
ألقى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بتعليق تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، بظلاله على الدول المستفيدة من مساعداتها، ومن بينها لبنان، خاصة أن الوكالة تعتبر من الداعمين الأساسيين للبنانيين في التعليم، والمياه، وتعزيز الفرص الاقتصادية، فضلاً عن أنها تمول منظمات غير حكومية لبنانية.
وأوقف ترمب المساعدات الخارجية بعد توليه منصبه في 20 يناير الماضي، ما أدى إلى وقف عمل برامج معنية بالغذاء والصحة وغيرها، بمليارات الدولارات.
ومن المفترض أن يستمر تجميد الإنفاق لمدة 90 يوماً في انتظار إجراء مراجعات تتعلق بكفاءة هذه البرامج ومدى اتساقها مع السياسة الخارجية لترمب.
ويعمل في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أكثر من 10 آلاف موظف، بينهم أكثر من 1900 أميركي يعملون في الخارج، وأصبحت هدفاً لجهود يقودها الملياردير إيلون ماسك، لتقليص عدد موظفي الحكومة الأميركية.
وأنفقت الوكالة في لبنان، نحو 123 مليون دولار، منذ عام 2023، بحسب السفارة الأميركية في بيروت.
وكان من المنتظر أن تواصل توفير فرص اقتصادية لمحدودي الدخل، من خلال تمويل مشروعات لتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية إلى جانب تقديم المنح الدراسية.
ومن بين المشروعات التي تلقت دفعة جراء التعاون مع الوكالة، مشروع إدارة نفايات لبنان الذي يديره الناشط البيئي بيار بعقليني، الذي أشار إلى تداعيات قرار تعليق التمويل.
وقال بعقليني لـ"الشرق": "الوكالة دعمت الكثير من الشركات الناشئة، واستطاع الكثير من الشبان الاستفادة والعمل على أثر إيجابي بيئي لأنهم دعموا عدة قطاعات، والبعض لديهم آلات ساعدهم التمويل على تطويرها، ما جعلهم يتركون أثراً إيجابياً في أماكن كثيرة".
وأضاف، أن هذه المشروعات تدر ملايين الدولارات على الاقتصاد اللبناني الذي يعاني بالفعل منذ فترة طويلة.
وأوضح بعقليني، طبيعة الدعم الذي قدمته الوكالة لمشروع إدارة نفايات لبنان، بقوله: "نحن نعمل مع بلدية جبيل بمركز الفرز، وننفذ عملية الفرز من المصدر للنفايات القابلة لإعادة التدوير، وساعدتنا الوكالة من خلال توفير حاويات لتعزيز ثقافة الفرز في عدة بلديات في لبنان".
وأشار إلى أن قرار وقف التمويل، يؤثر أيضاً على المنظمات غير الحكومية العاملة في لبنان، والتي تحصل على تمويل حكومي من الولايات المتحدة، لافتاً إلى الحكومة الأميركية مسؤولة بشكل مباشر عن 22% من مجمل تمويل أنشطة هذه المنظمات التي تلقّت نحو 293 مليون دولار خلال عام 2024، فضلاً عن أن الحكومة الأميركية شاركت في تمويل "الاستجابة السريعة" في إطار المنظمات الدولية العاملة في لبنان، بمبلغ 128 مليون دولار يمثّل 40.1% من مجمل ما وصل إلى لبنان من الدول والمنظمات.
ووضعت هذه الأزمة، المنظمات غير الحكومية العاملة في لبنان، سواء كانت مموّلة من الوكالة أو تحصل على تمويل حكومي أميركي، أمام تحد للتعامل مع الشحّ المالي المرتقب لفترة 3 أشهر على الأقل، مع احتمالات اقتطاع قسم كبير من تمويلها، من خلال تسريح الموظفين وإيقاف المشروعات.
الصحافي والمحلل الاقتصادي عماد شدياق، توقع ألا يكون تأثير القرار كبيراً، وقال: "ما قيمة 5 ملايين دولار شهرياً، أو 125 مليون خلال العامين الأخيرين، من قيمة الاقتصاد؟، تقارب نحو 0.8% من التحويلات التي تصل لبنان من الخارج، وهو رقم متواضع جداً، وعند مقارنته بميزان المدفوعات كاملاً فإنه يساوي أقل من 0.5%".
وأضاف: "هناك مشروعات تضررت بالفعل من وقف التمويل، منها مشروعات تتعلق بالتعليم، وتنمية الريف، والزراعة خاصة في جنوب لبنان الذي هو بأمس حاجة لهذه المساعدات".
واعتبر أن الولايات المتحدة ليست الداعم الوحيد، لكنها ربما الأكثر شهرة، مشيراً إلى أن هناك دولاً أوروبية بالإضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، تقدم دعماً غير قليل.