السبت، إنه سيطر على رئاسة الفرقة الـ17 مشاة بمدينة سِنجة عاصمة ولاية سِنَّار، جنوب شرقي السودان، "بعد طرد قوات الدعم السريع منها"، فيما لم تعلّق هذه الأخيرة على هذه الأنباء حتى الآن.

وكانت قوات الدعم السريع سيطرت على المدينة في أواخر يونيو الماضي، بعد أن تسللت من منطقة "جبل مويا"، جنوباً، إثر توغلها في الولاية، غير أن الجيش استرد "جبل مويا" لاحقاً، واحتفظ بالسيطرة على مدينة سنار، إلى الشمال من سِنجة.

وأسفر القتال في ولاية سنّار طوال الأشهر الماضية، عن سقوط ضحايا ومصابين في صفوف المدنيين، علاوة على فرار عشرات الآلاف إلى ولاية النيل الأزرق جنوباً، وولاية القضارف شرقاً. وكانت الولاية تأوي أكثر من مليون نازح، قدموا إليها من ولاية الجزيرة المجاورة، بعد سيطرة الدعم السريع عليها.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها القوات المسلحة السودانية وصول رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى مقر الفرقة 17 مشاة، في مدينة سِنجة، بعد السيطرة عليها وانسحاب قوات الدعم السريع. ويظهر في المقطع مجموعة من السكان يهتفون للجيش السوداني ويرحبون بقائده.

وتحظى هذه الولاية بأهمية استراتيجية كبيرة، إذ تربط بين ولاية الجزيرة شمالاً، والنيل الأزرق شرقاً، والنيل الأبيض غرباً، وولايات شرق السودان الثلاث، القضارف وكسلا والبحر الأحمر، شرقاً.

وقال وزير الثقافة والإعلام السوداني المكلّف، خالد الإعيسر، إن سِنجة "عادت لحضن الوطن"، معتبراً أن "لحظة تطبيق العدالة والمحاسبة قادمة"، وأنها "ستطال كل من ساهم في ارتكاب الجرائم".

"نصرٌ يقود إلى الجزيرة"

ويرى رئيس تحرير صحيفة "اليوم التالي" السودانية الطاهر ساتي، أن سيطرة الجيش على سِنجة ستقود حتماً إلى "السيطرة على ولاية الجزيرة"، لأن قوات الدعم السريع باتت محاصرة تماماً في وسط الولاية وشرقها، متوقعاً أن يعمد الجيش إلى تطويق الجزيرة من جهة الجنوب والشمال الشرقي.

ولفت ساتي في حديث لـ"الشرق"، إلى أن التطورات الحالية تعني اقتراب القوات المسلحة من السيطرة على كل مناطق وسط السودان، وتأمين شرقه وجنوبه، إلى جانب ولاية النيل الأبيض إلى الغرب من سنّار والجزيرة.

وفي بداية أكتوبر الماضي، تمكّن الجيش السوداني من استرداد موقع جبل مويا الاستراتيجي، غرب ولاية سنّار، وتقدّم لاحقاً في مدينتي الدندر والسوكي، شرق الولاية، ما مكّنه من تطويق سنجة، وعزل قوات الدعم السريع هناك.

وسمحت السيطرة السابقة لقوات الدعم السريع على جبل مويا الواقع على بعد نحو 250 كليومتراً جنوب الخرطوم، بقطع طرق رئيسية رابطة بين وسط السودان وشرقه وولاية النيل الأبيض.

كما أثار الأمر آنذاك أسئلة بشأن إمكان تقدم الدعم السريع من ولاية سنّار، صوب الولايات الشرقية، وإقليم النيل الأزرق جنوباً، وولاية النيل الأبيض غرباً، ما يضعف موقف الجيش، لكن الأخير استعاد زمام المبادرة وتمكن من التقدم مرة أخرى في سنّار، مفسحاً المجال لوحداته للتوغل لاحقاً في ولاية الجزيرة، مع ضمانات أكبر بالقدرة على تأمين ولايات الشرق.

"انتصار استراتيجي كبير"

وحول أهمية التقدم العسكري الأخير للجيش السوداني، اعتبر الخبير الاستراتيجي اللواء المتقاعد أمين إسماعيل، أن السيطرة على سِنجة تمثّل "انتصاراً كبيراً جداً من الناحية الاستراتيجية"، لأن قوات الدعم السريع لن تتمكن من إرسال قوات إلى مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، من الجنوب، حيث سيجري تحييد القوات في المنطقة المحاصرة بواسطة الجيش.

وقال إسماعيل لـ"الشرق"، إن الجيش بهذه الخطوة أغلق الطرق المؤدية إلى 5 ولايات أمام الدعم السريع، وهي سنّار، والنيل الأبيض، والقضارف، والجزيرة، علاوة على إقليم النيل الأزرق، ما يعني تجميع كل قوة الجيش في هذه المناطق لهدف وحيد، هو التقدم في الجزيرة.

ولفت إلى أن هذه الخطوة ستشحن الروح المعنوية لمقاتلي الجيش في إقليم النيل الأزرق للاندفاع شمالاً باتجاه شرق الجزيرة، وصولاً إلى الخرطوم، والالتحام بالقوات هناك.

"تكتيكات قد تفاجئ قادة الجيش"

على الجانب الآخر لم تصدر قوات الدعم السريع أي بيان بشأن سيطرة الجيش على مدينة سِنجة، إلا أن عضو المجلس الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، كتب على حسابه بمنصة "إكس"، أن "من يفرح ويصور دخول الجيش إلى سِنجة ويعتبره انتصاراً فهو واهم".

وأضاف طبيق أنه "في إطار تنفيذ الخطة (ب) هناك كثير من الخطط العملياتية والتكتيكات وضعتها القيادة وغرفة العمليات والسيطرة قد تفاجئ قادة الجيش والكتائب الإرهابية في الأيام القادمة، وسوف تكون حاسمة وموجعة"، وفق وصفه.

وفي ذات الاتجاه رأى المحلل السياسي صدّيق الغالي، أن قوات الدعم السريع "لم تُهزم في سنّجة، بل أقدمت على انسحاب مؤقت، وفقاً لتكتيكات راجعة لقيادة القوات"، مشيراً إلى أن وحداتها المسلحة لا تزال في محيط المدينة ولم تغادرها بالكامل.

وأضاف الغالي لـ"الشرق"، أن قوات الدعم السريع تُقاتل حالياً ما وصفها بـ"كتائب الإسلاميين، لا الجيش السوداني"، معتبراً أن هذا الأخير "تلقى الهزيمة في أكثر من 150 معركة بينه وبين الدعم السريع، خلال عام ونصف العام".

وقال إن ما جرى في سنجة "لن يؤثر على جبهات القتال الأخرى"، زاعماً أن "الدعم السريع تسيطر على ولاية الجزيرة، وتتقدم في ولاية النيل الأبيض".

تصنيفات

قصص قد تهمك