يشكل ارتفاع منسوب مياه المجاري المائية الخطر الأكبر على أمن السدود في العالم، نظراً إلى كونها معرّضة لتداعيات الاختلال المناخي، بحسب ما يؤكده الأمين العام للجنة الدولية للسدود الكبيرة، ميشال دي فيفو، لوكالة "فرانس برس".
وتضم هذه الجمعية التي أُسست عام 1928 علماء من 104 بلدان أعضاء، وأحصت قرابة 60 ألف سد كبير في العالم، يتخطى ارتفاعها 15 متراً أو تحتبس أكثر من 3 ملايين متر مكعب من المياه، نصفها تقريباً في الصين.
ويقول دي فيفيو، في مقابلة مع الوكالة الفرنسية، إن الخطر الأبرز على أمن السدود يكمن في المياه أكثر منه في الهزات الأرضية، إذ عندما ترتفع المياه إلى الجزء غير المغمور من السد تتغلغل فيه وتلحق أضراراً بأسس المنشأة، وقد تطيح بها في نهاية المطاف. ويشتد الخطر بالنسبة إلى السدود الركامية (الترابية)، وهي الأكثر شيوعاً في العالم، مثل سد أسوان المصري.
وبحسب دي فيفو، أقيمت السدود الحديثة في المناطق الجبلية في الصين بتقنية الخرسانة المضغوطة بالمحدلة التي تتيح توفير المواد والتسريع في التشييد. ويُعدّ الصينيون والإسبان روّاداً في هذا المجال.
كيفية الحد من الخطر
يوضح دي فيفو أنه يمكن الحد من هذا الخطر من خلال المراقبة المتواصلة للمنشأة ومحيطها، بواسطة مجموعة أدوات تقيس مدى تنقل مكوّناتها، لافتاً إلى أن غالبية الهيكليات المشيدة منذ سبعينات القرن الماضي مجهّزة بأدوات من هذا النوع.
ويضيف أن هذه المراقبة تتيح أيضاً الاستمرار في تشغيل السد، حتى عند رصد ثغرة، شارحاً أن الثغرات التي لا يتخطى حجمها بضعة سنتمترات لا تعيق كثيراً عمل السدود، إذ لا بد من أن يكون السد قد تضرر بشدة كي ينهار، ويعطي مثلاً على الصين حيث بلغت الفتحة 20 متراً قبل أن ينهار السد.
وبحسب دي فيفو، نشرت اللجنة الدولية للسدود الكبيرة منذ فترة وجيزة إعلاناً عالمياً بشأن أمن السدود، موجّهاً إلى السلطات العامة ومؤسسات التمويل، في ظل تزايد المخاطر المحدقة بالسدود وإقدام مزيد من البلدان على تشييدها. وقال إنه لا بد من تعزيز تدابير الاحتياط، ولا سيما في البلدان النامية.
أثر التغيّر المناخي
وعن مدى مفاقمة التغيّر المناخي لهذه المخاطر، يقول دي فيفو إن الخطر الأبرز يكمن في صعوبة استباق حدوث ارتفاع في منسوب المياه.
ويوضح أن السدود صُمّمت بطريقة تجعلها تقاوم الارتفاع الشديد في منسوب المياه منذ مئات السنين، غير أن التغيّر المناخي بات يغيّر المعادلة، فكميات المياه لا تتزايد بالضرورة لكن التقلبات صارت أكثر شدة، مع فترات جفاف أكثر طولاً، وارتفاع في مستوى المياه أكثر حدة.
ويرى أنه لا بد من مراجعة التوقعات المحلية بالنسبة إلى كل سد، إذا توفرت، معتبراً أن من شأن هذه الخطوة أن تساعد على تعزيز قواعد الإدارة وتكييفها.
وتأتي تصريحات الأمين العام للجنة الدولية للسدود الكبيرة بعد أيام من فيضانات في الصين سببتها سيول شديدة، وأدت إلى انفجار خزّانات بعض السدود وحدوث إصابات خطيرة وخسائر في الأرواح وأضرار في الممتلكات. كما تأتي بعد فيضانات شهدتها القارة الأوروبية بسبب الأمطار الغزيرة، وأدت إلى سقوط 188 ضحية، خصوصاً غرب ألمانيا.