
تستقبل مصر في مايو المقبل 3 وفود أعمال صينية، بهدف عقد لقاءات لاستكشاف الفرص المتاحة في مختلف القطاعات المحلية، بينما تتطلع لجذب استثمارات صينية جديدة خلال الفترة المقبلة، في الوقت الذي تتطلع فيه بكين لتعزيز شراكاتها عالمياً بعد رسوم جمركية تكبل وصولها إلى الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري، بحسب شخصين تحدثا مع "الشرق".
زيارة وفود الأعمال تتزامن مع سعى الحكومة المصرية لاستقطاب استثمارات صينية بقيمة 500 مليون دولار على الأقل خلال عام 2025، ما يرفع إجمالي الاستثمارات الصينية في البلاد إلى 3.6 مليار دولار، وفق ما قاله رئيس جهاز التمثيل التجاري المصري، يحيى الواثق بالله لـ"الشرق".
جذب الاستثمار الأجنبي
وتشهد جهود مصر لجذب الاستثمار الأجنبي زخماً في الآونة الأخيرة، ووقعت القاهرة أكثر من 12 اتفاقية مع باريس لتنفيذ مشروعات بقيمة تتجاوز 250 مليون يورو، خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لها مطلع الشهر الجاري، مع توقعات بجذب استثمارات فرنسية جديدة بقيمة مليار يورو خلال 2025. كما استضافت وفداً مكوناً من 100 مستثمر سعودي لبحث الفرص الاستثمارية المتاحة في البلاد، ومن المرتقب وصول وفد كويتي مماثل الأسبوع المقبل أيضاً.
في المقابل، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بجولة خليجية الأسبوع الجاري شملت الكويت وقطر بهدف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التعاون الاقتصادي مع هذه الدول، وتم التوافق خلال الزيارة مع الأخيرة على تنفيذ استثمارات مباشرة بقيمة إجمالية تصل إلى 7.5 مليار دولار خلال المرحلة المقبلة.
نما صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر 17.4% على أساس سنوي بنهاية الربع الأول من السنة المالية الجارية إلى 2.7 مليار دولار. تستهدف الحكومة جذب استثمارات أجنبية مباشرة تصل إلى 15 مليار دولار في العام المالي الجاري"، وفق ما كشفه وزير الاستثمار حسن الخطيب لـ"الشرق" في سبتمبر الماضي.
توقعات ارتفاع التجارة بين القاهرة وبكين
الواثق بالله، قال لـ"الشرق"، إن مصر تستقبل وفود أعمال صينية بشكل دوري للتعرف على فرص الاستثمار بالسوق المحلية، مشيراً إلى أن جذب الاستثمارات من بكين يعزز العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين.
تستقطب المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تحديداً اهتمام الصين على نحو متزايد، وبلغ عدد المشروعات الصينية في المنطقة نحو 10 منذ مطلع 2025، وباستثمارات 828.5 مليون دولار، بقطاعات الملابس والمنسوجات، وسلاسل توريد الأجهزة المنزلية، والخلايا الشمسية، والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، والنشا المعدل والبروتين النباتي، والكلور القلوي.
على الصعيد التجاري، يتوقع الواثق بالله "ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر والصين بنسبة 10% على أساس سنوي، إلى 17.6 مليار دولار خلال العام الجاري وذلك مقابل نحو 16 مليار دولار خلال 2024".
يميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح الصين، حيث استوردت مصر منها ما يعادل 15.5 مليار دولار العام الماضي، بينما صدرت القاهرة ما قيمته 400 مليون دولار، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
المنتجات الزراعية المصرية
رجح رئيس التمثيل التجاري ارتفاع صادرات مصر للصين بنسبة تتراوح بين 15% و20% خلال العام الجاري، لتصل إلى نحو 500 مليون دولار، مشيراً إلى أن الصادرات الزراعية تحديداً لديها فرصة جيدة في دخول السوق الصينية، على الرغم من أن تكاليف ومدة الشحن يقفان عائقاً أمام تحقيقها النمو المأمول.
تتمثل أهم السلع التي استوردتها مصر من الصين خلال 2024 في الآلات والأجهزة الكهربائية والمراجل والآلات والسيارات والجرارات والدراجات والحديد والصلب، فيما تشمل الصادرات الفواكه وخامات المعادن والأسمنت والأحجار وأليافاً نسيجية نباتية.
150 مستثمراً صينياً في مصر
من جانبه، قال أحمد منير عز الدين، نائب أول رئيس لجنة تنمية العلاقات مع الصين في "جمعية رجال الأعمال المصريين"، إن هناك 3 وفود تضم رجال أعمال ومستثمرين صينيين ستزور مصر، خلال شهر مايو القادم.
في نوفمبر 2024، شكل مستثمرون صينيون مع القطاعين الخاص والحكومي في مصر، تحالفاً استثمارياً لإنشاء مجمّع زراعي متكامل على مساحة مليون فدان بمحافظة الوادي الجديد، التي تمثل 44% من مساحة مصر الكلية، باستثمارات تُقدر بنحو 7 مليارات دولار، بحسب ما ذكره سابقاً محمد علاء، أمين عام مؤسسة رجال الأعمال المصريين الصينيين لـ"الشرق".
أضاف عز الدين في حديثه مع "الشرق" أن أحد تلك الوفود يضم أكثر من 150 مستثمراً يمثلون كافة القطاعات ويرغبون في مناقشة خطط للتوسع وإقامة مشروعات مشتركة في مصر، موضحاً أنه سيتم تنظيم مؤتمر على مدار يومين بالاشتراك مع اتحادي الصناعات والغرف التجارية لبحث لعرض الفرص الاستثمارية، وكذلك عقد لقاءات ثنائية بين الشركات الصينية ونظيراتها في مصر.
بكين تبحث عن أسواق بديلة
و"تشهد مصر إقبالاً متزايداً من الشركات الصينية على التوسع، في محاولة منها لإيجاد أسواق بديلة للإنتاج والتوريد، لا سيما بعد قرارات الرئيس الأميركي ترمب الأخيرة المتعلقة بالرسوم الجمركية" حسب رجل الأعمال عز الدين.
فرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، رسوماً جمركية متبادلة على عشرات الدول حول العالم في الثاني من أبريل، قبل أن يتراجع ويعلق التعريفات لمدة 90 يوماً، فيما فرض رسوماً تصل إلى 145% على الصين، وبدورها ردت بكين وفرضت تعريفات تصل إلى 125% على السلع الأميركية، مما صعّد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
كشف عز الدين، أن لجنة تنمية العلاقات مع الصين تلقت العديد من الاستفسارات من شركات صينية، لدراسة فرص الاستثمار والشراكة مع رجال الأعمال المصريين، وذلك بعد الإعلان عن رسوم ترمب.