شركات التكنولوجيا تقاوم التعاون مع الحكومة الأميركية في مكافحة القرصنة الصينية

time reading iconدقائق القراءة - 7
مشاة يمرّون قرب مقر شركة غوغل في حي مانهاتن بمدينة نيويورك الأميركية - 17 ديسمبر 2018 - REUTERS
مشاة يمرّون قرب مقر شركة غوغل في حي مانهاتن بمدينة نيويورك الأميركية - 17 ديسمبر 2018 - REUTERS
دبي -الشرق

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، إن الشركات التكنولوجية الكبرى في الولايات المتحدة تقاوم الشراكة مع الحكومة الفيدرالية، الهادفة إلى التصدي لهجمات القرصنة الإلكترونية الصينية، كي لا "يُنظر إليها على أنها أدوات للحكومة الأميركية المعادية لبكين"، خاصة أن العديد من تلك الشركات تستثمر بكثافة في الصين.

وأشار تقرير المجلة إلى أن الهجمات الإلكترونية الأخيرة على شركات أميركية، من بينها اختراق خوادم شركة مايكروسوفت من قبل جهات مرتبطة بالصين، "أدت إلى قيام الإدارة الأميركية بمضاعفة جهودها لإقامة تعاون أوثق بين الحكومة والقطاع الخاص، لبناء دفاعات إلكترونية. لكن الشركات التكنولوجية الكبرى تقاوم".

وأوضح التقرير أن الشركات الأميركية لا تريد أن يُنظر إليها على أنها أدوات للحكومة الأميركية، "حتى حين يكون واضحاً أن الحكومتين الصينية والروسية تنشران شبكاتهما الخاصة لشن عمليات قرصنة مستمرة ضد الشركات الأميركية".

واعتبر التقرير أن "هذا يجعل حرب القرصنة منافسة غير متكافئة"؛ لأن "العديد من تلك الشركات الأميركية معرّضة للخطر بشكل فردي، إذ يعمل معظمها بلا دفاعات معقدة أو بلا توجيهات خبير من القيادة الإلكترونية الأميركية والوكالات الحكومية الأخرى". 

مصالح اقتصادية

ولفت التقرير إلى أن "اختراق عشرات الآلاف من خوادم مايكروسوفت عالمياً في مارس، والذي يعدّ جزءاً من وابل من حوادث القرصنة الأخيرة، أعاد إحياء التوترات بين واشنطن والشركات الأميركية الكبرى، التي تستمتع باستقلالها، خاصة في الصين، أحد أكبر أسواقها. فهي لا تريد أن يتم ربطها بحكومة اتحادية معادية لبكين".

على سبيل المثال، ذكر التقرير أن شركة "غوغل"، رغم علمها بأن الاختراق الذي استهدفها في عام 2010 كانت الحكومة الصينية وراءه، فإنها لا تزال تقاوم جهود مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" ووزارة العدل للوصول إلى سجلاتها التقنية، وغيرها من المعلومات بشأن الاختراق.

ونقل التقرير هذه المعلومات عن مدير التقنيات الاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جيمس لويس، وهو دبلوماسي أميركي كبير سابق في قضايا التكنولوجيا والتشفير، حيث قال إن "غوغل كانت لا تزال تنظر في التكاليف من منظور السوق".

واعتبر لويس أن شركات التكنولوجيا قد تكون مستعدة للتعاون؛ "لأنها سئمت التعرض للضرب طوال الوقت. لكنني ما زلت أعتقد أن هذه شركات أميركية تخدم سوقاً عالمية، لذلك لا تريد أن يُنظر إليها على أنها أدوات للحكومة الفيدرالية".

تهديد قد يغيّر الموقف

ويعتبر البعض في الكونغرس أن الشركات التي دمرتها الاختراقات الإلكترونية ستكون أكثر استعداداً للتعاون، إذ "تتناقص مقاومة القطاع الخاص للتعاون، مع زيادة التهديد السيبراني"، بحسب ما نقلت المجلة عن ناطق نائب باسم رئيس لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ، ماركو روبيو.

لكن، بحسب المجلة، فإن إدارة بايدن تواجه مشكلة تتمثل في أنه ليس هناك الكثير مما يمكنها فعله أو أمره للشركات التكنولوجية، لذا فهي تحاول استخدام الإقناع في الوقت الحالي.

كما تحاول الإدارة أن تتفهم رغبة الشركات الكبرى في عدم المبالغة في الإساءة إلى بكين؛ إذ على الرغم من أن الروابط بين وزارة الأمن الصينية والمخترقين أكثر وضوحاً من تلك بين الكرملين والمخترقين الروس، إلا أن بايدن يقاوم فرض عقوبات مثلما فعل مع روسيا بعد اختراق أنظمة شركة "سولار ويندز" لبرمجة التكنولوجيا. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن العديد من شركات التكنولوجيا الأميركية تستثمر بكثافة في الصين.

التعاون يحدث فرقاً

ومن شأن التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجال مكافحة الهجمات الإلكترونية أن يُحدث فرقاً كبيراً لمصلحة الأمن الإلكتروني، بحسب ما نقلته المجلة عن نائبة مستشار الأمن القومي للأمن السيبراني، آن نويبرغر، التي قالت إنه بعد اكتشاف اختراق "مايكروسوفت" في مارس، أحدث تعاون "مايكروسوفت" الطوعي مع الحكومة فرقاً كبيراً، ووصفته بأنه "سابقة" للشراكة المستقبلية.

وكانت الإدارة طلبت من "مايكروسوفت" مساعدة الشركات الصغيرة في استخدام برامجها. واستجابة لذلك، أصدرت "مايكروسوفت" أداة تخفيف المخاطر، أدت إلى انخفاض عدد الأنظمة المعرضة للخطر من أكثر من 100 ألف إلى أقل من 10 آلاف نظام في أسبوع واحد.


 

سياسة بايدن للدفاع الإلكتروني

ولفت الدبلوماسي الأميركي السابق في قضايا التكنولوجيا والتشفير، جيمس لويس، إلى أن الإدارة الأميركية الحالية برئاسة جو بايدن "فعلت أكثر من أيٍّ من سابقاتها في مجال الأمن السيبراني".

وفي هذا المجال، ذكّرت المجلة بأن مسؤولي إدارة بايدن يتحدثون علناً عن مستوى جديد من التعاون بين القطاعين العام والخاص، لإقامة دفاعات أفضل ضد الهجمات الإلكترونية، خصوصاً أن "البلاد لا تزال حتى الآن غير مستعدة للهجمات الإلكترونية المستقبلية؛ إذ يقرّ المسؤولون بأن معظم الشركات تُعتبر أهدافاً ضعيفة في الوقت الحالي، لا سيما تلك التي تبقي على خوادم خاصة بدلاً من نقل المعلومات الآمنة إلى السحابة، حيث يمكنها الحصول على مراقبة الخبراء واستجاباتهم".

وأضافت المجلة أن بايدن وأعضاء فريقه للأمن القومي وأعضاء من الإدارة، سيعقدون اجتماعاً مع قادة القطاع الخاص في 25 أغسطس، لمناقشة "كيف يمكننا العمل معاً لتحسين الأمن السيبراني للبلاد"، وفق ما نقلته عن تصريح لمسؤول في مجلس الأمن القومي للصحافيين هذا الأسبوع.

ولفتت المجلة إلى أن إدارة بايدن اتبعت أيضاً نهجاً أكثر عدوانية لإجبار القطاع الخاص على التعاون، مثلاً عن طريق تغيير الإرشادات "الطوعية" لمشغلي خطوط أنابيب الطاقة، إلى مطلب "إلزامي" للكشف عن معلومات حول الاختراقات، كتلك التي ضربت خط أنابيب النفط "كولونيال بايبلاين" في مايو.

كما طلب الأمر التنفيذي لبايدن في مايو من الشركات، القيام بمزيد من الترميز الآمن وإتاحة رؤية أكبر لبرامجها. أصدرت الإدارة توجيهاً آخر، الثلاثاء، قائلة إنها ستطلب من خطوط أنابيب محددة "تنفيذ تدابير تخفيف المخاطر، للحماية من هجمات برامج الفدية والتهديدات المعروفة الأخرى" وتطوير خطط التعافي.

وانضم الكونغرس إلى إدارة الرئيس جو بايدن في الضغط على القطاع، إذ يوم الأربعاء، قدّم رئيس لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ مارك وورنر، ونائب رئيس اللجنة ماركو روبيو، وعضو اللجنة سوزان كولينز، تشريعات من الحزبين تطالب الوكالات الفيدرالية بالإبلاغ عن الاختراقات الإلكترونية خلال 24 ساعة من اكتشافها.

اقرأ أيضاً: